الفاشر تفصل الدعم السريع عن السيطرة على كامل دارفور

دارفور (السودان)- ترجح مصادر سودانية أن تعيد قوات الدعم السريع محاولة السيطرة على مدينة الفاشر عاصمة شمال دارفور، بالرغم من الضغوط الداخلية والخارجية المسلطة عليها، لوقف عمليتها في المدينة.
وتعد الفاشر المدينة الوحيدة الخارجة عن سلطة قوات الدعم السريع في إقليم دارفور، بعد أن نجحت في السيطرة على مدن الجنينة ونيالا وزالنجي ومؤخرا الضعين.
وتعرضت قوات الدعم السريع خلال الأيام الماضية لضغوط شديدة من الداخل والخارج لمنع تقدمها صوب مدينة الفاشر، التي تعد معقلا للحركات المسلحة، لاسيما لحركة تحرير السودان التي يقودها مني أركو مناوي.
◙ قوات الدعم السريع سيطرت مؤخرا على نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور، وزالنجي عاصمة ولاية وسط دارفور، والجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور
وأعلنت حركات، بينها حركتا تحرير السودان والعدل والمساواة جناح جبريل إبراهيم، الأسبوع الماضي عن خروجها عن مبدأ الحياد والانحياز للجيش، رغم أن قوات الدعم السريع حرصت على تقديم تطمينات لتلك الحركات بأنها تنوي إشراكها في تأمين الفاشر وباقي مدن ومناطق دارفور.
وتوضح المصادر أن قيادة الدعم السريع تدرك أن السيطرة على الفاشر تشكل نقطة تحول كبرى في الصراع الدائر مع الجيش منذ الخامس عشر من أبريل الماضي، وبالتالي فإنها لن تتوانى عن التقدم نحوها بعد أن باتت على تخومها.
وتشير المصادر إلى أن عملية التريث في اقتحام المدينة ليست سوى للاستعداد جيدا لاسيما وأن قوات الجيش لن تكون بمفردها بل مدعومة من بعض الحركات المسلحة، كما أن هناك اتصالات تجري خلف الكواليس لتسلم المدينة بدون حرب.
ويقول المحلل السياسي السوداني عبدالواحد إبراهيم إنه لا يوجد ما يوقف قوات الدعم السريع عن الاستيلاء على مدنية الفاشر، في حال لم يتوصل الطرفان إلى اتفاق سلام يوقف الحرب الدائرة الآن، مشيرا إلى أنها قد تواجه بعض المقاومة من جانب قوات حركة جيش تحرير السودان التي تتمركز داخل عاصمة شمال دارفور، لكنها ستكون قادرة على تجاوزها بفعل ما تمتلكه قوات الدعم السريع من عتاد.
وأضاف إبراهيم في تصريحات لـ”العرب” أن إجمالي قوة حركة مناوي لا يتجاوز 3000 مقاتل، في مقابل عشرات الآلاف من المقاتلين لدى الدعم السريع، كما أن قوات الدعم تمرست في معاركها العسكرية التي خاضتها الفترة الماضية بعكس الحركات المسلحة التي لم تقاتل منذ فترة طويلة.
وتُعد الفاشر إحدى أقدم مدن دارفور، ولطالما لعبت دورا مؤثرا في صنع القرار السياسي، كما تمثل المقر الرئيسي لحكومات الإقليم الواقع غرب السودان على مر العصور.
ويفوق عدد سكان الفاشر مليون نسمة إضافة إلى حوالي نصف مليون من النازحين مقيمين في معسكرات أبوجا وزمزم وأبوشوك، إلى جانب وجود مئات الآلاف من النازحين إليها من القرى والمدن المجاورة على رأسها نيالا والجنينة وزالنجي وكتم وكبكابية وحتى الخرطوم بسبب الحرب خلال الأشهر الماضية.
ويقول مراقبون إن أهمية السيطرة على الفاشر لا تقتصر على المكانة الرمزية والسياسية للمدينة، بل أيضا ستمكن الدعم السريع من فتح طريق يربط بين العاصمة الخرطوم وبقية مدن ولايات غرب السودان في حال سيطرتها على كامل شمال كردفان، الذي تستحوذ على الكثير من مناطقه.
ويرى المراقبون أن نجاح الدعم السريع في السيطرة على الضعين، يكرس واقع أن الدعم السريع لن تتوقف حتى السيطرة على الفاشر وبالتالي وضع يدها على الإقليم.
وأعلنت قوات الدعم السريع الثلاثاء عن سيطرتها على مدينة الضعين عاصمة ولاية شرق دارفور، وهي رابع عاصمة من ولايات الإقليم الخمس، التي تقع تحت قبضة الدعم السريع منذ أواخر أكتوبر الماضي.
ووفقا لتقارير محلية، فإن قوات الجيش انسحبت من قيادة الفرقة عشرين بعد ترتيبات جرت عبر وساطة قادها زعيم قبيلة الرزيقات محمود موسى مادبو، لتجنيب الضعين خطر المواجهات العسكرية بين الطرفين.
وسيطرت قوات الدعم السريع مؤخرا على نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور، وزالنجي عاصمة ولاية وسط دارفور، والجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور.
وكانت الولايات المتحدة أعربت في وقت سابق من الشهر الجاري عن قلقها إزاء التقارير التي تتحدث عن هجوم وشيك واسع النطاق من قبل قوات الدعم السريع على الفاشر، مما سيعرض للخطر الفائق المدنيين، بمن فيهم مئات الآلاف من النازحين الذين فر كثيرون منهم مؤخرا إلى الفاشر من مناطق أخرى.
وقالت الولايات المتحدة إن تقارير موثوقة تكشف عن أن قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية لم تتخذ التدابير اللازمة لتجنب الخسائر في صفوف المدنيين في أحياء الفاشر السكنية.
◙ الفاشر تُعد إحدى أقدم مدن دارفور، ولطالما لعبت دورا مؤثرا في صنع القرار السياسي، كما تمثل المقر الرئيسي لحكومات الإقليم
ودعت الطرفين المتحاربين إلى التوقف الفوري عن شن المزيد من الهجمات في الفاشر ومحيطها بغية الوفاء بالتزاماتهما بموجب القانون الإنساني الدولي في ما يتعلق بالمدنيين.
ويرى المحلل السياسي السوداني عبدالواحد إبراهيم أن قوات الدعم السريع لن تضع أي اعتبار للضغوط الخارجية التي تواجهها لأن لديها هدفا يتمثل في السيطرة على إقليم دارفور، ولديها من المقاتلين والحاضنة الشعبية هناك ما يجعلها تُصر على استكمال المعركة، مشيرا إلى أنها تعرضت في السابق لضغوط أميركية أكبر لإلقاء سلاحها منذ عدة سنوات لكن دون أن تستجيب.
وشدد إبراهيم في تصريحاته لـ”العرب” على أن ما قد يدفع طرفي النزاع الدائر إلى التراجع هو وجود مقاومة شعبية وانخراط شعبي مباشر في الحرب وهو أمر لن يتحقق على أرض الواقع، في ظل فقدان الثقة بين المواطنين وقيادة الجيش، وأن الاتجاه لتوقيع اتفاق سياسي يعد الطريق الأوحد لوقف تمدد قوات الدعم وأن هذا المسار يبقى هو الأسلم للسودان بخاصة وأن المجتمع الدولي لديه رغبة في أن يتعاون مع حكومة مدنية.