الفيلة "بايبي".. رافد سياحي في حديقة "البلفيدير" التونسية

جلب الفيلة سيضيف الكثير إلى الحديقة التي كانت ثرية بأصناف متعددة من الحيوانات.
السبت 2023/05/27
الفيلة "بايبي" تتلقى رعاية خاصة

تونس - بعد مرور عشرين سنة افتقدت فيها حديقة “البلفيدير” في تونس الفيلة، قدمت “بايبي” من فرنسا لتواصل حياتها في “رئة” العاصمة التي تعد ملاذ الجميع كبارا وصغارا.

وجاءت مبادرة جلب الفيلة إلى “البلفيدير” من المواطن التونسي محمد عطية (40 عاما) المختص في ترويض الحيوانات وتدريبها في فرنسا للمشاركة في الأفلام السنيمائية والمسلسلات.

وبدأ الأمر صدفة حين تلقى عطية اتصالا هاتفيا من صديقه الفرنسي بينوا موتا صاحب الفيلة “بايبي” الذّي عمل معه في مجال ترويض الحيوانات المخصصة للمشاركة في الأفلام بالخارج.

وعبر موتا لصديقه التونسي عن نيته نقل الفيلة إلى ألمانيا بعد سنّ قانون فرنسي يمنع الاحتفاظ بعدد من الحيوانات بينها الفيَلة، إضافة إلى أن جمعيات الرفق بالحيوانات كانت تضغط أيضا في هذا الاتجاه.

وحاول عطية إقناع صديقه بأن تكون وجهة الفيلة “بايبي” إلى تونس، وبعد نقاشات بينهما اقتنع موتا ووافق على تقديمها هدية لتونس.

قدوم الفيلة "بايبي" إلى حديقة الحيوانات التونسية أحدث حركية وخلق نشاطا طالما عرفت به منذ عقود

والفيلة “بايبي” التي حلت بحديقة الحيوانات التونسية تبلغ من العمر 38 عاما، وهي أصيلة جنوب أفريقيا كبرت وترعرعت في إحدى المحميات الفرنسية وشاركت في السينما وفي عروض السيرك.

ولم يكن مسار جلب الفيلة يسيرا أمام عطية، فقد تطلب الموضوع أشهرا، مرورا بعدة إدارات لإعداد الوثائق اللازمة.

وفي حديث للأناضول يقول محمد عطية في هذا الخصوص إن “جلب الفيلة ‘بايبي’ إلى ‘البلفيدير’ استغرق ثلاثة أشهر.. وأنا أعتبر ما قمت به فخرا لتونس وفخرا لي كمواطن عادي”.

وأضاف “لم يكن لدي أي هدف أو غاية أخرى غير إثراء هذه الحديقة التي تحمل رمزية تاريخية كبيرة في قلوب التونسيين، والتي تعد ملاذ العائلات بسيطة الدخل ترتادها بسعر زهيد”.

وأكد عطية تحمله أتعاب نقل “بايبي” بمفرده، وأن هدفه الوحيد خدمة بلاده وتقديم هبة للحديقة التي تأسست منذ سنة 1963.

وأضاف أن “إدارة الحديقة لم تتعامل مع الموضوع بجدية في البداية.. لكنهم سرعان ما أعجبوا بالفكرة خاصة وأن الحديقة كانت تفتقر إلى أصناف عديدة من الحيوانات من بينها الفيلة فآخرها توفيت منذ 20 سنة وكانت تدعى ‘بامبي'”.

معدل عمر الفيل الأفريقي يتراوح بين 60 و70 سنة وقد يتجاوزها إذا وجد الرعاية والعناية اللازمة

وتطرق عطية إلى بعض الصعوبات التي تعرض خلال عملية جلب الفيلة “بايبي”، إذ تطلب الأمر القيام بتحاليل إضافة إلى إعداد الشهادات الصحية والبيطرية وإثبات عدم حمل الفيلة لأي أمراض معدية.

وعادة ما يخضع الفيل إلى عمليات مراقبة كل ستة أشهر، يتم خلالها أخذ عينات دم وتحليلها لأنه من الحيوانات المعرضة لأمراض منقولة مثل الأبقار تماما، بحسب عطية.

ووفق عطية فإن “جلب مثل هذه الحيوانات الضخمة يتطلب ترخيصا (إذن) من قبل الدولة المضيّفة (تونس) يمكنها من كسب هذا الحيوان فضلا عن التأكد من أنه لم يخضع لعملية بيع وشراء”.

وتابع أن معدل عمر الفيل الأفريقي يتراوح بين 60 و70 سنة وقد يتجاوزها إذا وجد الرعاية والعناية اللازمة.

وأحدث قدوم الفيلة “بايبي” إلى حديقة الحيوانات التونسية حركية وخلق نشاطا طالما عرفت به منذ عقود وكاد يمحي مع مرور الزمن بسبب فقدانها لبعض أنواع الحيوانات.

ففي مدخل الحديقة تجد الباعة المتجولين وأصحاب المهن الصغرى، ممن يقتاتون ببيع لعب أو بعض الحلوى أو بالونات لأطفال جاؤوا خصيصا لرؤية “بايبي”.

ولعطية مبادرات قادمة، إذ سيتم العمل على مزيد إثراء الحديقة وجلب حيوانات أخرى على غرار الزرافات والكنغر وفقمة الماء وسيتم العمل لاحقا على عدم وضع الحيوانات وراء القضبان.

Thumbnail

من جانبها قالت مريم الدخيلي الطبيبة البيطرية ومديرة حديقة الحيوانات إنهم تفاعلوا إيجابيا مع فكرة جلب الفيلة إلى الحديقة التي كانت تفتقر لهذا الحيوان على مدى 20 سنة، خاصة وأنه كانت لديهم مساع لاقتناء فيلين صغيرين إلا أن سعرهما بلغ 300 ألف يورو.

وأضافت الدخيلي “الفيلة ‘بايبي’ وصلت إلى تونس في وقت قياسي وأتممنا كامل الإجراءات الضرورية والقانونية خاصة منها المتعلقة بقانون واشنطن المتعلق بالرفق بالحيوان وحمايته من التعذيب وغيرها من أعمال العنف التي قد يتعرض إليها”.

وبحسب الدخيلي فإنه تم تخصيص “مساحة تمتد على 3 آلاف متر مربع لـ’بايبي’ بها بيت كبير ومسبح خاص بها”.

وتعتبر المسؤولة أن جلب الفيلة سيضيف الكثير إلى الحديقة التي كانت ثرية بأصناف متعددة من الحيوانات، والتي تبقى المتنفس الوحيد للمواطنين في العاصمة تونس.

ووفق المديرة فإنّ أسعار الدخول إلى حديقة الحيوانات تعد في متناول الجميع، فبإمكان الكبار القيام بجولة فيها بـ1.5 دينار (0.4 دولار) فيما يرتادها الصغار بـ1.1 دينار (0.3 دولار)، فالهدف منها ليس ربحيا وإنما إدخال البهجة على قلوب العائلات وخاصة الأطفال.

و”البلفيدير” هي حديقة عمومية تقع وسط مدينة تونس، تبلغ مساحتها حوالي 12 هكتارا وتأسست سنة 1963، وتوجد بها أنواع عديدة من الأشجار من صنوبر ونخيل وزيتون وغيرها، إلى جانب مجموعات هامة من الحيوانات والطيور من مختلف قارات العالم.

16