الفنانون الإيرانيون في المنفى يبتكرون وسائل جديدة لمعارضة النظام

الآليات التقليدية لوحدها لا تكفي للضغط على الحكومة في طهران.
الثلاثاء 2022/06/07
معارضة الداخل لا تكفي

سلط منتدى أوسلو للحرية، الذي يُعد تجمعا سنويا للنشطاء والمعارضين السياسيين من العديد من الدول، الضوء على وسائل جديدة نجح فنانون إيرانيون موجودون في المنفى في ابتكارها وتعتبر أكثر رمزية في معارضة النظام الإيراني بقيادة آية الله علي خامنئي.

أوسلو - نجح الفنانون الإيرانيون المتواجدون بالمنفى في ابتكار وسائل جديدة لمعارضة النظام في طهران الذي يواجه ضغوطا متزايدة ترجمتها الاحتجاجات الأخيرة رغم نجاحه في قمعها كما هو الحال لعدة انتفاضات أخرى شهدتها البلاد في السنوات الأخيرة احتجاجا على الأوضاع التي باتوا يرزحون تحت وطأتها.

وسط منتدى أوسلو للحرية الذي يعتبر تجمعا سنويا للنشطاء والمعارضين السياسيين من عدة دول الضوء على هؤلاء الفنانين الإيرانيين وآليات معارضتهم من المنفى. ويمنح المنتدى جائزة فاكلاف هافيل للمعارضة الخلاقة لأولئك الذين يضفون إبداعا وخيالا على ممارسة أنشطتهم لجذب أنظار العالم إلى قضاياهم.

سيارة للاحتجاج

يواجه الحاضرون في منتدى أوسلو للحرية التحدي المتمثل في جعل العالم يبدي اهتماما بالطغاة الذين يحكمون قبضتهم لفترات طويلة على السلطة في بلدانهم.

ويرى المحلل الأميركي الهندي الأصل بوبي جوش أن “مرور عقود من الزمن يجعل جذب الاهتمام الدولي بمحنة الكوبيين أو الزيمبابويين أكثر صعوبة، ومازال هذا الأمر سيزداد أكثر صعوبة لأن أسبابا أحدث مثل مأساة الإيغور في إقليم شينجيانج غربي الصين تستوجب الإعراب عن قلقنا الجماعي”.

بوبي جوش: الجهود التقليدية غير كافية لإبقاء قضية الحرية في إيران حية

وكان من بين الفائزين السابقين، الفنان الصيني المعارض آي ويوي، والفنانة الكوميدية الإندونيسية ساكديا معروف، وفنان الهيب هوب إيمانويل جال من جنوب السودان.

وإذا كان قد يتم استخدام الفن والكوميديا والموسيقى منذ فترة طويلة في قضايا سياسية، فإن أحد المشاريع الفائزة بالجائزة هذا العام يقدم شيئا مختلفا ألا وهو استخدام سيارة لخدمة هذه القضايا.

وتحول مشروع “بايكان ارت كار”، وهو سيارة صالون إيرانية الصنع كان شاه إيران رضا بهلوي قد منحها للدكتاتور الروماني نيكولاي تشاوشيسكو، إلى وسيلة لممارسة النشاط السياسي ضد النظام الإيراني بقيادة المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي.

وتتمثل الفكرة في استخدام السيارة كلوحة رسم يستطيع الفنانون الإيرانيون من خلالها الاحتجاج على عمليات النهب من جانب النظام في طهران.

والفنان الأول الذي استخدم هذه الوسيلة هو على رضا شوجايان، وهو فنان إيراني المولد ومقيم في باريس اختار أن يلفت الانتباه لمحنة مجتمع الميم ‘زائد’ في إيران وهم السحاقيات والمثليون ومزدوجو الميل الجنسي ومغايرو الهوية الجنسية.

وتشير “زائد” إلى الهويات الجنسية الأخرى.

ورسم شوجايان مستخدما خلفية صفراء صورا لعلي فاضلي مونفرد، وهو رجل (20 عاما) من منطقة الأهواز جنوب غربي إيران، ترددت مزاعم بأن أقاربه قاموا في العام الماضي بقطع رأسه لأنه مثلي الجنس.

