العقوبات الغربية لا تُثني روسيا عن تعزيز علاقاتها مع أفريقيا

موسكو - لم تثن العقوبات التي تسلطها الولايات المتحدة وقوى غربية أخرى روسيا عن تعزيز علاقاتها مع أفريقيا حيث وقعت مؤخرا اتفاقيات ثنائية تجارية وعسكرية مع دول القارة السمراء.
وأطلقت روسيا فجر الرابع والعشرين من فبراير الماضي هجوما عسكريا في أوكرانيا، تبعته ردود فعل دولية غاضبة وفرض عقوبات اقتصادية ومالية "مشددة" على موسكو.
وخلال الأسبوع الجاري التزمت روسيا وزيمبابوي بتوسيع وتعميق العلاقات الثنائية بينهما خلال الدورة الرابعة للجنة الحكومية الزيمبابوية - الروسية المشتركة التي عقدت في العاصمة هراري.
وذكرت صحيفة "زيمبابوي ميل" في الثاني من يونيو الجاري أن وزير الموارد الطبيعية والبيئة الروسي ألكسندر كوزلوف اقترح على وزير تنمية المناجم والتعدين في زيمبابوي وينستون تشيتاندو إشراك شركة "زاروبيز جيولوجي" الروسية في العمل بمجال رسم الخرائط الجيولوجية في بلاده.
العقوبات المفروضة على روسيا ليست ذات تأثير عالمي، لذلك تواصل بعض الدول الأفريقية توقيع صفقات مع روسيا
ونقلا عن وكالة الأنباء الروسية إنترفاكس أعربت زيمبابوي أيضا عن استعدادها للنظر بشكل شامل في مشاركة الشركات الروسية في التنقيب عن المخزونات الطبيعية في البلاد واستكشافها وتطويرها.
وكانت الكاميرون قد وقعت في أبريل الماضي اتفاقية عسكرية استراتيجية مع روسيا، لتصبح أول دولة أفريقية تقوم بهذه الخطوة منذ بداية العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا.
ويقول مصطفى مهيتا، رئيس مكتب أفريقيا والزميل في مركز الأبحاث "ميديا ريفيو نتوورك" في جوهانسبرغ، إن توقيع العديد من البلدان الأفريقية صفقات مع روسيا "يرجع إلى سبب بسيط هو أن روسيا مثل الصين، لا تتدخل في شؤون عملائها، وتعاملهم كشركاء متساوين وذوي سيادة".
وأشار مهيتا إلى أن اتفاقية التعاون الدفاعي التي تم التوصل إليها بين موسكو والكاميرون تهدف إلى مساعدة الأخيرة على مكافحة القرصنة وتدريب قواتها على مكافحة الإرهاب.
بدوره يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة جنوب أفريقيا ديرك كوتزي إن العقوبات المفروضة على روسيا "ليست ذات تأثير عالمي، لذلك توقع بعض الدول الأفريقية صفقات مع روسيا".
ويعتقد كوتزي أيضا أن "من الأسهل على روسيا توقيع اتفاقيات تعاون مع الحكومات الأقل ديمقراطية في القارة". ويضيف "لا يتعين على الحكومات ذات الديمقراطيات المثيرة للجدل في القارة الأفريقية أن تدخل في الكثير من عمليات صنع القرار لتمرير صفقة مع دولة أخرى، مقارنة بتلك التي لديها عمليات أكثر ديمقراطية".
ويشير الأكاديمي الجنوب أفريقي إلى أن "لكل دولة حق اختيار من تتعاون معه". ويلفت كوتزي إلى أن الحرب الروسية - الأوكرانية "خلقت تكتلات في القارة الأفريقية حيث انقسمت دولها في الجمعية العامة للأمم المتحدة أثناء تصويتها بين دول أيدت قرارات تدين التدخل الروسي في أوكرانيا وبلدان اعترضت عليها وأخرى امتنعت عن التصويت".
ومن جهته يؤكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة كيامبوجو الأوغندية سلطان كاكوبا فكرة أن "الصراع في أوكرانيا خلق بالفعل تكتلات في أفريقيا". ويوضح كاكوبا أن الكثير من دول القارة "تشتري معداتها العسكرية من روسيا، كما أن روسيا لعبت دورا في النضال من أجل استقلال العديد من الدول الأفريقية".
ويشير إلى أن معظم الدول في أفريقيا لها تاريخ طويل "كعضو نشط" في حركة عدم الانحياز. وتأسست حركة عدم الانحياز عام 1961، وهي منتدى يضم 120 دولة نامية، تلتزم بالحفاظ على الاستقلال الاستراتيجي، وتتجنب أن تكون جزءا من التكتلات السياسية في العالم.
وقال الممثل الخاص للرئاسة الروسية في الشرق الأوسط وأفريقيا ميخائيل بوغدانوف، في الثاني من يونيو الجاري، إن أفريقيا "كانت دوما منطقة مهمة لروسيا من وجهة نظر السياسة الخارجية والتعاون التجاري والاقتصادي والإنساني"، وفقا لوكالة إنترفاكس الروسية.
وأشار بوغدانوف إلى أن "العديد من الأفارقة درسوا في الجامعات الروسية بين الخمسينات والستينات من القرن الماضي"، معبرا عن أمله "في رؤية الكثير من الشركات الروسية تعمل في أفريقيا".
وأكد أن روسيا "وقفت إلى جانب الكثير من الدول الأفريقية في نضالها من أجل الاستقلال، وهذا هو الأساس لاستعادة العلاقات بين روسيا وأفريقيا". وفي الثالث من يونيو الجاري التقى رئيس الاتحاد الأفريقي الرئيس السنغالي ماكي سال مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سوتشي بجنوب روسيا.
الكاميرون وقعت في أبريل الماضي اتفاقية عسكرية استراتيجية مع روسيا لتصبح أول دولة أفريقية تقوم بهذه الخطوة
وقال سال مخاطبا بوتين "جئت للقائك كي أطلب منك أن تدرك أن بلداننا هي ضحية لهذه الأزمة على الصعيد الاقتصادي". وتستورد أفريقيا من أوكرانيا وروسيا أكثر من نصف القمح الذي تحتاجه.
وأضاف سال أن الدول الأفريقية "تعاني من تداعيات النزاع في حين أن غالبية هذه الدول تجنبت إدانة روسيا خلال عمليتي التصويت في الأمم المتحدة".
وأردف أن "العقوبات ضد روسيا تسببت في المزيد من المعاناة، ولم تعد لدينا إمكانية الوصول إلى الحبوب التي تصدّر من روسيا، وهذا يطرح تهديدات جدية للأمن الغذائي في القارة".
وتابع الرئيس السنغالي أن "التوترات في القطاع الغذائي الناجمة عن النزاع تفاقمت بسبب العقوبات الغربية التي تؤثر على الشبكة اللوجستية والتجارية والمالية لروسيا".
ودعا إلى "إبقاء القطاع الغذائي خارج العقوبات التي يفرضها الغربيون ردا على الهجوم العسكري الروسي". وأشاد سال "بالدعم الذي كان يقدمه الاتحاد السوفييتي إلى الدول الأفريقية في نضالها ضد الاستعمار"، مثنيا على "تطور العلاقات الروسية - الأفريقية".