الفطريات لبناء المنازل على سطح القمر وكوكب المريخ

ناسا تأمل في أن يتمكن الفطر من بناء منازلنا المريخية في المستقبل دون تكاليف التوصيل الباهظة.
الثلاثاء 2024/07/16
يقاوم الظروف الصعبة في الفضاء

كاليفورنيا (الولايات المتحدة) - بناء منزل على الأرض أمر يسير، فيمكن للمرء الاتصال بأيّ شركة متخصصة في هذا المجال والتي توفر معدات وأدوات البناء ويتم تحديد موعد للاستلام وينتهي الأمر بسهولة.

ولكن شحن خشب ومعادن وزجاج إلى المريخ، الذي يقع على بعد ملايين الأميال، ولا يمكن الوصول إليه سوى على متن مركبة فضائية، يعد أمرا أكثر صعوبة.

وذكرت شركة “باي أريا نيوز غروب” الإعلامية أن فريقا بمركز” أميس” البحثي في الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء (ناسا) عرض مقترحا وهو “استخدام خيوط فطرية من الفطر (المشروم) لإنتاج مواد البناء”.

وإذا تم شحنها كجراثيم صغيرة، تأمل ناسا في أن يتمكن الفطر من بناء منازلنا المريخية في المستقبل دون تكاليف التوصيل الباهظة.

وقالت المحققة الرئيسية لين روثشيلد، التي سوف يحصل فريقها على مليوني دولار على مدار عامين لتطوير هذه الفكرة “حاليا، تصميمات أماكن المعيشة التقليدية بالنسبة إلى المريخ مثل السلحفاة، حمل منازلنا على ظهورنا”. وأضافت “هذا أمر مضمون بنسبة 100 في المئة، ولكن يتطلب استهلاك كمية كبيرة من الطاقة لحملها”.

وفي صوان بها مكعبات ثلج في معمل دون نوافذ، تقوم روثشيلد بالعمل على نمو الفطر لاختبار مدى مقاومته للظروف الصعبة في الفضاء، مثل الحرارة الشديدة والبرد القارس. ويقوم مايكل رينستادتر، الذي يعمل بجامعة ماك ماستر في كندا، زميل روثشيلد، بتعريض الفطريات للجاذبية الصغرى والإشعاعات الأيونية المميتة.

في الوقت الذي تستعد فيه ناسا لاستكشاف الكون بصورة غير مسبوقة، سوف يتطلب الأمر علوما وتكنولوجيا جديدة لم تظهر بعد

والهدف هو تصنيع منتج، مثل لوح الجسيمات، يمكن استخدامه لبناء المنازل وأماكن اصطفاف السيارات والحظائر والأثاث، ولا يستخدمه فقط رواد الفضاء، ولكن يوما ما يستخدمه المواطنون العاديون أيضا. وتهدف حملة “أرتيميس” التابعة لناسا إلى إرسال الأشخاص إلى القمر في 2026. والعيش في المريخ لا يبدو بعيدا عن ذلك.

وقال بيل نيلسون المسؤول بناسا في بيان مكتوب “في الوقت الذي تستعد فيه ناسا لاستكشاف الكون بصورة غير مسبوقة، سوف يتطلب الأمر علوما وتكنولوجيا جديدة لم تظهر بعد”. وأضاف “هذا البحث الجديد خطوة كبيرة لحملة أرتيميس، في الوقت الذي نستعد فيه للعودة إلى القمر للعيش والتعلم والابتكار ثم نغامر بالذهاب إلى المريخ وما أبعد منه”.

الحياة في كبسولة فضائية أمر مقيد للغاية. وكان النموذج القمري لمركبة أبولو 11 في عام 1969، الذي أرسل رائدي الفضاء نيل أرمسترونغ وباز ألدرين إلى القمر بحجم زنزانة ” بلوك سي” للسجناء في سجن ألكاتراز الاتحادي.

يمكنك على الأرض حجز مكان معيشة مع موقع “إير بي أن بي” أو الاشتراك في تأجير مكان مع الأصدقاء. مع ذلك، على المريخ، يبدو مستقبلنا أكثر ظلاما: التجمد الذي يؤدي إلى الوفاة والتسمم بأكسيد الكربون والتعرض للإشعاع أو الامتصاص إلى الفضاء بسبب الغبار الضخم. كما لا يوجد رقم للاتصال به وقت الطوارئ، وكوكب المريخ لن يبالي بمعاناتنا.

