العلم أو الأخلاق.. ما هو محرم اليوم مجاز غدا

نقاش عميق يدور في الأوساط العلمية حول القيود الأخلاقية التي ينبغي أن تُفرض على العلم، ومن ذلك التلاعب الوراثي بالأجنّة لدى تكوّنها.
الاثنين 2018/12/03
الاستنساخ البشري محرم أخلاقيا

باريس - اشتد النقاش في الأوساط العلمية حول القيود الأخلاقية التي ينبغي أن تُفرض على العلم بعد إعلان باحث صيني في الآونة الأخيرة عن ولادة طفلتين توأمين سبق أن أجرى عليهما تعديلا جينيا لجعلهما مقاومتين لمرض نقص المناعة المكتسبة (الإيدز).

وقالت أستاذة الفلسفة الفرنسية سينتيا فلوري العضو في لجنة الأخلاقيات الفرنسية “من المؤكد أن ما هو متاح علميا ليس بالضرورة مقبولا أخلاقيا، لكن الصمود أمام ذلك في سياق المنافسة الحادة غير المنظمة يبدو أنه محكوم بالفشل”.

ومع أن إعلان الباحث الصيني، هو جيانكوي، قوبل بتشكيك من الأوساط العلمية لكونه لم يراع الإجراءات المعتمدة للتثبّت من صدقية الاختبار، إلا أنه يؤكد على أنه تمكّن من تعديل الحمض النووي للفتاتين التوأمين لجعلهما قادرتين على مقاومة مرض الإيدز.

وهو يقول إنه استخدم تقنية تسمى “كريسبر كاس 9” تقوم على التخلّص من أجزاء غير مرغوب فيها من المجين البشري. وقد شكلت هذه الطريقة ثورة في الطب الوراثي منذ العام 2012.

وعلت أصوات في العالم كلّه للتعبير عن الاستياء من هذه التجربة.

وهاجم بعض العلماء التجربة، ليس لأنها أجرت تعديلا جينيا على طفلتين، بل للظروف التي جرت فيها، ومن ذلك أنها لم تجر ضمن مراقبة علمية بل قام بها الباحث مع بعض مساعديه بمعزل عن أي إشراف أو تحقّق.

وما زالت عواقب استخدام تقنية “كريسبر كاس 9” مجهولة، ولا سيما في كيفية انتقال التعديل الوراثي من جيل إلى آخر.

ومن الأمور التي أثارت انتقادات أيضا أن العملية أجريت لتحصين الفتاتين من مرض الإيدز، وليس لعلاجهما من مرض هما مصابتان به ويهدد حياتهما.

وتتخوّف بعض الأوساط العلمية من أن يلقي تدهور المقاييس الأخلاقية ظلال الشكّ على مجال الأبحاث الواعد.

وتقول عالمة الأحياء كاتي نياكان الباحثة في معهد “فرنسيس كريك” في لندن “الهروب إلى الأمام علميا بخرق القواعد الأخلاقية الأساسية يمكن أن يجعلنا نتدهور”.

ويخشى أصحاب هذا الرأي من فقدان الثقة بتقنيات قد تكون مفيدة ولكن إن اختُبرت كما يجب. ولذا، تقول منظمات علمية إنها لا تعارض في المبدأ إجراء تعديل وراثي في المستقبل، لكن شرط أن يكون ذلك ضمن قيود مشدّدة.

وتقول الباحثة الفرنسية آن كامبون تومسن المسؤولة في المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي “لا ينبغي أن نقول إن هذا الأمر أو ذاك هو من المحرمات”.

فنقل الأعضاء مثلا كان يعدّ من المحرّمات الأخلاقية قبل عقود، لكنه أصبح الآن شيئا رائجا لما جلبه للبشرية من فوائد.

في المقابل، لا يجد العلماء أي فائدة طبية في الاستنساخ البشري، لذا سيبقى هذا الموضوع من المحرمات الأخلاقية.

24