الفراولة… "ذهب أحمر" للمزارعين في بوركينا فاسو

سعر الكيلو من الفراولة يباع بمتوسط 4.87 دولار، وهو مبلغ مرتفع مقارنة بأسعار الفاكهة والخضروات الأخرى.
الثلاثاء 2024/04/09
الفراولة تحل محل محاصيل أخرى في بوركينا فاسو

واغادوغو - في ضواحي واغادوغو، حلّت أوراق الفراولة المستديرة محل الملفوف والخس، في تطوّر زراعي غير عادي تشهده منطقة الساحل، فيما أصبحت أكشاك الأسواق المحلية مليئة بفراولة بوركينا فاسو التي تُعدّ بمثابة “ذهب أحمر” بات يُصدّر إلى الدول المجاورة.

وبين يناير وأبريل، تحلّ الفراولة “محلّ محاصيل أخرى” في بولميوغو الذي يشكل حياً شعبياً في ضواحي العاصمة، على ما يوضح يوينديندا تيمتوري لوكالة فرانس برس.

وينشغل تيمتوري منذ الفجر، أي قبل أن تصل درجات الحرارة إلى 40 درجة مئوية، بقطف الثمار الحمراء الصغيرة ووضعها بدقة على أقمشة.

وفي المتوسط، يتم حصاد ما بين 25 إلى 30 كيلوغراما من الفراولة من نوعي “سيلفا” و”كاماروز”، وهما الأكثر زراعة في بوركينا فاسو، كل ثلاثة أيام في أراضي تيمتوري البالغة مساحتها حوالى 300 متر مربع والتي يسقيها من آبار بساتين المزروعات التي تُباع في الأسواق.

وزراعة هذه الفاكهة التي تحب أشعة الشمس والماء مفاجئة في البلد الواقع ضمن منطقة الساحل. ومع ذلك، يقدّر إنتاج الفراولة بنحو ألفي طن سنوياً في بوركينا فاسو الرائدة في هذا “الذهب الأحمر” بالمنطقة. وتُباع هذه الثمار إلى الزبائن المحليين أولاً، فيما يتم تصدير أكثر من نصفها إلى البلدان المجاورة.

ويقول مادي كومباوري، وهو بستاني متخصص في الفراولة، “نتلقى طلبات من الخارج وخصوصا من ساحل العاج والنيجر وغانا، ويستمر الطلب في الازدياد في ظل أسعار جذابة”.

إنتاج الفراولة يقدّر بنحو ألفي طن سنوياً في بوركينا فاسو الرائدة في هذا المجال ،وتباع إلى الزبائن المحليين أولا

وتباع الفراولة خلال فترة إنتاجها، أي من يناير إلى أبريل، بمتوسط 3000 فرنك أفريقي للكيلو (4.87 دولار)، وهو مبلغ مرتفع مقارنة بأسعار الفاكهة والخضروات الأخرى.

ولم يؤثّر انعدام الأمن بسبب عنف الجماعات الجهادية والاضطرابات السياسية في هذا البلد الذي شهد انقلابين عسكريين عام 2022، على الإنتاج الذي يتركز في المدينتين الرئيسيتين في البلاد واغادوغو وبوبو ديولاسو، مع العلم أنّ “هذا القطاع ليس منظماً بشكل جيد”، بحسب كومباوري.

ويشير برنامج دعم المشاريع الزراعية في بوركينا فاسو إلى أنّ إيرادات موسم الفراولة 2019 – 2020 بلغت أكثر من ملياري فرنك أفريقي (نحو 3.25 مليون دولار).

ويقول مادي كومباوري “قد يُعتقد أنّ زراعة الفراولة في بلد كبوركينا فاسو ناشط غريب، لكنّها استحالت واقعاً منذ سبعينات القرن العشرين”.

ويوضح أنّ “هذه الزراعة استُقدمت إلى البلاد في تلك المرحلة بفضل مغترب فرنسي أعاد بعض النباتات إلى حديقته”.