ولكن بناء منزل على القمر أو كوكب المريخ أمر شاق. وقالت روثشيلد “عندما نخرج من كوكب الأرض، تكون لدينا مشكلة كبيرة جدا تتعلق بالكتلة الضخمة وتتمثل في تكلفة نقل الحمولة في الفضاء”.

وأوضحت عندما يكون البناء في منزل أو عمل “لا أهتم ما إذا كان غرض مّا يزن 300 رطل. ولكن هناك تكاليف إطلاق من أجل إخراج غرض ثقيل من الجاذبية الأرضية. هل يمكن أن أخفض وزن قطعة المعدات التي تزن 300 رطل إلى ربما 30 أوقية؟”.

وأضافت أن “الحياة” التي تبدأ بخلية أو بذرة صغيرة” يمكن أن تحل هذه المشكلة الخاصة بالكتلة الضخمة المراد نقلها للفضاء”.

فطر "جانوديرما لوسيدوم" يقدم الإستراتيجية الأكثر عملية من أجل تنفيذ مشروع السكن خارج الأرض

ويبدو أن فطرا معروفا من الفصائل ذات اللون الأحمر يطلق عليه “جانوديرما لوسيدوم” يقدم الإستراتيجية الأكثر عملية من أجل تنفيذ المشروع. وينشأ هذا الفطر في مناطق بأوروبا والصين، حيث ينمو على أشجار الخشب الصلبة المتحللة.

ويتم شحن الفطر بصفته جراثيم نائمة في بيئة مدمجة، ثم تبدأ في النمو عقب تغذيتها بالمياه ونظام تغذية من الطحالب وشرائح الخشب المعاد ترطيبها أو مرق مغذ. وفي حال خلطها بالحطام الصخري يمكن أن تشكل الصخور والغبار المتناثر على سطح القمر والمريخ، هيكلا قويا.

وتقول روثشيلد إن الفطريات، وهى عبارة عن ملايين الخطوط تحت الأرض التي تكوّن الهيكل الجذري للفطريات، تقوم بملء أيّ مساحة أمامها.

وتأخذ بعد ذلك الفطريات شكل هيكل قابل للنفخ مصمم مسبقا مثل البالون. وأوضحت روثشيلد” الفطريات لا تهتم ما إذا كانت تنمو لتأخذ شكل منزل أو طاولة أو كرسي”. ويحتوى الهيكل على نمو فطري لمنع تلوث بيئة المريخ. يشار إلى أن خروج الفطريات من الإطار يمكن أن يدمر الفصائل الأخرى.

وقالت روثشيلد” إذا كانت هناك حياة أخرى على المريخ، سوف تكون أكبر خسارة إذا قمنا بتدميرها”.

ولكن هناك تحديات، لأن الفطريات تتطلب رعاية. عندما يكون الطقس باردا للغاية، تنمو ببطء، وعندما يكون حارا للغاية، تتحول إلى غبار. ومن أجل مواجهة الضرر الإشعاعي سوف يتم إخضاع الفطريات للهندسة البيولوجية لكي تحتوي على صبغة حمائية يطلق عليها “ميلانين” وهى عبارة عن مادة لزجة سوداء تنمو داخل غسالات الأطباق والأسطح الداكنة الرطبة الأخرى.

وبمجرد مرورها عبر الاختبارات الصعبة، سوف يتم إرسال الفطريات إلى معمل ديبي سينسكي في جامعة ستانفورد من أجل التقييم الميكانيكي. وسوف يسأل الفريق “هل تغير الظروف القاسية للمريخ من مقاومة الفطر المادية”.

ويمكن أن يصنع الفطر هيكلا خلال عدة أسابيع، حسبما قالت روثشيلد. ومن أجل توفير الوقت، ربما تبدأ ناسا في البناء خلال زيارة سريعة أولية، بحيث ينتهى العمل بحلول وقت وصول رواد الفضاء.

وفي حال نجح الأمر، فإن الفطريات يمكن أن تقدم حتى فطرا قابل للأكل. وقالت روثشيلد “ألن يكون الأمر مثيرا، أن نحظى بطاولة تنتج عشاءنا”.

16