العودة إلى الوطن أمنية اللاجئين السوريين في الأردن للعام الجديد

المعارضة السورية بالأردن تعرب عن قلقها من العودة خوفا على حياتهم وحياة أبنائهم.
السبت 2022/12/31
لا زلنا نحلم بالعودة إلى الشام

الرمثا (الأردن) - رغم أن بعض اللاجئين السوريين لا يزالون متخوفين من العودة إلى سوريا لأسباب أمنية، وأغلبهم من المعارضين الذين يخافون من الاعتقال والتجنيد الإجباري في الجيش، إلا أن آخرين يرغبون بشدة في العودة ويحنون إلى وطنهم ومنازلهم وأهاليهم، ويرجون أن يكون العام الجديد تحقيقا لأمنيتهم في
الرجوع.

“نرجع لبلادنا”.. كلمتان لا ثالث لهما أجمع عليهما اللاجئون السوريون في الأردن، وهم يستقبلون عاما جديدا يأملون فيه أن تتحقق أمنية طال انتظارها، مع عدم وجود مؤشرات تدلّ على انتهاء أزمة لامست الـ12 عاما.

وعلى الرغم مما أنتجته حرب بلادهم من خسائر كبيرة وآثار نفسية لا يمكن لطول السنين أن يمحوها، إلا أن لسان حالهم يقول “ضع ملحا على جرحك واصمت”، محاولين تناسي ما أصابهم من ألمٍ وفقدٍ وتهجيرٍ وتشريد.

قبيل أعوام، كان اللاجئون السوريون بالأردن يُعربون عن قلقهم من العودة خوفا على حياتهم وحياة أبنائهم، لكن الوطن غادرته أقدامهم ولم تغادره قلوبهم، وما زال رغم قسوة الظروف يعيش في وجدانهم، فالغربة عنه بالنسبة إليهم غربة الجسد.

"نرجع لبلادنا".. كلمتان لا ثالث لهما أجمع عليهما عدد من اللاجئين السوريين في الأردن، وهم يستقبلون عاما جديدا

يقول الشاب رمزي الحوراني (17 عاما) “كبرت هنا بالأردن، فأنا مع أهلي منذ بداية الأزمة، ولم أهنأ بالعيش في بلدي، ولكني أتمنى أن أعود إليه وهو بأمن وأمان”.

وقبل أن يكمل كلامه، قاطعته والدته “أم محمد”، كما عرفت بنفسها “والله ما شاف شي بسوريا (لم ير شيئا)، والله يهدّي الحال حتى نرجع ويكبر ابني في بلده”.

ومتابعا كلامه، أضاف الحوراني “الأردن لم يقصّر معنا بشيء، والناس هنا رائعون، لم نشعر معهم بالغربة، ولكننا نأمل في أن ينتهي كل شيء في سوريا لنعود إلى بيتنا الذي لا نعلم إن كان ما زال موجودا أم دمرته الحرب”.

“أكيد أنت ما بتلومنا لأننا نرفض التصوير”، هذا ما استهل به محمود العلي (48 عاما) كلامه، مضيفا “الوضع غير مطمئن في سوريا، وكل ما كبر حلم العودة يصطدم بالواقع مرة أخرى، وكأن الحرب حرّمت علينا أبسط حقوقنا بالعودة إلى منازلنا”.

وأردف “لكن أملنا بالله كبير، وربما يكون الحل قريبا مع كثرة أزمات العالم التي تُحتّم على الجميع أن يجد حلا لأزمتنا خلال العام الجديد”.

محمد أبوزيد (38 عاما) كان أكثر صراحة من سابقيه في طرحه، إذ قال “نحن نعلم بأن لجوؤنا أتعب جيراننا من الدول، فهي تعاني ولا تحتاج إلى المزيد، ولكن ما جرى في سوريا ليس ذنبنا”.

واستدرك “لذلك، أعتقد أن تلك الدول وخاصة الأردن وتركيا تسعى لإيجاد حل سريع، ولاحظنا تراجع المساعدات الدولية لنا بشكل كبير”.

وبأسلوب أظهر حجم مصابها وعمق حزنها، قالت ربى خليل (42 عاما) “فقدت زوجي من هذه الحرب، وتحولت إلى أرملةٍ تعيش مع جرحها بشكل يومي، ولكنني أعتقد أن العودة باتت أمرا ضروريا لا بُدّ وأن يتحقق عام 2023”.

وتساءلت “ألا يكفي ما حلّ بنا بعد كل هذه السنين؟”، ومجيبة عن ذلك، قالت “أعتقد أنه بكفي (يكفي)، فكل يوم يمر علينا ونحن بالغربة تزداد المعاناة ويتضاعف الألم، ولا أرى في العودة شيئا مستحيلا، ولدي شعور بأنها باتت وشيكة”.

أمل العودة إلى الوطن أصبح قريب
أمل العودة إلى الوطن أصبح قريب

“والله ما بدنا شي (لا نريد شيئا)، بس بدنا نرجع على بلادنا (فقط نريد العودة)”، رسالة واضحة وصريحة كانت تنمّ عن شدة المعاناة التي يمر بها لاجئو سوريا بعيدا عن موطنهم، قالها إبراهيم سالم (40 عاما).

وتابع “والله هذا حلم كل سوري طلع (خرج) من بلده، شو ما سمعت منّا (مهما كان ما سمعته)، تأكد أنه ما في حد بختلف (لا أحد يختلف) على هذا الشيء، والله كل يوم بمر (يمرّ) علينا كأنه سنة (عام)”.

ومضى قائلا “ظُلمنا ولكن الله ما رح يضيعنا (لن يضيعنا)، ما ثرنا (لم نثر) ونحن في رفاه، ثرنا على ظلم ما حد بتحمله (لا أحد يتحمله)، لكن ما بدنا ننظر للماضي (لا نريد النظر إلى الماضي)، كل ما نريده أن يكون مستقبل أولادنا في بلادهم العام القادم”.

ويعتبر الأردن المجاور لحدود سوريا الجنوبية بطول 375 كلم من أكثر الدول استقبالا للاجئين السوريين الهاربين من الحرب.

ويوجد في الأردن نحو 1.3 مليون سوري، قرابة نصفهم مسجلين بصفة لاجئ في سجلات مفوضية الأمم المتحدة للاجئين، في حين أن 750 ألفا منهم يقيمون في البلاد قبل عام 2011، بحكم النسب والمصاهرة والعلاقات التجارية.

ومنذ منتصف مارس 2011 اندلعت ثورة شعبية في سوريا تطالب بإقامة دولة ديمقراطية يتم فيها تداول السلطة، غير أنها تحولت إلى مواجهات مسلحة سقط خلالها آلاف القتلى، بحسب إحصائيات أممية.

وخلال الأشهر الأخيرة للعام الحالي تصاعدت الدعوات إلى إعادة اللاجئين السوريين في الأردن إلى ديارهم بعد استقرار الأوضاع الأمنية في الداخل السوري، ويبرر المؤيدون لإعادة اللاجئين السوريين إلى ديارهم موقفهم بعدم قدرة الأردن على تحمل الضغط الكبير في القطاعات المهمة في ظل تشارك الخدمات الأساسية والبنى التحتية ما بين المواطنين الأردنيين واللاجئين.

7