العنف المسلح والفيضانات يعمقان أزمات تشاد

المجتمعات النازحة داخليا في تشاد تواجه نقصا في المساعدات الإنسانية بسبب تخصيص جل الموارد والتمويل للتخفيف من أزمة اللاجئين.
الخميس 2024/11/14
تشاد تغرق في الأزمات.. فهل من منقذ

نجامينا - تمر تشاد بأزمة إنسانية حادة بسبب استمرار النزاع المسلح، والنزوح الجماعي، والجوع المنتشر على نطاق واسع، والكوارث الطبيعية، والنقص العام في الخدمات الأساسية.

وتسببت التحديات الأمنية التي تفرضها جماعة بوكوحرام الجهادية في الحد من قدرة الملايين من التشاديين على الحركة، وانتهاكات لحقوق الإنسان تشمل السجن والضرب والخطف والقتل.

وتحدد الوكالة الأميركية للتنمية الدولية في تقديراتها أن حوالي 32 في المئة من التشاديين يعتمدون على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة.

وتعاني التنمية في تشاد من انتكاسات كبيرة سببها العنف المسلح والكوارث الوطنية، حيث تُصنّف تشاد ضمن أفقر البلدان في العالم في تقرير الأمم المتحدة السنوي للتنمية البشرية.

ويقدر متوسط العمر المتوقع في تشاد بـ53 سنة فقط. ويجيد 22 في المئة فقط من سكان الدولة الأفريقية القراءة والكتابة، ويتمتع ستة في المائة بالكهرباء وثمانية في المائة بخدمات الصرف الصحي الأساسية. ويغيب موظفو الرعاية الصحية عن نحو75 في المئة من الولادات.

بوكوحرام

التحديات الأمنية التي تفرضها جماعة بوكوحرام الجهادية تسببت في الحد من قدرة الملايين من التشاديين على الحركة

يرجع صعود بوكوحرام في وسط أفريقيا إلى 2009، حين شنت الجماعة الجهادية تمردا في نيجيريا، وتسببت في مقتل أكثر من 300 ألف شخص وتشريد 2.3 مليون. ثم انتشرت الجماعة إلى الدول المجاورة على طول حوض بحيرة تشاد.

وأبلغ المكتب الدولي للهجرة في يونيو عن نزوح أكثر من 220 ألف شخص بسبب هجمات الجماعات المسلحة على طول حوض بحيرة تشاد.

وأعلن المتحدث باسم الجيش التشادي الجنرال إسحاق الشيخ شنان، السبت الماضي عن مقتل 15 جنديا على الأقل وإصابة 32 آخرين في اشتباكات بين الجيش ومقاتلي بوكوحرام، مضيفا أن 96 من عناصره قتلوا أيضا.

وقال المتحدث باسم الجيش التشادي إسحاق الشيخ شنان، إن الجرحى تم إجلاؤهم جميعا إلى نجامينا لتلقي العلاج، مؤكدا في تصريح للتلفزيون الوطني أن الجيش أصاب أيضا 11 عنصرا من بوكوحرام واستولى على أسلحة ومعدات.

وجاء الهجوم بعد مضي بضع ساعات على مغادرة الرئيس التشادي محمد إدريس ديبي، منطقة بركرام حيث كان مقرّ هيئة أركانه.

حكومة تشاد دعت المجتمع الدولي إلى تقديم المساعدة في محاولة لتحقيق الاستقرار وتخفيف العنف في منطقة بحيرة تشاد

واستهدفت بوكوحرام في 27 أكتوبر الماضي قاعدة عسكرية بالقرب من بحيرة تشاد، مما أسفر عن مقتل 40 من أفراد الأمن التشاديين.

ونشر هذه الهجمات المباغتة الخوف بين المدنيين وأثارت قلق المنظمات الإنسانية والمسؤولين التشاديين من أن تدهور الأوضاع سيتواصل مع تزايد وحشية الهجمات المسلحة.

ودعت حكومة تشاد المجتمع الدولي إلى تقديم المساعدة في محاولة لتحقيق الاستقرار وتخفيف العنف في منطقة بحيرة تشاد.

