العصابات تسيطر على تجارة الأفوكادو في المكسيك

الأفوكادو المهروس.. طبق مكسيكي يقدم بشكل خاص أثناء مشاهدة مباريات كرة القدم الأميركية.
الجمعة 2022/06/24
مربح كالكوكايين

مكسيكو سيتي - يعد طبق “جواكامولي” المكون من الأفوكادو المهروس، وشرائح البصل والفلفل الحار والصوص، من بين الأطباق الأساسية التي تقدم أثناء أي حفل أميركي له قيمته، بداية من النزهات الصيفية إلى حفلات الشواء التي تقام في الهواء الطلق.

وينطبق ذلك بشكل خاص على الحفلات التي تقام لمشاهدة مباريات كرة القدم الأميركية المعروفة باسم “سوبر بول”، كما أن الأشخاص الذين يتطلعون إلى توقيت إقامة هذه المباريات، ليسوا من مشجعي اللعبة فحسب، وإنما أيضا منتجي الأفوكادو المكسيكيين الذين ينتظرونها بفارغ الصبر.

ولكيلا ينسى أحد، فإن جماعات الضغط التي تعمل لصالح محصول الأفوكادو المكسيكي، عملت لسنوات على تذكير الناس بأهمية هذه الفاكهة، عن طريق الإعلانات التي تذاع خلال المباريات.

وتستورد الولايات المتحدة ثمار الأفوكادو بشكل أساسي، من ولاية ميتشواكان الكائنة في القطاع الغربي من المكسيك، وفي وقت سابق من العام الحالي، علق حاكم الولاية ألفريدو راميريز على مباراة في السوبر بول، قائلا في تغريدة له على تويتر، “بغض النظر عن من هو الفائز بالمباراة اليوم، فإن الفائز الحقيقي هذا المساء هو الأفوكادو المنتج في ميتشواكان”.

ومن وراء الكواليس مع ذلك، تعرضت صورة الأفوكادو المكسيكي لضربة شديدة، بعد أن تلقى مسؤول أميركي عن الصحة، تهديدات صادرة من سجن كائن جنوبي الحدود مع الولايات المتحدة.

طبق جواكامولي من الأفوكادو المهروس والبصل والفلفل الحار والصوص من الأطباق التي لا تغيب عن أي حفل أميركي
طبق جواكامولي من الأفوكادو المهروس والبصل والفلفل الحار والصوص من الأطباق التي لا تغيب عن أي حفل أميركي

وقبل أيام من إقامة مباراة السوبر بول في فبراير الماضي، تلقى مسؤول بهيئة أميركية للتفتيش عن النواحي الصحية بالنباتات والحيوانات، التهديد القادم من زنزانة مكسيكية، مما دفع الولايات المتحدة إلى الإيقاف المؤقت لواردات الأفوكادو.

وقال حاكم الولاية راميريز لمحطة “راديو فورميولا” المكسيكية، إنه تم اتخاذ قرار أميركي بتعليق واردات الأفوكادو، بعد أن أحبط المفتش محاولة لتمرير شحنات قادمة من ولاية مكسيكية أخرى، على أنها قادمة من ميتشواكان.

وتستورد الولايات المتحدة الأفوكادو من ولاية ميتشواكان وحدها، حيث يتواجد فيها المفتشون الأميركيون لمراقبة إجراءات السلامة من المبيدات الكيمياوية.

ومع ذلك تعد هذه الولاية من بين الولايات المكسيكية التي تعاني من أعلى معدلات عنف العصابات، حيث تتقاتل كارتلات تجارة المخدرات وغيرها من المجموعات الإجرامية من أجل السيطرة وتوسيع النفوذ.

كما تدخلت هذه العصابات في تجارة الأفوكادو وغيرها من المنتجات الزراعية المهمة، من خلال فرض حمايتها على المزارعين على سبيل المثال.

الولايات المتحدة تستورد الأفوكادو من ولاية ميتشواكان وحدها، حيث يتواجد فيها المفتشون الأميركيون لمراقبة إجراءات السلامة من المبيدات الكيمياوية

وتم إرسال فرق من الجنود مؤخرا إلى منطقة بولاية ميتشواكان، حيث كانت شبكة إجرامية تسيطر على زراعة الليمون، الذي يعد مكونا أساسيا في المطبخ المكسيكي، وتتلاعب في أسعاره.

