العلاجات الجديدة للصداع النصفي المزمن تُظهر نتائج إيجابية

الموافقة على ثمانية أدوية جديدة أسهمت في توسيع دائرة خيارات التداوي.
الاثنين 2023/09/11
الأدوية الجديدة حسنت حياة مرضى الصداع النصفي

أحدثت أدوية الصداع النصفي الجديدة خرقا إيجابيا في حياة الكثير من الذين يعانون من هذا المرض باعتباره اضطرابا عصبيا مرهقا. وتم تقسيمها إلى صنفين: إما وقائية تهدف إلى تقليل شدة الصداع النصفي، أو أدوية معالجة لنوبات الألم، توفر راحة للمريض. وتمت في السنوات الخمس الماضية الموافقة على ثمانية أدوية جديدة وقائية ومعالجة للنوبات من قبل إدارة الغذاء والدواء الأميركية، ما أسهم في توسيع دائرة خيارات العلاج والتداوي.

كليفلاند (الولايات المتحدة) - قال الدكتور عماد استيماليك، اختصاصي علاج الصداع في مستشفى كليفلاند كلينك، “إن الأدوية والعلاجات التي تم تطويرها على مدى السنوات القليلة الماضية لعلاج الصداع النصفي أثبتت بشكل كبير فاعليتها في تحسين جودة حياة أولئك الذين يعانون من هذه الحالة المرضية المرهقة”.

وأوضح استيماليك، رئيس قسم علاج الصداع وآلام الوجه في معهد الأعصاب بمستشفى كليفلاند كلينك، أنه قبل موافقة هيئة الغذاء والدواء الأميركية في عام 2018 على أول مثبط للببتيد المرتبط بجينات الكالسيتونين (سي جي أر بي) لمنع الصداع النصفي كان الأطباء يعتمدون في علاج مرضى الصداع النصفي على الأدوية المصممة أصلا لعلاج أمراض أخرى. ولكن اليوم هناك العديد من مثبطات “سي جي أر بي”  المتاحة، التي تم تطويرها لمنع أو تخفيف أعراض الصداع النصفي على وجه التحديد.

منذ عام 2018 تمت الموافقة على نوعين من مثبطات الببتيد المرتبط بجينات الكالسيتونين لعلاج الصداع النصفي

وأضاف استيماليك “بالنسبة إلى العديد من المرضى تحدث الأدوية الجديدة خرقا إيجابيا في حياتهم؛ لأن الصداع النصفي هو اضطراب عصبي مرهق ولا علاج له، ويسبب أعراضا مزعجة للغاية وأكثر قوة من أنواع الصداع الأخرى ويمكن أن يستمر من 4 إلى 72 ساعة. ويمكن أن تشمل الأعراض الألم والتعب والغثيان والاضطرابات البصرية والتنميل والوخز والتهيج وصعوبة الكلام وفقدان مؤقت للرؤية، وغير ذلك. كما أن الصداع النصفي هو مرض منتشر أيضا، ويعاني منه نحو 16 – 20 في المئة من النساء و6 – 8 في المئة من الرجال بشكل منتظم”.

وأشار الدكتور استيماليك إلى أن الأدوية ليست سوى جزء واحد من الخطة الفعّالة للعلاج، وتتمثل الخطوة الأولى في تحديد مسببات الصداع النصفي للفرد وتجنبها؛ حيث تختلف هذه المسببات من شخص إلى آخر، وتشمل الأمثلة الشائعة أنواعا معينة من الأغذية والجفاف وقلة النوم والحركة، والضوء والصوت وانسحاب الكافيين من الجسم. ويحتاج المريض إلى معالجة أي أمراض مصاحبة يمكن أن تهيئه للإصابة بالصداع النصفي. وتشمل هذه الأمراض المصاحبة، على سبيل المثال لا الحصر، السمنة والقلق والاكتئاب واضطرابات النوم. وفي حال استمرار الصداع النصفي أو كانت أعراضه شديدة، فإننا نأخذ في الاعتبار اللجوء إلى الخيارات الدوائية.

