العشائر العربية ذراع إيران لمواجهة أكراد سوريا

دمشق - شكلت العشائر العربية جزءا من قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وقد تعاونت معها في القتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية، ولكن تزايد الصراعات بين المكون العربي والكردي في شمال شرق سوريا استثمرته إيران لتحقيق هدفين أساسيين وهما مواجهة الأكراد والسيطرة على منطقة شرق الفرات الحيوية لمصالحها من خلال تشكيل قوات قبلية عربية ودعم مطالبها فيما تقول إنه اضطهاد كردي لها.
وجاء في تقرير لمعهد واشنطن أن أحدث وحدة من رجال الميليشيات العربية في سوريا، أعلن عن تشكيلها إبراهيم الهفل، الشخصية الموالية للنظام السوري، بهدف إقامة ممر متواصل لانتقال المقاتلين القبليين المدعومين من إيران، بين دير الزور وحلب.
والوحدة هي فصائل من المستوى الثالث تنخرط في أعمال حركية عسكرية وشبه عسكرية في سوريا، وتحديدا في المنطقة الشرقية منها والتي تشمل محافظة دير الزور. وتركز في المقام الأول على محاربة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) من خلال أنشطة تهدف إلى تعزيز سلطة القبائل العربية ومعارضة النفوذين الأميركي والكردي.
وفي العشرين من سبتمبر 2023 أعلن شيخ عشيرة “العقيدات” إبراهيم الهفل رسميا عن تشكيل “جيش قوات العشائر العربية” لمحاربة قوات سوريا الديمقراطية، وسط الاشتباكات المستمرة بين قوات سوريا الديمقراطية وأبناء العشائر العربية الناقمين في محافظة دير الزور. ودعا أفراد قبيلة العقيدات إلى تقديم الدعم المالي كما طلب المساعدة من قبيلة البقارة، وهي قبيلة أخرى نافذة في منطقة وسط وادي الفرات.
العشائر العربية منخرطة في أعمال عسكرية في دير الزور وتركز على معارضة النفوذين الأميركي والكردي في المنطقة
وسبق للهفل أن انضم إلى انتفاضة العشائر العربية في الحادي والثلاثين من أغسطس وأصبح زعيم الجماعة المسلحة “قوات العشائر العربية”، مما جعل مدينة ذيبان مركزا لهذه الثورة.
ولم تقدم قوات العشائر العربية بزعامة الهفل الدعم لأحمد الخبيل، المعروف بأبي خولة، مع أن الأخير ينتمي إلى عشيرة البكير التابعة لقبيلة العقيدات. وفي رسالة صوتية مسربة خلال الانتفاضة، هدد أبوخولة الشيخ إبراهيم الهفل.
وفي عام 2020، دعا الهفل أيضا إلى نقل الإدارة المحلية إلى عشائر دير الزور، ويرجع ذلك على الأرجح إلى سيطرة قوات سوريا الديمقراطية على الأرباح التي تحققها حقول النفط.
وذكرت “عملية العزم الصلب” في تقريرها ربع السنوي للفترة من أكتوبر إلى ديسمبر 2023 المقدم إلى الكونغرس الأميركي أن مقاتلي القبائل نشأوا كـ”حركة مقاومة كاملة متكاملة” تتلقى دعما صريحا من النظام السوري وحلفائه الإيرانيين غرب نهر الفرات، حيث يقوم مقاتلو المقاومة بإعادة الإمداد وإعادة التسليح وشن هجمات عبر النهر في القرى الخاضعة لسيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” على الجانب الشرقي.
وفي سبتمبر 2023، سيطرت قوات القبائل والعشائر العربية على مناطق تابعة لقوات سوريا الديمقراطية في ريفي الرقة والحسكة شمال سوريا وشمال شرق البلاد. وتمكنت بذلك من السيطرة على قرى المحسنلي والمحمودية وعرب حسن ومنبج، ليستولوا بعد أيام قليلة على قرى الطركي وتل الطويل بالقرب من تل تمر.
الوحدة هي فصائل من المستوى الثالث تنخرط في أعمال حركية عسكرية وشبه عسكرية في سوريا
وتهدف قوات القبائل والعشائر العربية في المقام الأول إلى محاربة قوات سوريا الديمقراطية وتعزيز سيطرة العشائر العربية شرق الفرات.
ويشرف القائد في حزب الله اللبناني الحاج أبوعلي على عمليات قوات العشائر العربية، وهو لبناني الجنسية، ويتولى مهمة توجيه المقاتلين الجدد الذين يصلون إلى محافظة دير الزور وتوزيعهم. ويذكر أن أبوعلي هو المسؤول عن المنطقة الخاضعة لسيطرة إيران بالقرب من دوار البلعوم في مدينة الميادين.