وبرغم تورط العصابات في تجارة الأفوكادو، فإن هذه الفاكهة التي تلقب “بالذهب الأخضر”، تعد من بين أكثر السلع المربحة بالنسبة إلى المزارعين في المكسيك.

وعندما تم وقف واردات الأفوكادو من المكسيك، كانت كميات الأفوكادو الضرورية لمتابعة مباريات السوبر بول قد وصلت قبل هذا القرار، غير أن هذا الإيقاف وإن كان لفترة وجيزة، أثار المخاوف في المكسيك من حدوث خسائر في الإيرادات.

وبدأ الناس في الولايات المتحدة يعربون عن قلقهم، من احتمال حدوث نقص في الأفوكادو.

وتشير الإحصائيات الحكومية، إلى أن الولايات المتحدة استوردت العام الماضي، 1.2 مليون طن من الأفوكادو بقيمة تناهز ثلاثة مليارات دولار، من بينها واردات من المكسيك بلغت 1.1 مليون طن، وصلت قيمتها إلى نحو 2.8 مليار دولار.

ومن ناحية أخرى يبلغ حجم الصادرات المكسيكية من الأفوكادو إلى الولايات المتحدة، ما نسبته نحو 80 في المئة من إجمالي صادراتها من هذا المحصول.

وتم حاليا استئناف شحنات الأفوكادو المكسيكية إلى الولايات المتحدة، بعد اتخاذ إجراءات إضافية للسلامة الصحية، تم تطبيقها بالتعاون مع هيئة الصحة النباتية المكسيكية، ورابطة مصدري الأفوكادو.

ومع ذلك لفت الحظر الأميركي الوجيز الذي استمر لفترة أسبوع فقط، الأنظار إلى مشكلة مستمرة، وهي ما أوضحه فالكو إرنست الخبير المكسيكي بمنظمة “الأزمات الدولية”، بأن “الأفوكادو مثله في ذلك مثل أنواع التجارة المشروعة الأخرى، أدى إلى حدوث مواجهات عنيفة وعمليات عنف ضد المنتجين والمصدرين، وهي ليست مسألة جديدة، ولكنها إحدى السمات المميزة للطفرة التي حققتها الجريمة المنظمة في المكسيك”.

الأفوكادو ذهب أخضر باهظ الثمن
الأفوكادو ذهب أخضر باهظ الثمن

وأضاف إرنست إن “المجرمين ليست لديهم مصلحة في إلحاق الضرر بزراعة وتجارة الأفوكادو، عن طريق هذه النوعية من التهديدات، ذلك لأنهم أنفسهم يعتمدون على تحقيق الدخل منها”.

وأوضح قائلا “غير أنه توجد أيضا انقسامات داخلية كثيرة، وسط مؤسسات الدولة، من خلال أنماط غير متسقة من الفساد على سبيل المثال، ولا توجد سلطة فعالة لفرض قواعد معينة على الأرض ووضع حدود للتجاوزات”.

وحذرت شركة “فريسك مابلكروفت” الاستشارية لتحليل المخاطر، في أواخر عام 2019 من أن الأفوكادو، مثله في ذلك مثل الماس الأفريقي الملطخ بالدماء، يمكن أن يصبح “السلعة المثيرة للصراع القادمة”.

وقالت شركة الاستشارات: “أصبح الارتباط بجرائم القتل، وعمالة الأطفال والتدهور البيئي خطرا متزايدا، عند التعامل مع مزارعي وموردي الأفوكادو بولاية ميتشواكان، خاصة عندما يصبح تتبع مصادر الخطر أكثر صعوبة بشكل متزايد”.

وأدى الطلب العالمي المتزايد على الأفوكادو، إلى إزالة الغابات بشكل غير قانوني، في المكسيك التي تعد أكبر مصدر في العالم لهذه الفاكهة ذات القشرة الخضراء المتجعدة.

وأشارت شركة تحليل المخاطر أيضا إلى أن العصابات، تقوم بشكل متكرر بإجبار جامعي ثمار الأفوكادو، على العمل بشكل مؤقت بالسخرة، بما في ذلك العاملين من الأطفال.

ولئن أصبح الأفوكادو متاحا بدرجة أكبر في عدة مناطق من العالم، فإن المطالب تتزايد بإقامة نظام أفضل لمراقبة سلسلة الإمدادات، لكفالة عدم استخدام العاملين بالسخرة وعمالة الأطفال.

18