العلاج الجيني الجديد لمرض الخلايا المنجلية يُظهر نتائج أولية إيجابية

جرعة واحدة من علاج "إيديت - 301" تصحح الطفرة المسؤولة عن داء الكريات المنجلية.
الجمعة 2023/06/16
التغيير الجيني في الحمض النووي يحدث تغيرا كيميائيا في الهيموجلوبين

تمكن مرضى فقر الدم المنجلي الذين تلقوا علاج "إيديت - 301 " من اكتساب خلايا دم بيضاء جديدة في غضون أربعة أسابيع من إعطائهم العلاج، وذلك دون تسجيل آثار جانبية شديدة. كما سجلوا مستوى طبيعيا للهيموجلوبين في الدم، وهو أهم مكون لخلايا الدم الحمراء التي تنقل الأكسجين إلى جميع أنحاء الجسم. ويمنح نجاح هذه التجربة السريرية للعلاج الجيني الأطباء أملا كبيرا في إيجاد علاج وظيفي محتمل لمرض فقر الدم المنجلي.

كليفلاند (الولايات المتحدة) - كشف باحثون من مستشفى كليفلاند كلينك، والذين قدموا بيانات أولية لتجربة سريرية تهدف إلى تطوير علاج جديد لمرض فقر الدم المنجلي، أن العلاج الجيني الجديد أظهر نتائج إيجابية واعدة بين أوائل المرضى الذين خضعوا للعلاج.

وقدم الباحثون المشاركون في التجربة السريرية متعددة المراكز، التي أطلق عليها اسم “روبي” تحديثا لمدى سلامة وفعالية جرعة واحدة من علاج “إيديت - 301”، وهو علاج تجريبي لخلايا التحرير الجيني يُعطى لمرة واحدة ويعمل على تعديل الخلايا الجذعية المكونة للدم لدى المريض لتصحيح الطفرة المسؤولة عن داء الكريات المنجلية. وستُقدم نتائج التجربة السريرية في مؤتمر الجمعية الأوروبية لأمراض الدم في فرانكفورت بألمانيا.

وخضع المرضى الأربعة الذين كانوا الأوائل الذين تلقوا العلاج الجيني الجديد، اثنان منهم مشاركان في التجربة السريرية في مستشفى كليفلاند كلينك للأطفال، لعملية جمع خلاياهم الجذعية من أجل إجراء تعديل في الجينات، ثم بعد ذلك خضع المرضى للعلاج الكيميائي للتخلص من النخاع العظمي المتبقي، وذلك لإتاحة المجال للخلايا المعدلة، والتي جرى ضخها لاحقا في أجسامهم.

المرضى تم تخليصهم من النخاع العظمي المتبقي، وذلك لإفساح المجال للخلايا المعدلة التي جرى ضخها لاحقا في أجسامهم

وتعد هذه المرة الأولى، التي يستخدم فيها نوع جديد من تقنية تحرير الجينات “كريسبر” المعروفة باسم “كريسبر سي إيه 12” لتحرير الخلايا البشرية في تجربة سريرية. وتمثل هذه التقنية أداة عالية الدقة لتعديل جينومات خلايا الدم الجذعية، التي يمكنها تمكين جسم المريض من إنتاج خلايا دم قوية وصحية.

وأظهرت البيانات وجود خلايا دم بيضاء جديدة لدى جميع المرضى الأربعة في غضون نحو أربعة أسابيع من إعطائهم العلاج دون تسجيل أي آثار جانبية شديدة. وسجّل المرضى أيضا مستوى طبيعيا للهيموجلوبين في الدم، وهو أهم مكون لخلايا الدم الحمراء، التي تنقل الأكسجين إلى جميع أنحاء الجسم. كما لم يسجل المرضى أيضا أي نوبات ألم مرتبطة بمرض الخلايا المنجلية لمدة 11 شهرا وسبعة أشهر بعد العلاج.

