الفضاء.. المحطة التالية للروبوتات البشرية

على عكس الشخصية الأسطورية الأسكندنافية فالكيري، التي تستعد مع أبطال مختارين لمعركة نهاية العالم، للروبوت فالكيري الذي تعمل ناسا على تطويره مهمة أخرى هي المساعدة على اكتشاف الفضاء وإنقاذ العالم.
هيوستون (الولايات المتحدة) - بطول يبلغ 188 سنتيمترا ووزن 136 كيلوغراما.. يعتبر الروبوت الأنثوي الشبيه بالبشر (فالكيري) التابع لإدارة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا) نموذجا مهيبا جديرا بالاحترام.
تم تصميم الروبوت الذي سمّي على اسم شخصية أنثوية في الأساطير الأسكندنافية، هي فالكيري، للعمل في بيئات صعبة من صنع الإنسان، أو للعمل في مناطق تعرضت للكوارث الطبيعية. ويتم اختبارها حاليا في مركز جونسون للفضاء في هيوستن، تكساس. لكن الروبوتات الشبيهة بفالكيري يمكن، كما تأمل ناسا، أن تعمل يوما ما في الفضاء.
والـ”فالكيري” وفق اللغة النوردية الأسكندنافية القديمة، امرأة بجناحين، تهبط من السماء لاختيار محاربين شجعان يموتون في المعارك، لتأخذهم بعد ذلك إلى قاعة الأبطال، في مكان يسمى فالهالا، حيث ينضمون إلى الإله أودين. وهناك تسقي الفالكيريات الأبطال شراب الميد، وتستعد معهم لمعركة نهاية العالم.
تصمم الروبوتات البشرية عادة على شكل إنسان، بجذع ورأس وذراعين وساقين، وذلك لقناعة من المهندسين أن الروبوتات البشرية ستتمكن في النهاية، بعد تزويدها ببرامج مناسبة، من إنجاز الأعمال التي ينجزها البشر مستخدمة نفس الأدوات والمعدات.
وهو ما وضّحه شون عظيمي، قائد فريق الروبوتات في ناسا، بقوله إن الروبوتات البشرية في الفضاء يمكن أن تتعامل مع مهام محفوفة بالمخاطر، مثل تنظيف الألواح الشمسية أو فحص المعدات المعطلة خارج المركبة الفضائية، حتى يتمكن رواد الفضاء من إعطاء الأولوية للاستكشاف والاكتشاف.
ويضيف عظيمي “نحن لا نحاول استبدال الطواقم البشرية، بل نحاول فقط إزالة العمل الممل والقذر والخطير من المهام الموكلة إليهم، والسماح لهم بالتركيز على الأنشطة عالية المستوى”.
وتتعاون ناسا مع شركات الروبوتات مثل “أبترونيك” ومقرها أوستن – تكساس، لمعرفة كيف يمكن للروبوتات البشرية التي تم تطويرها للأغراض الأرضية أن تفيد الروبوتات البشرية المتجهة إلى الفضاء مستقبلا.
وتعكف الشركة حاليا على تطوير روبوت يسمّى “أبولو”، وهو روبوت بشري تشمل مهامه الأرضية العمل في المستودعات والمصانع لنقل الطرود وتكديس المنصات وغيرها من المهام المتعلقة بسلسلة التوريد. وتخطط الشركة للبدء في توفير الروبوتات البشرية للشركات بدءا من مطلع عام 2025.
وقال نيكولاس باين، كبير مسؤولي التكنولوجيا في أبترونيك، إن أبولو تمتلك مزايا واضحة تتفوق فيها على نظرائها من البشر، خاصة عندما يتعلق الأمر بالقدرة على التحمل.
ويتابع باين “نحن نستهدف للتحكم بعمل هذه الروبوتات من خلال الإنترنت على مدار 22 ساعة في اليوم”. فهي “مزودة ببطارية قابلة للتبديل، تمكنها من العمل لمدة أربع ساعات، يتم بعدها تبديل البطارية لمتابعة العمل الموكل إليها خلال فترة سريعة جدا”.
أما جيف كارديناس، الرئيس التنفيذي لشركة أبترونيك، فيؤكد أن “السماء هي الحد الأقصى”، لأن البرامج الجديدة والتطوير يحسنان قدرات أبولو.
حيث يقول “نحن حاليا نعمل داخل الورش وفي أرضية التصنيع، ولكن سننتقل بعد ذلك إلى البيع بالتجزئة… ثم الخروج إلى ما نسميه المساحات غير المهيكلة.. في السنوات القادمة، يمكن أن تشمل هذه المساحات الفضاء الخارجي”.
تصميم الروبوتات الشبيهة بأبولو يتم ضمن خطة تضع بالاعتبار أن تكون الروبوتات قادرة على التكيف مع مهام عديدة. وهذا وفق كارديناس ما تحاول ناسا تحقيقه من خلال التعرف على الثغرات الرئيسية “سنحتاج إلى الاستثمار في المستقبل لمعرفة كيف يمكن أن تستفيد الروبوتات البشرية المتجهة إلى الفضاء من الروبوتات المطورة للعمل على الأرض”.
ولا شك أن الثورة التي أحدثها الذكاء الاصطناعي مؤخرا ساهمت في زيادة أعداد الروبوتات وتنويع مهامها، وهو ما أكدته بيانات الاتحاد الدولي للروبوتات (IFR).
وبحسب تقرير أعده الاتحاد، فإن أعداد الروبوتات الصناعية بلغت 3 ملايين و904 آلاف حول العالم خلال عام 2022، بعد أن كان 3 ملايين و479 ألفا في 2021.
وفيما يتعلق بتوزع الروبوتات الصناعية، فقد بلغت حصة القارة الآسيوية منها 73 في المئة، تلتها أوروبا بـ15 في المئة ثم القارة الأميركية بـ10 في المئة. ووفقاً للتقرير ذاته فإن 80 في المئة من الروبوتات الصناعية الحالية تستخدم في قطاعات صناعة السيارات والإلكترونيات والآلات.
وفي معرض تعليقه على الأمر، قال الدكتور براق سالت أوغلو، عضو الهيئة التدريسية في جامعة البوسفور التركية، إن “الذكاء الاصطناعي ساهم بشكل كبير جدا في انتشار الروبوتات وسيطرتها”. وأضاف أنه من المتوقع أن تصل الروبوتات إلى مستويات “مذهلة” خلال المرحلة المقبلة وتنتشر في العديد من المجالات والقطاعات.
اقرأ ايضا: