العمل الخيري مفتاح أردوغان الصدئ

حكومة أردوغان تعمل على استثمار أزمة كورونا لتلميع صورة حزب العدالة والتنمية.
الاثنين 2020/04/13
استنزف اقتصاد بلاده في سبيل تحقيق أهدافه السلطوية

أنقرة – يكابد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان رغم كل ما قيل عن المغالطات التي تنشرها حكومته بشأن أزمة كورونا في بلاده، لتوظيف الأزمة على نطاق خارجي يمكّنه لا فقط من إعادة التموضع في الشرق الأوسط أو أفريقيا، بل من فتح آفاق جديدة لما يراه إتماما لحلمه بزعامة العالم الإسلامي.

وركزت السياسة الاتصالية للرئيس التركي مؤخرا على الدعاية لما تقوم به الجمعيات الخيرية المدعومة من الرئاسة التركية بصفة مباشرة كمؤسسة “تيكا” في دول عدة كالسودان ولبنان وتونس وأذربيدجان ومقدونيا من دعم لشعوب هذه البلدان في مواجهة وباء كورونا.

وفي أقل من أسبوع، أكدت الوكالة التركية للتعاون والتنسيق “تيكا” وجمعيات تركية أخرى قيامها بحملات مساعدات لمختلف هذه الدول في إطار ما تسميه الحرص التركي على مساعدة هذه الشعوب على التوقي من الوباء.

وأكدت السفارة التركية لدى بيروت الجمعة الماضي، توزيعها مساعدات غذائية على عائلات فقيرة في منطقتي عكار وطرابلس شمالي لبنان، في إطار الدعم التركي لمواجهة وباء كورونا.

وقال السفير التركي هاكان تشاكل، إن “الحكومة التركية أرادت في هذه الفترة التي يعاني فيها العالم أجمع من جائحة كورونا، مساعدة الشعب اللبناني الشقيق في مكافحة هذا الوباء العالمي”.

من جهته، لفت كمال مقصود، رئيس الجمعية الثقافية التركية في لبنان (غير حكومية)، إلى أن “تركيا التي لم ولن تنسى إخوتها في العالم، تقف إلى جانب أشقائها في لبنان في أحلك الظروف”. كما أكدت “تيكا” في نفس اليوم تقديم نظام تصوير طبي لمستشفى تونسي، من أجل علاج مرضى فايروس كورونا، مشيرة إلى أن النظام تم منحه إلى مستشفى “عبدالرحمن مامي” للأمراض الصدرية بمدينة أريانة، قرب العاصمة تونس، خصصته الحكومة لعلاج مرضى كورونا.

كما أعلنت أيضا عن إقدامها على توزيع مساعدات في دول أخرى كغينيا وأذربيجان وأرمينيا ودول أخرى في القارة الأفريقية مروجة مجددا أن ذلك يدخل في خانة العمل الخيري بالاتفاق مع منظمات أخرى دولية كالهلال الأحمر أو الصليب الأحمر.  ويرجع المراقبون هذه الخطوات التركية، علاوة على البحث عن موطىء قدم في هذه البلدان، إلى تواصل طموح أردوغان في تنفيذ رغباته ونزواته الاستعمارية عبر الترويج كونه الزعيم الأمثل للعالم الإسلامي.

الرئيس التركي ينتهز فترة الوباء لإحياء أنشطة جمعيات مشبوهة أغرقت سابقا دولا كثيرة في مستنقع الإرهاب

ويرى المتابعون أن الصورة التي يريد أردوغان ترويجها عن نفسه خاصة في ما يتعلق بتبنيه الدائم للقضية الفلسطينية، قد خُدشت في أذهان الكثير من مناصريه في كثير من الدول العربية والإسلامية عقب الإعلان عن نيته إرسال مساعدات طبية تركية لإسرائيل.

ولبت أنقرة طلبا إسرائيليا، حيث قال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن، إن بلاده سترسل مساعدات طبية لإسرائيل بعد أن تلقت طلبا منها لمواجهة كورونا.

وأوضح قالن في مقابلة مع إحدى القنوات التركية الخاصة الأحد، “تلقينا طلبا من إسرائيل لتزويدها بمستلزمات طبية، أعتقد أن الشحنة ستكون جاهزة في غضون أيام، وسنرسل بالتزامن مع ذلك مساعدات إلى فلسطين أيضا”. وأعرب قالن عن اعتقاده بأن تركيا ستتجاوز الأضرار الناجمة عن انتشار فايروس كورونا في أسرع وقت، بسبب صلابة بنيتها الاقتصادية.

وحتى قبل ظهور فايروس كورونا، أيقن الرئيس التركي أنه بات من المستحيل نيل ثقة المسلمين بعدما كشفت قمة ماليزيا الإسلامية العام الماضي عن فشل أردوغان في تحقيق أحد أحلامه السياسية منذ اعتلائه السلطة بأن يكون زعيما معترفا به للعالم للإسلامي. وأجبر فشل قمة كوالالمبور أردوغان آنذاك على شن هجوم واسع على المملكة العربية السعودية وذلك في أعقاب الفشل الذريع الذي منيت به أحلامه العثمانية الطامحة لقيادة العالم الإسلامي.

وكان أردوغان يعول على القمة الماليزية كثيرا لتحقيق مطامعه في الزعامة عبر تأسيس مملكة إسلامية متحدة مع كل من باكستان وماليزيا.

أنشطة مشبوهة
أنشطة مشبوهة

ولهذا الأمر، يعتقد المتابعون للشأن السياسي أن الرئيس التركي المحاصر داخليا بأزمة اقتصادية خانقة بات عندما يشهر سلاح العمل الخيري أشبه بمن يحمل مفتاحا صدئا لا يمكّنه من فتح أبواب الأحلام أمامه.

ومنذ تفشي كارثة كورونا تعمل حكومة أردوغان على الاستثمار السياسي، على الصعيدين الداخلي والخارجي، من خلال توظيف الأزمة لترويج الخطاب السياسي لحزب العدالة والتنمية الذي وصل إلى مرحلة يائسة من الاستغلال على مختلف الأصعدة، بحسب ما يلفت معارضون أتراك.

واقتنص أردوغان الوباء كفرصة دعائية له ولحزبه، حيث أطنب في القيام بحركات استعراضية أراد من خلالها الإيحاء بأنّه يقدم التضحيات في الحرب ضد كورونا، كإعلانه التبرّع بسبعة أشهر من راتبه من أجل تقديم الدعم لحملة التبرعات التي دعا إليها لمحاربة كورونا.

وطغى ضجيج الدعاية الداخلية والخارجية لمواجهة فايروس كورونا في خطابات الرئيس التركي على حقيقة وواقع تفشي الفايروس في تركيا، ولاسيما أنّه أعلن قدرة بلاده على التغلب على الوباء في غضون أسبوعين أو ثلاثة – كان هذا الإعلان قبل أسبوع – بينما يفتك الأخير بعشرات الأتراك ويجتاح كل يوم بلدة أو مدينة.

ويحذر العارفون بخبايا السياسة التركية من أن تنتهز تركيا فترة الوباء لإحياء أنشطة مشبوهة أقدمت عليها في السابق خاصة منذ عام 2011، أي منذ ما يعرف بالربيع العربي بإغراق الكثير من الدول بجمعيات يشتبه في دعمها للإرهاب وعلى رأسها جمعية قطر الخيرية المصنفة في الكثير من لوائح الإرهاب الدولية.