الفيضانات تشرّد سكان قرى يونانية

إيتيا (اليونان) - بعد ثلاث سنوات من الدمار الذي أحدثه إعصار "يانوس"، عاد كابوس الفيضانات الكارثية إلى سهل ثيساليا، مما أدى إلى غرق قرى بأكملها تحت أطنان من المياه وتسبب في تدمير البنية التحتية والمحاصيل ونفوق الماشية. وحولت العاصفة التي أطلق عليها اسم “دانيال” الشوارع إلى سيول وغمرت المياه المنازل وجرفت الأمواج السيارات في فلوهوس وميتامورفوسي وبالاماس وكيراميدي وفاركادونا التي انقطع فيها التيار الكهربائي.
وفي فاركادونا على بعد 330 كيلومترا شمال غرب العاصمة اليونانية، وصل منسوب المياه إلى أكثر من متر وغمرت الكثير من المنازل. وقالت إليفتيريا كوتاريلا وهي مزارعة في الأربعين من العمر وأم لثلاثة أطفال "هذا واحد من أصعب الأوقات في حياتي، دخلت المياه إلى المنزل ويمكث الأطفال عند الجيران".
من جهته روى دميتريس تيودورو (70 عاما) الذي غمرت المياه حقول الذرة التي يملكها أن "الوضع مأساوي، كمية المياه كبيرة جدا ولا أعتقد أننا سننجو من الأضرار". وقال يانيس أرتوبيوس المتحدث باسم فرق الإطفاء، إن سهل ثيساليا، وهو الأكبر في اليونان وتعبره أنهار طويلة بات "بحيرة ضخمة".
وأمضى فايوس سبيروبولوس مثل العشرات من سكان إيتيا في ثيساليا وسط اليونان ليل الخميس - الجمعة في مبنى تابع للبلدية على مرتفعات البلدة التي غمرت المياه معظم منازلها وطرقاتها بعد هطول أمطار غزيرة. وقال هذا التاجر البالغ 36 عاما “هطلت الأمطار من دون توقف خلال الأيام الثلاثة الماضية، وساعدنا جيراننا المسنين على الخروج من منازلهم بواسطة جرارات. سادت حالة من الذعر".
وكما هي الحال في معظم القرى في مقاطعة كارديتسا الواقعة في وسط سهل ثيساليا، تشهد إيتيا انقطاعا للتيار الكهربائي منذ يومين، فيما لا يزال الوصول إلى هذه البلدة التي يبلغ عدد سكانها 700 شخص صعبا بعدما وصل مستوى المياه إلى متر تقريبا. ومنذ الخميس، بدأت مروحيات وفرق الإطفاء بقوارب نجاة والجيش عملية لإنقاذ العشرات من سكان قرى باتوا عالقين فيها بسبب الفيضانات الناجمة عن الأمطار الغزيرة التي تساقطت على سهل ثيساليا الكبير في وسط البلاد.
وامتدت الأضرار الناجمة عن الفيضانات التي حدثت الأربعاء بكارديتسا إلى المتاجر والأدوار الأرضية والأقبية، ويرجع ذلك بالأساس إلى عدم كفاية شبكة الصرف الصحي.
ويتصاعد الغضب، حيث أشار السكان المحليون إلى كارثة مروعة سيتم الكشف عن حجمها الكامل بعد حوالي أسبوع، عندما تتم تلبية الاحتياجات العاجلة وانحسار منسوب المياه الذي ارتفع في الكثير من المناطق إلى أكثر من مترين أو ثلاثة أمتار. وروى سبيروبولوس "غمرت المياه معظم المنازل في القرية. نحن نعيش كابوسا". ووجد مسنّون ملاذا في المبنى بالإضافة إلى نيكوس أغوراستوس حاكم مقاطعة ثيساليا. وقال "لم يشهد أحد هنا وضعا مماثلا. الناس يائسون والأضرار لا تحصى".
وأضاف "العديد من القرى محاصرة ولا يمكن الوصول إليها إلا بمروحيات أو زوارق"، مشيرا إلى أن ست مروحيات و30 زورقا ومركبة عسكرية خاصة تنشط في المنطقة. وحول إيتيا، انهارت جسور ودمرت شبكة الطرقات وغرقت حيوانات وجرفت المياه خلايا نحل، فيما غطت المياه والوحول الآلاف من الهكتارات من المحاصيل.
وفي بالاماس حيث وصل منسوب المياه إلى مترين، بقي عشرة أشخاص من بينهم ثلاثة أطفال وشخص يعاني مشكلات قلبية عالقين على شرفة منزلهم منذ الأربعاء دون "أي مساعدة"، وفق ما قال أحد السكان في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس.
◙ السكان المحليون أشاروا إلى كارثة مروعة سيتم الكشف عن حجمها الكامل بعد حوالي أسبوع عندما تتم تلبية الاحتياجات العاجلة وانحسار منسوب المياه
من جهته، قال ساكيس سبيروبولوس "نطلب الحصول على مساعدة منذ الأربعاء لكن لا أحد يجيبنا (..) منسوب المياه ارتفع إلى مترين وليس لدينا ماء للشرب". والخميس، عثر على جثتَي امرأتين مسنتين في قرية أسترتيتسا المجاورة، ما رفع حصيلة قتلى الأمطار الغزيرة التي هطلت من الثلاثاء إلى الخميس في اليونان إلى ستة أشخاص.
وأفاد عناصر الإطفاء أن هناك ستة أشخاص على الأقل في عداد المفقودين، خصوصا في مقاطعتي مغنيسيا وكارديتسا، وكلتاهما في ثيساليا الواقعة على مسافة 300 كيلومتر شمال أثينا. ويخشى السكان ارتفاع عدد الضحايا. وقال كريستودولوس ماكريس (53 عاما) وهو مزارع تمكن من مغادرة بالاماس الخميس بجراره قبل العثور على ملجأ في مبنى بلدية إيتيا "من شبه المؤكد أنه سيتم العثور على ضحايا آخرين".
وأضاف “نعلم أن بعض الأشخاص في بالاماس، خصوصا كبار السن، لم يُظهروا أيّ علامات تفيد بأنهم مازالوا على قيد الحياة منذ ثلاثة أيام. وفي بعض الأماكن، غطت المياه منازل بشكل كامل فيما انهارت أخرى. مازلنا غير قادرين على تصديق ما حدث".
إلى جانبه، انتقد فاسيليس (52 عاما) السلطات، قائلا “في سبتمبر 2020، كانت قرانا في كارديتسا أيضا ضحية للفيضانات لكن لم تُتخّذ أي تدابير وقائية". وأضاف المزارع طالبا عدم كشف اسمه الكامل "بعض الأشخاص مسؤولون عن هذا الوضع ويجب محاسبتهم".