ويتابع “يزداد عدد الأشخاص الذين ينكبّون على زراعة الفراولة”، مضيفاً أن “هذه الفاكهة تشكل ذهبنا الأحمر لأنها تُعدّ من المحاصيل التي تدرّ أكبر نسبة من الأرباح للمنتجين والبائعين”.

ولا تتردد جاكلين تاونسا في التخلي عن بيع التفاح والموز لبيع الفراولة خلال موسمها.

بوركينا فاسو تعد موطنا لثلاثة مواقع تراثية عالمية لمنظمة اليونسكو حيث يبلغ عمر أطلال لوروبيني ما يقرب الـ1000 عام

وتجول هذه التاجرة في أحياء واغادوغو عبر دراجتها، واضعةً طبقاً مليئاً بالفراولة فوق رأسها.

وتضيف “في ظل الطقس الحارّ، من الصعب تخزين الفراولة لفترة طويلة. لذا نأخذ الكميات التي يمكننا بيعها بسرعة خلال النهار”، مشيرة إلى أنها تبيع “خمسة إلى ستة كيلوغرامات يوميا”.

وبعدما كانت تعمل في بيع الفاكهة والخضر ثم انتقلت إلى بيع المآزر المنسوجة، استقرّت أديسا تيمتوريه في مجال الفراولة.

ولا مانع بالنسبة إليها من عدم تحقيق أرباح بـ”200 في المئة إلى 300 في المئة”، وتقول “خلال موسم الفراولة، لا أمارس سوى بيعها لكسب القليل من المال وإرضاء زبائني السابقين الذين يواصلون الطلب”. وتتابع “نقوم بجولة على المنتجين بحسب أيام الحصاد. ونتمكن من الحصول على ما يكفي للبيع يومياً خلال أشهر الإنتاج الثلاثة. لكنّ الموسم ينتهي في نهاية أبريل، وتقول تيمتوريه “نعود إلى أنشطتنا الأخرى منتظرين الموسم المقبل”.

وبوركينا فاسو بلد كبير وغير ساحلي يقع في غرب قارة أفريقيا ما بين النيجر ومالي، وكذلك بين توغو وكوت ديفوار، ويتميز بحشائش السافانا التي تحتل جزءا كبيرا من مناظر البلاد الطبيعية وتشتهر بوركينا فاسو بالعديد من الأشياء منها كونها أرض الرجال الشرفاء أي غير القابلين للفساد، كذلك تشتهر بالعديد من الحقائق المثيرة للاهتمام من قبل الزوار.

وكانت بوركينا فاسو في البداية مستعمرة فرنسية تم استعمارها من قبل الحملة الفرنسية في أواخر القرن التاسع عشر بعدما تنافست القوة الأوروبية لتسيطر على المنطقة وقد حصلت فرنسا على السيطرة الكاملة على بوركينا فاسو وبذلك أصبحت محمية فرنسية أو مستعمرة فرنسية في عام 1896 والتي أصبحت منطقة تأسيسية منفصلة في غرب أفريقيا وقد حصلت على استقلالها عام 1960 وتم تغيير اسمها ليصبح بوركينا فاسو سنة 1984.

وتعد بوركينا فاسو موطنا لثلاثة مواقع تراثية عالمية لمنظمة اليونسكو حيث يبلغ عمر أطلال لوروبيني التي تقع قرب حدود كوت ديفوار وغانا وتوغو ما يقرب الـ1000 عام .

وتعد من أفضل عشرة حصون تم حفظها في منطقة لوبي التي يعود تاريخها إلى تجارة الذهب من خلال الصحراء الكبرى، كما أنها من المدن الرائدة في الحديد من قديم الأزل (تقريبًا القرن الثامن) مما يدل على إنتاج الحديد في البلاد، كما تضم مجمع “دابل يوم ألي بندجاري” الذي يعد أثرًا ملكيًا عابرا للحدود الوطنية المشتركة ما بين بوركينا فاسو والنيجر وجمهورية بنين، كما تشمل الأنظمة الإيكولوجية الأرضية والمائية وشبه النائية في حزام السافانا غرب أفريقيا.

16