وقال الدكتور ربيع حنا، مدير برنامج زراعة الدم ونخاع العظام لدى الأطفال في مستشفى كليفلاند كلينك للأطفال ومحقق رئيسي في التجربة السريرية الجديدة، “تُعد العلاجات المبتكرة والجديدة، مثل العلاج الجيني الجديد، الذي نعمل على تطويره، ضرورية للأشخاص الذين يعانون من مرض فقر الدم المنجلي. وتمنحنا النتائج الأولية للتجربة السريرية، التي أجريناها أملا كبيرا بأن هذه التكنولوجيا الجديدة ستستمر في إظهار المزيد من التقدم في الوقت الذي نعمل فيه على إيجاد علاج وظيفي محتمل لهذا المرض الخطير، الذي يهدد حياة المرضى”.

ومرض فقر الدم المنجلي هو اضطراب وراثي في الدم تنتج عنه أعراض مؤلمة ومنهكة لا يوجد لها سوى القليل من العلاجات المعتمدة.

ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، يحمل ما يقرب من 5 في المئة من سكان العالم جينات السمات المرتبطة باضطرابات الهيموجلوبين، وخاصة مرض فقر الدم المنجلي والثلاسيميا، غير أن ذلك لا يعني أنهم سوف يصابون بالمرض. وتشير التقديرات إلى أن 300 ألف طفل يولدون سنويا مع اضطرابات شديدة في الهيموجلوبين.

وتعد الهند والعديد من بلدان الشرق الأوسط وأفريقيا من بين أكثر الدول التي ينتشر فيها مرض فقر الدم المنجلي.

ويؤدي مرض الخلايا المنجلية إلى إنتاج الهيموجلوبين غير الطبيعي، وهو بروتين أحمر مسؤول عن نقل الأكسجين في الدم. وتتميز خلايا الدم الحمراء الطبيعية بشكلها المستدير، الذي يسهّل تحركها عبر الأوعية الدموية الصغيرة لتوصيل الأكسجين إلى أنحاء الجسم.

وفقا لمنظمة الصحة العالمية، يحمل ما يقرب من 5 في المئة من سكان العالم جينات السمات المرتبطة باضطرابات الهيموجلوبين

ولكن لدى الأشخاص المصابين بمرض الخلايا المنجلية، يتسبب التغيير الجيني في الحمض النووي في حدوث تغير كيميائي في الهيموجلوبين ويغيّر شكل خلايا الدم الحمراء إلى ما يشبه “المنجل” أو “الهلال”، ما يعيق حركتها ويمنعها من المرور عبر الأوعية الدموية الضيقة.

ويمكن أن تسد هذه الخلايا الأوعية الدموية أو تتفكك ما يؤدي أيضا إلى انخفاض عمر خلايا الدم الحمراء وزيادة تخزين الحديد في الكبد والقلب. وقد تترتب على ذلك عواقب وخيمة مثل تليّف الكبد وفشل الكبد والسكتة الدماغية واعتلال عضلة القلب وفشل القلب إلى جانب شعور المريض بآلام شديدة.

وبالنسبة إلى معظم الأشخاص المصابين بمرض فقر الدم المنجلي، يمكن للأدوية تخفيف شدة المرض وعلاج الأعراض. ومع ذلك، ورغم العلاجات الموجودة حاليا، فإن متوسط عمر مريض الخلايا المنجلية هو منتصف الأربعينات.

ويمكن لعملية زرع الدم أو النخاع العظمي معالجة مرض الخلايا المنجلية، ولكن عملية الزرع غالبا ما تتطلب متبرعا متطابقا وتنطوي على احتمالية إصابة المريض بداء “الطعم حيال المضيف”، وهي حالة يهاجم فيها نخاع عظام الشخص المتبرع أو الخلايا الجذعية جسم الشخص المتلقي.

وتستهدف التجربة السريرية تسجيل نحو 40 مريضا بالغا، تتراوح أعمارهم بين 18 و50 عاما ممن يعانون من مرض فقر الدم المنجلي الحاد. وسيتم مراقبة المرضى عن كثب بعد العلاج لمدة تصل إلى عامين.

16