الفرح يسري في قلوب اللبنانيين أيام الكريسمس

رغم مواجع الأزمة الاقتصادية التي تخنق اللبنانيين، إلا أنهم لا يفرطون في لحظات فرح يجدونها، فهم يستقبلون هذه الأيام عيد الميلاد، ويقبلون على الأسواق الميلادية لمواكبة العروض المجانية وشراء بعض المنتجات المحلية من الهدايا.
بيروت ـ تشكل النشاطات التي يمارسها اللبنانيون أفرادا وجمعيات وبلديات بمناسبة عيد الميلاد مجالا لشدّ أواصر اللحمة الاجتماعية والصمود بوجه الأزمات.
وتقيم الجمعيات والبلديات في العديد من المناطق نشاطات عدة بمناسبة عيد الميلاد كإقامة القرى الميلادية، أو الأسواق الميلادية، حيث تحضّر أكشاكا خشبية صغيرة مزينة بزينة الميلاد في ساحات القرى، تؤجّرها لأشخاص يرغبون في عرض منتجاتهم بهدف بيعها، ما يشكل فسحة للتلاقي والتفاعل بين أبناء القرى والمناطق وفرصة للتنمية المحلية والصمود بوجه الأزمات.
وقالت الناشطة في المجتمع المدني في بلدة بكفيا في جبل لبنان، لينا الجميل نكد “منذ عشرة أعوام ننظّم السوق الميلادي في بكفيا وهو نشاط تقوم به البلدية بالتنسيق مع أشخاص متطوعين من المجتمع المدني بهدف إنماء القرية”.
وأضافت “لدينا 48 كشكا، 29 من بينها مخصصة لأهالي القرية حيث يعرض هؤلاء في هذه الأكشاك المأكولات أو الأشغال اليدوية أو الحرفية أو المونة بشرط أن تكون أسعار منتجاتهم مخفّضة بطريقة تراعي الأزمة الاقتصادية التي يمر بها لبنان. وما تبقى من الأكشاك يتم استئجارها بمبلغ زهيد من قبل أشخاص من خارج القرية، يأتون من كافة المناطق اللبنانية من شمال لبنان وجنوبه ومن جبل لبنان وبيروت”.
وتابعت “لقد أثرت الأزمة الاقتصادية على طبيعة النشاطات التي كنا نقوم بها حيث كنا نستأجر خيمة كبيرة لنقيم فيها المسرحيات والعروض الفنية، أما اليوم فقد اضطررنا لإلغاء النشاطات داخل الخيمة بسبب ارتفاع كلفة إيجارها أربع مرات عما كانت عليه”.
وعن سبب اقتصار زينة الميلاد التي اشتهرت بجمالها في بلدة بكفيا، حيث كانت الأضواء تتلألأ على كافة الأشجار التي تحيط بشوارع البلدة، وباتت اليوم تقتصر على شجرتين فقط، أشارت نكد إلى أن “السبب يعود إلى أزمة انقطاع التيار الكهربائي وارتفاع كلفة المازوت لإنتاج الكهرباء بواسطة المولدات الخاصة”.
ويحمل عيد الميلاد معنى الفرح والعطاء، ويعبر عنه اللبنانيون بتقديم المساعدات للفئات الاجتماعية الأكثر ضعفا، وتقديم الهدايا للمسنين والأيتام في ديسمبر من كل عام، بالإضافة إلى عادتهم ابتياع الهدايا للأطفال وتزيين منازلهم وشوارعهم وإقامة الولائم الميلادية.
وقالت باتنا فضول من بلدة المروج في جبل لبنان “عيد الميلاد هو عيد العطاء والمحبة، وهو الوقت الأمثل ليساند الإنسان أخيه الإنسان”.
وأضافت “نملك أنا وشقيقتي مواهب فنية، وقررنا في شهر الميلاد تحضير مجموعة من الهدايا مصنوعة بمعظمها من الشمع بطريقة فنية لبيعها بهدف مساعدة المحتاجين في القرية”.
وفي وسط مدينة بيروت أقيمت قرية ميلادية خلال الشهر الحالي من تنظيم “سوق البلد”، وهي تضم مجموعة من الأكشاك الخشبية التي ارتدت زينة الميلاد، عرض فيها صغار المنتجين منتجات محلية تتضمن الهدايا الميلادية والمأكولات والإكسسوارات وألعابا للأطفال والمنتجات الحرفية وغيرها من المنتجات المحلية بأسعار مدروسة.
وقالت المديرة التنفيذية لجمعية “أرضنا” و”سوق البلد” سونا جرادي إن ما تقوم به الجمعية هو شكل من أشكال الدعم لمقاومة الأزمات التي يمر بها لبنان، بهدف خلق فرص عمل لدعم الناس ومساعدتهم على الصمود.
وعن إقامة القرية الميلادية في وسط بيروت أشارت جرادي إلى أن “الميلاد يعني الفرح، واللبنانيون بحاجة للفرح خاصة في ظل الظروف التي تمرّ بها البلاد، حيث تعلو البسمة وجوه المشاركين في القرية الميلادية والزائرين على حدّ السواء، وتكون الإفادة من المجتمع وإلى المجتمع وهذا هو شعار جمعيتنا”.
ويجول اللبنانيون من كافة الأعمار والطوائف في القرية الميلادية في وسط بيروت، يأكلون ويشترون، ويتبادلون الأمنيات والتهاني في العيد، ويشاهدون العروض الفنية المجانية اليومية، ما يشكل بالنسبة إليهم فسحة من الفرح، ويخلق فرصة للتلاقي وشدّ أواصر اللحمة الاجتماعية.
وقالت فاطمة دندش خلال جولتها مع صديقتها في القرية الميلادية في وسط بيروت “نتجوّل هنا لتغيير الجو، خاصة أن الجو في لبنان مشحون بالسلبيات، وزينة الميلاد الجميلة التي تغطي الأكشاك تضفي جوا إيجابيا”.
وأملت أن “يحمل العام الجديد انفراجا على اللبنانيين على كافة المستويات”.
وإذا كان اللبنانيون لا يتركون فرصة أو مناسبة إلا ويستغلونها لمقاومة الصعاب التي تحيط بهم وتحقيق تقدم ولو كان ضئيلا، فإنهم يؤمنون بأنهم بإرادتهم قادرون على هزيمة الأزمات مهما اشتدت.