وهذا الأسلوب يُذكر بالملحمة الفارسية من القرن العاشر والمعروفة باسم شاهنامه، وقال الفنان شوجايان إن إحدى قصص هذه الملحمة، وهى مأساة روستم وسوهراب، والتي قتل فيها أب ابنه، كانت بمثابة إلهام له بصفة خاصة.

وتُنكر طهران أي قمع للأقليات مبررة الانتهاكات التي يتم رصدها بمخالفة القوانين والأعراف والمبادئ في ظل نظام الحكم الديني المتشدد.

إنكار القمع

Thumbnail

أعلن الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد في تصريح شهير أنه ليس هناك مثليون جنسيا في إيران، وبرر وزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف إعدام مثلي الجنس بأنه يأتي تطبيقا “للمبادئ الأخلاقية” للمجتمع الإيراني.

وقالت هيفا فيزي المديرة التنفيذية لمشروع “بايكان ارت كار” إن المشروع يبحث الآن عن فنان ثان لاستخدام السيارة كجدارية لقضية أخرى.

وأضافت “يمكنهم أن يقرروا قضية معينة طالما أنها مرتبطة بإيران، ويمكن أن تكون هذه القضية عن حقوق المرأة والمخاوف البيئية أو أي شيء آخر”.

ويدير مشروع “بايكان ارت كار”، وهو غير ربحي مقره ولاية فلوريدا الأميركية، مارك والاس الذي كان دبلوماسيا بالأمم المتحدة إبان حكم الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش الابن.

ويترأس والاس أيضا مجموعة “متحدون ضد إيران النووية“، التي تنتهج وسائل ضغط أكثر تقليدية، حيث تحث صناع السياسة في واشنطن على عدم تقديم تنازلات لطهران والضغط على الشركات لوقف تعاملاتها مع إيران.

ويرى جوش في تحليل نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء أن مشروع “بايكان ارت كار” في الواقع يعد بمثابة اعتراف بأن الجهود التقليدية ليست كافية لإبقاء قضية الحرية في إيران حية في أذهان الشعب هناك.

مشروع "بايكان ارت كار" يديره مارك والاس الدبلوماسي السابق بالأمم المتحدة

ويخاطب المشروع بالتأكيد الإيرانيين في الشتات الذين تعد السيارة بايكان، والتي تعني السهم باللغة الفارسية، رمزا وطنيا بالنسبة إليهم.

وقدم الشاه السيارة كهدية لنظيره الطاغية تشاوشيسكو في عام 1974 عندما كانت الدول النامية تفتخر بصفة خاصة بتصنيع السيارات.

وكانت السيارة لا تزال صالحة للاستخدام عندما تمت الإطاحة بتشاوشيسكو في عام 1989، وتم عرضها مرتين للبيع في مزاد قبل أن يقتنيها مشروع “بايكان ارت كار”.

ومنذ إعادة استخدامها كجدارية متنقلة، تم عرض السيارة في الولايات المتحدة وكندا وفي أوروبا.

وقالت فيزي إنه على الرغم من أن المجموعات الإيرانية في الشتات كانت في البداية متشككة في استخدام السيارة للترويج لحقوق مجتمع “الميم زائد”، فإنها تأتي لرؤيتها وأن معظمها توافق على أن استخدامها كوسيلة احتجاج تعد فكرة مبتكرة وطريقة جيدة لجذب الانتباه لأوضاع الشعب في إيران.

وأكد جوش أن هذه السيارة قامت خلال منتدى أوسلو للحريات بعمل أفضل كثيرا من جمع متنافر للمعارضين الإيرانيين المقيمين في أوسلو، الذين يتجمعون على نحو منتظم أمام البرلمان النرويجي لترديد شعارات تدعو إلى سقوط النظام في طهران، ما يشير إلى أنه ليست لديهم فكرة عن المعارضة الخلاقة.

مشروع بايكان آرت كار وهو سيارة إيرانية الصنع كان الشاه رضا بهلوي منحها للدكتاتور الروماني نيكولاي تشاوشيسكو تحول إلى وسيلة لمعارضة خامنئي
مشروع بايكان آرت كار وهو سيارة إيرانية الصنع كان الشاه رضا بهلوي منحها للدكتاتور الروماني نيكولاي تشاوشيسكو تحول إلى وسيلة لمعارضة خامنئي

6