الفقر المائي يضغط على المزارعين في سوريا

إنتاج القمح انخفض من 2.8 مليون طن في عام 2020 إلى 1.05 مليون طن فقط في عام 2021.
السبت 2022/10/15
مظاهر الجفاف تنتشر في كل مكان

دمشق - تتعالى أصوات مجتمع المزارعين في سوريا بسبب القلق من انعكاسات قلة الأمطار، وسط تحذيرات من دخول البلد في نفق الفقر المائي الحاد ما سيضع السكان وباقي القطاعات الاقتصادية المعتمدة في إنتاجها على هذا المورد أمام كارثة حقيقية.

واعتقد المزارعون أنه مع نهاية الأعمال القتالية وسيطرة الحكومة في دمشق على معظم الأراضي التي كانت خارج سيطرتها، ستنتهي معاناتهم التي استمرت لسنوات، لكن يبدو أن الأمر لم يكن كذلك.

ولم يتخيل الكثيرون منهم أو يخطر على بالهم أبدا أن يكون المناخ وعوامل تغيره صعبين مثل المعارك، فبات المشهد حاليا مقلقا للغاية لهؤلاء المزارعين الذين ينتظرون بفارغ الصبر نزول المطر ليحصلوا على محصول وفير.

وحتى المناطق الخاضعة لسيطرة الأكراد تعاني من المشكلة ذاتها حيث تنتشر مظاهر الجفاف في الكثير من الحقول ولا توجد بدلائل لاستجرار الماء أو حتى التمويلات الكافية لحفر الآباء.

ففي محافظة الحسكة شمال شرق البلاد، والمعروفة بأنها تشكل السلة الغذائية للبلاد، كان المزارعون يترنحون تحت وطأة الجفاف الشديد، وهي مشقة لا يمكن أن تمر دون أن يلاحظها أحد أو تعالجها السلطات أو الأمم المتحدة.

ونسبت وكالة "شينخوا" الصينية إلى المزارع عبدالله الحسين قوله "في محافظة الحسكة نعاني كثيرا، أوّلا ابتلينا بالجفاف خلال العامين الماضيين، وقبل ذلك، واجهنا حرائق المزروعات التي تسببت فيها القوات الأميركية والقوات الموالية لها".

محمد حسان قطنا: مخزون السدود شحيح والمياه الجوفية في حدود حرجة

أما كرمو علي فيؤكد أن قريته فيها مساحات كبيرة من الأراضي الصالحة للزراعة، وكانت الأمطار تهطل بشكل كاف في السنوات الماضية، لكن الوضع مفزع الآن، مضيفا "يتعين علينا انتظار هطول الأمطار المناسبة للحصول على حصاد وفير".

وقال كرمو "هذا هو واقعنا وقد فرّ معظم الناس من منازلهم بسبب قلة العمل والحصاد”، مؤكدا “لقد أصبح الوضع سيئا للغاية".

وفي مارس الماضي، قالت الأمم المتحدة إن العام الماضي شهد أسوأ جفاف في البلاد منذ أكثر من سبعة عقود، مما أثر على وصول مياه الشرب وتوليد الكهرباء ومياه الري للملايين.

وأضافت أن أزمة المياه أهلكت محصول القمح في البلاد، حيث انخفض الإنتاج من 2.8 مليون طن في عام 2020 إلى 1.05 مليون طن فقط في عام 2021.

وقال وزير الزراعة، محمد حسان قطنا، في تصريحات إذاعية محلية مؤخرا إن “انخفاض معدل هطول الأمطار أدى إلى انخفاض كميات المياه المخزنة في السدود إلى نسبة 52 في المئة”.

وأكد أيضا أن المياه الجوفية انخفضت إلى حدود حرجة، وخروج المساحات المزروعة وعدم وصولها إلى مرحلة الإنبات، وبالتالي خسارتها.

وفي يناير الماضي، ذكرت وزارة الإدارة المحلية والبيئة أن البلاد تواجه أسوأ موجة جفاف منذ عقود نتيجة قلة الأمطار والعواصف المطيرة الغزيرة بالمناطق الساحلية، مما ألحق أضرارا بالمحاصيل، بالإضافة إلى ارتفاع درجات الحرارة في بعض المناطق الأخرى.

ونقلت صحيفة “البعث” الحكومية مؤخرا عن مديرة السلامة البيئية في الوزارة رويدا النهار، قولها إن “ظاهرة الجفاف من أبرز التحديات التي تؤثر على التنمية في سوريا”.

وأشارت إلى أن تأثيرات الجفاف يمكن رؤيتها في جميع الأنشطة وخاصة الزراعية والاقتصادية والاجتماعية بدرجات مختلفة. وأكدت أن “إحدى السمات الرئيسية للجفاف في سوريا هي عدم القدرة على التنبؤ به”.

كما أثر الجفاف على تجار الماشية، حيث انخفضت أسعار الأغنام بشكل كبير بسبب نقص العلف والجفاف.

ويقول أبوبشار، وهو مزارع وتاجر مواشي إن سعر الخروف الواحد بلغ مليون ليرة (نحو 400 دولار)، ولم يعد أحد يشتري المواشي بسبب قلة العلف والجفاف. وأضاف “لم نشهد مثل هذا العام من قبل”.

وكان رائد حمزة، مدير السياسات الزراعية في وزارة الزراعة، قد قال في مقابلة مع “شينخوا” مؤخرا، إن “تغير المناخ تسبب في انخفاض الإنتاج بنسبة 40 في المئة على الأقل”، مضيفا أن “قلة الأمطار هي العامل الرئيسي لأنها تؤثر على ري الأراضي”.

وأوضح أن نسبة إنتاج المحاصيل قبل الحرب كانت تتراوح بين 85 و90 في المئة لكن قلة الأمطار والأسمدة أثرت على نسبة الإنبات وحجم الإنتاج بشكل عام.

وتشير تقديرات مديرية الزراعة إلى أن خسائر القطاع الزراعي بين عامي 2011 و 2016 بلغت نحو 16 مليار دولار.

11