ولفت استيماليك إلى أنه عادة ما يتم تصنيف التدخلات الدوائية على أنها إما وقائية، تهدف إلى التقليل من تواتر وشدة الصداع النصفي، أو أدوية معالجة نوبات الألم، والتي توفر راحة للمريض عند تعرضه لنوبة الصداع النصفي. والخبر السار هو أنه في السنوات الخمس الماضية تمت الموافقة على ثمانية أدوية جديدة وقائية ومعالجة للنوبات من قبل إدارة الغذاء والدواء الأميركية، ما أسهم في توسيع دائرة خيارات العلاج.

وتابع “في السابق كانت الأدوية المتاحة للوقاية من الصداع النصفي هي تلك التي تم تطويرها في البداية لعلاج النوبات وارتفاع ضغط الدم والاكتئاب وحالات أخرى؛ بالإضافة إلى أدوية أخرى مثل ‘أونابوتيلينيمتوكسين إيه’، والتي تعمل على تخدير بعض عضلات الرأس والرقبة للمساعدة على منع الصداع النصفي المزمن. أما بالنسبة إلى الأدوية المعالجة للنوبات، فلم يكن لدينا سوى ثلاث فئات من الأدوية، وهي مسكنات الألم، التي لا تستلزم وصفة طبية، وقلويدات الإرغوت، ومجموعة أدوية التريبتان”.

أكثر ما يميز هذه الأدوية مفعولها السريع وجدواها وآثارها الجانبية القليلة، وهي تأتي بأشكال مختلفة مثل الحقن والأقراص
أكثر ما يميز هذه الأدوية مفعولها السريع وجدواها وآثارها الجانبية القليلة، وهي تأتي بأشكال مختلفة مثل الحقن والأقراص

ولفت الدكتور استماليك إلى أنه منذ عام 2018 تمت الموافقة على نوعين من مثبطات الببتيد المرتبط بجينات الكالسيتونين لعلاج الصداع النصفي، وهما مضادات الببتيد المرتبط بجينات الكالسيتونين وحيدة النسيلة، التي تهدف إلى الوقاية من الصداع ومضادات الببتيد المرتبط بجينات الكالسيتونين الجزيئية الصغيرة، التي تعمل على تعزيز الوقاية من الصداع ومعالجة نوبات الألم. وأكثر ما يميز هذه الأدوية مفعولها السريع وجدواها وآثارها الجانبية القليلة، كما أنها تأتي بأشكال مختلفة مثل الحقن أو الأقراص، التي يتم تناولها عن طريق الفم، أو بخاخات الأنف.

وشرح استماليك الآليات الكامنة وراء عمل مثبطات الببتيد المرتبط بجينات الكالسيتونين قائلا “إن مثبطات ‘سي جي أر بي’ هي عبارة عن ببتيد عصبي حسي موجود في العقدة ثلاثية التوائم في الدماغ، والتي تبين أن لها علاقة بألم الصداع النصفي ومجموعة من الأعراض الأخرى. وتساعد مثبطات ‘سي جي أر بي’ على منع أو إيقاف نوبة الصداع النصفي من خلال استهداف الجزيء المرسل أو المستقبل.

واختتم حديثه بقوله “مع هذا التقدم المحرز في مسار تطوير الأدوية، بالإضافة إلى العلاجات الناشئة مثل التعديل العصبي (وهي تقنية غير جراحية يتم تطبيقها مباشرة على الأعصاب)، تشهد جودة حياة مرضى الصداع النصفي تحسنا كبيرا على مدار السنوات القليلة الماضية. وفي بعض الحالات قد يكون كل ما يحتاجه المريض هو حقنة كل ثلاثة أشهر أو حبة يومية للوقاية من آلام الصداع النصفي”.

16