وحوض بحيرة تشاد يحد الكاميرون وتشاد والنيجر ونيجيريا، وتشكل تشاد مع هذه الدول قوة المهام المشتركة متعددة الجنسيات، وهو تحالف ملتزم بالقضاء على الجماعات المسلحة في المنطقة.

وشدد عبدالرحمن كلام الله، المتحدث باسم الحكومة تشادية، على أهمية التعاون في “القضاء على هذه الآفة التي تهدد الاستقرار والتنمية في كامل المنطقة”.

وأصدر الرئيس تشادي بيانا في 3 نوفمبر الجاري أعلن فيه انسحاب تشاد المحتمل من قوة المهام المشتركة متعددة الجنسيات، مشيرا إلى غياب التنسيق في الجهود المشتركة ضد المنظمات الإرهابية. وأعرب ديبي عن إحباطه من التواصل المحدود داخل التحالف ومن عملياته المحدودة.

أضرار هائلة

جميع مقاطعات تشاد الـ23 شهدت هطول أمطار لفترة طويلة، مما أثر على أكثر من 1.9 مليون مدني

خلفت الفيضانات والأمطار الغزيرة أضرارا هائلة على مستوى البنى التحتية الحيوية في تشاد خلال السنة الحالية. وفاقم ذلك الأزمة الإنسانية.

وأكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في أكتوبر أن جميع مقاطعات تشاد الـ23 شهدت هطول أمطار لفترة طويلة، مما أثر على أكثر من 1.9 مليون مدني.

وتسجل الأرقام الصادرة عن منظمة “أكابس” غير الربحية التي تحلل الأزمات الإنسانية الدولية أكثر من 576 ضحية مدنية مرتبطة بالفيضانات بحلول 18 أكتوبر. كما تدمر أكثر من218 ألف منزل وتضرر 342 ألف مسكن.

وغمرت المياه أكثر من 1.9 مليون هكتار من الأراضي المخصصة للزراعة، متسببة في نفوق أكثر من 72 ألف رأس ماشية. ودمر ذلك اقتصاد تشاد وفاقم أزمة الجوع التي تواجهها البلاد.

وحدد برنامج الأغذية العالمي أن أكثر من 3.4 مليون تشادي يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد. وشكّل هذا زيادة ملحوظة قدرها 240 في المئة عن سنة 2020.

أزمة اللاجئين

الأمم المتحدة تواصل حث المانحين على تقديم المزيد من المساهمات مع تدهور الأوضاع في المنطقة

كما يشهد تشاد واحدة من أسرع مجموعات اللاجئين نموا في أفريقيا، حيث يستضيف حاليا أكثر من 1.2 مليون لاجئ، الكثير منهم من السودانيين الذين فروا من الحرب الأهلية التي مزقت بلادهم.

وتواجه المجتمعات النازحة داخليا في تشاد نقصا في المساعدات الإنسانية بسبب تخصيص جل الموارد والتمويل للتخفيف من أزمة اللاجئين.

وأصبحت الأمم المتحدة وشركاؤها في خطوط الأزمة الأمامية حيث يقدمون الدعم الطبي والخدمات التعليمية والغذاء ومياه الشرب النظيفة.

وأكد مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية والمؤسسات التابعة له تخصيص أكثر من 148 مليون دولار للتخفيف من الأزمات الإنسانية التي يعاني منها تشاد والدول المجاورة، مع التركيز على “معالجة الجوع وسوء التغذية، وتجنب المجاعة، ومنع تفشي الأمراض، ومعالجة الصدمات المرتبطة بالمناخ”.

وتهدف خطة الاستجابة الإنسانية لسنة 2024 لمنطقة حوض بحيرة تشاد إلى مساعدة أكثر من 22 مليون شخص. ويتطلب الأمر حوالي 4.7 مليون دولار من التمويل. وتواصل الأمم المتحدة حث المانحين على تقديم المزيد من المساهمات مع تدهور الأوضاع في المنطقة.

6