الفايروس المستجد يصيب طهران بهدوء غير مألوف

السلطة القضائية في إيران أذنت لـ54 ألف سجين بقضاء عقوبتهم في المنازل، بغية عرقلة انتشار فايروس كورونا.
الأربعاء 2020/03/04
شوارع فارغة

طهران - بعدما دفع الانعزال في المنزل لأيام طويلة خوفا من تفشي فايروس كورونا المستجد ابنتها إلى حدود الكآبة، قررت والدة بارميس هاشمي اصطحابها إلى السوق رغم عدم امتلاكهما سوى كمامة واحدة.

وبالرغم من خشيتهما من الإصابة بالمرض، خرجت الأم وابنتها البالغة 13 عاما للتجول في شوارع وسط مدينة طهران الهادئة على غير العادة، في وقت أعلنت السلطات ارتفاع حصيلتي الوفيات والإصابات بفايروس كورونا المستجد.

والمدارس مغلقة في إيران في إطار التدابير الرامية إلى كبح التفشي السريع للفايروس الذي بلغت حصيلة وفياته في إيران الاثنين 66 حالة من أصل أكثر من 1500 إصابة. وهي أكبر حصيلة وفيات خارج الصين حيث ظهر الفايروس أول مرة.

وتشدد التقارير الغربية تشدد على أن الأعداد المعلن عنها في طهران ليست حقيقية، وأن السلطات تتعمد “إخفاء” الرقم الحقيقي لتجنب إثارة الذعر.

تقول شاهبار، والدة بارميس، “الأمر في غاية الصعوبة بالنسبة إلينا. لا يمكنني أن أستقلّ سيارة أجرة أو حافلة نقل مشترك للذهاب إلى مكان ما، حتى وإن آلمتني قدماي”.

وتضيف ربة المنزل البالغة 45 عاما “ابنتي أصيبت باكتئاب في المنزل، لذا اصطحبتها إلى السوق لرفع معنوياتها”.

وتقول أيضا “إن الأطفال لا يذهبون إلى المدارس وهم خائفون من الفايروس”.

تمر خلفها سيارات وحافلات ركاب مسرعة بعد انطلاقها بسرعة فائقة من ساحة ونك، إحدى أكبر التقاطعات في العاصمة الإيرانية التي تشهد عادة زحمة سير خانقة. في الوقت نفسه، كانت نسبة التلوث التي تثقل عادة على المدينة مترامية الأطراف والتي تضم أكثر من ثمانية ملايين نسمة، أقل من العادة، ويمكن لمس ذلك بوضوح، والفضل يعود على الأرجح جزئيا إلى تراجع الازدحام.

ويدفع هذا المشهد بيجمان، المهندس البالغ 38 عاما، إلى القلق، فيقول “الفايروس أعاق حياتنا. نحن خائفون. ليست هناك كمامات ولا سوائل تطهير للتعقيم. الناس بحاجة إلى هذا لكن لا يمكنهم العثور على أيّ شيء”.

وألحق تفشي فايروس كورونا في إيران أضرارا بالأعمال التجارية، إذ يشير بيجمان إلى أن عددا من زملائه في العمل مشتبه بإصابتهم بالفايروس وقد طُلب منهم أن يلازموا منازلهم. ويضيف “لقد أثّر الفايروس سلبا على شركتنا. باتوا الآن يقيسون حرارتنا كل صباح قبل دخول المكتب”.

الفايروس أعاق حياة الإيرانيين
الفايروس أعاق حياة الإيرانيين

ويمكن رصد مؤشرات التباطؤ الاقتصادي في شوارع إيران، إذ تمضي البائعات الوقت بممارسة الألعاب على هواتفهن، ويحرص عمال التنظيف على مسح الأبواب والنوافذ في المطاعم الخالية من روادها، فيما سيارات الأجرة متوقفة على قارعة الطريق تنتظر الركاب.

ويقول جامشيدي الذي يعمل سائقا لسيارة أجرة “إن الشوارع خالية”، بينما يتناول زملاؤه وجبة طعام ويتبادلون الطرائف.

ويضيف “يقتضي عملي أن أنقل الناس إلى حيث يريدون، لكن لا أحد يغادر منزله للذهاب إلى أيّ مكان”، متابعا “إذا استمرت الأوضاع على هذا النحو، لن يكون لدينا ما يكفي من المال لشراء الطعام. البارحة كسبت القليل واليوم لم أحظ بأيّ راكب إلى حد الآن”.

ويقول حامد بايوت، بائع العصير قرب ساحة ونك، إن المبيعات تراجعت بنسبة 80 في المئة منذ تفشي فايروس كورونا الشهر الماضي، على الرغم من الخطوات التي اتّخذتها قطاعات الأعمال لطمأنة الزبائن.

ويضيف “نحن نعقّم كل شيء ثلاث مرات يوميا. لكن الناس مصابون بالرعب والخوف ولا يشترون منّا شيئا”. ويقول البائع بأسى، “إذا استمرّت الأوضاع على هذا النحو سنفلس وسيتعين علينا إغلاق محالّنا”.

وأعلن مدير عام شبكة مترو طهران فرنوش نوبهت، أن استخدام مترو العاصمة انخفض بشكل كبير، فقد دفع انتشار كورونا المواطنين إلى تقليل استخدام المترو بنسبة 70 في المائة.

والطريف أن السلطة القضائية في إيران، أعلنت الثلاثاء، أنها أذنت لـ54 ألف سجين بقضاء عقوبتهم بالمنازل، بغية عرقلة انتشار فايروس كورونا.

وبدلا من برامجه الاعتيادية شديدة الجدية يبث التلفزيون الرسمي الإيراني برامج ترفيهية في محاولة لتسلية الشباب الذين يشعرون بالملل.

ففي الأيام القليلة الماضية، بث التلفزيون الرسمي أشرطة فيديو لمواقف مضحكة مصورة منزليا. والاثنين عرض رسوما متحركة ومقتطفات من فيلم “ذي ريفننت” (العائد) لليوناردو دي كابريو.

وتقول بارميس بامتعاض من خلف الكمامة “علينا أن نلازم المنزل وعدم القيام بأيّ شيء. لا يمكننا أن نلتقي أصدقاءنا ولم نعد سعداء”.

كورونا أصاب طهران في مقتل
كورونا أصاب طهران في مقتل

 

20