وينسق أبوعلي مع الحاج عباس الإيراني، قائد “الحرس الثوري الإيراني” في البوكمال. ومن مسؤوليات الحاج عباس التنسيق مع “الفوج 47” ونشر مقاتلي المنطقة على الجانب الآخر من النهر بالإضافة إلى مراقبة الوضع في منطقة البوكمال. ويشرف “الحرس الثوري الإيراني” على التدريب القتالي لأفراد ميليشيات العشائر العربية استعدادا للقيام بعمليات في منطقة شرق نهر الفرات.
ويساهم الجيش السوري بدرجة كبيرة في مساعدة قوات ميليشيات العشائر في شرق سوريا في عملياتها، بما في ذلك تحرك أفراد الميليشيات في جميع أنحاء المنطقة ونشرهم. كما يضمن إيصال الإمدادات الضرورية مثل الذخيرة والقوت والعتاد العسكري لهذه الجماعات.
وعلاوة على ذلك، تشارك بنشاط ميليشيات العشائر، مثل “قوات القبائل والعشائر العربية”، بأعمال تجنيد المواطنين من مدن وقرى شرق سوريا، بهدف زيادة عدد قواتها فضلا عن توفير القوة البشرية للعمليات العسكرية والاستخباراتية للنظام السوري.
شيخ عشيرة "العقيدات" أعلن في العشرين من سبتمبر 2023 رسميا عن تشكيل “جيش قوات العشائر العربية” لمحاربة قوات سوريا الديمقراطية
وفي العاشر من فبراير 2024، شوهد الشيخ إبراهيم الهفل يشارك في احتفالية في مضافة شيخ قبيلة المراسمة الشيخ فرحان المرسومي في دمشق. ووفقا لبعض التقارير، جرى تنسيق هذا التجمع من قبل نظام الرئيس السوري بشار الأسد بهدف تمكين الهفل من إقامة التحالفات والعلاقات وتعزيزها مع القبائل العربية الأخرى. وبالإضافة إلى ذلك، تجدر الإشارة إلى أن للمرسومي علاقات عمل مهمة تربطه مع كل من نظام الأسد والحرس الثوري الإيراني.
تقوم قناة “حركة أبناء الجزيرة والفرات” على منصة “تلغرام” بنشاط بنشر معلومات عن عمليات “قوات القبائل والعشائر العربية”. كما تشيد بها وتعرب عن تأييدها وتعرض آخر الأخبار حول ما تحرزه من تقدم إلى جانب تقديمها نظرة ثاقبة حول تركيبة “قوات القبائل والعشائر العربية”.
ونظرا لأن الهفل يترأس هاتين الميليشيتين العشائريتين، أي “حركة أبناء الجزيرة والفرات” و”قوات القبائل والعشائر العربية”، تنشر القناة بشكل متكرر تصريحات منسوبة إليه، تارة بصفته زعيما لـ”حركة أبناء الجزيرة والفرات” وتارة أخرى كرئيس لـ”قوات القبائل والعشائر العربية”.
وبالإضافة إلى ذلك، تدعو القناة بانتظام أفراد العشائر العربية الملتحقة بقوات سوريا الديمقراطية إلى تركها والاندماج في الميليشيات العشائرية مثل “قوات القبائل والعشائر العربية”، مما يشير إلى جهد إستراتيجي لتعزيز صفوفهم من خلال الانشقاقات. ولـ”حركة أبناء الجزيرة” سجل حافل في مهاجمة الوحدات الأميركية وقوات سوريا الديمقراطية.
ويؤدي منتصر الحسين، وهو شخصية بارزة في “لواء باقر”، دورا أساسيا في قيادة حملة تجنيد واسعة النطاق لصالح “قوات القبائل والعشائر العربية”. وتهدف هذه الحملة إلى ضم الآلاف من القاصرين في صفوف “قوات القبائل والعشائر العربية” وتستهدف أهالي دير الزور، البوكمال، الميادين، عياش، الشميطية والتبني. كما يشرف الحسين على تدريبهم وإعدادهم للعبور إلى الجانب المقابل من النهر.
وتأتي عشيرة البقارة في المرتبة الثانية ضمن “قوات القبائل والعشائر العربية”، بعد عشيرة العقيدات، من حيث قوة عناصرها، وتشكل الجزء الأكبر من تركيبة “لواء الباقر”. وقد هاجم “لواء الباقر” المتمركز في حلب الوحدات الأميركية وقوات سوريا الديمقراطية وطوّر علاقة وثيقة وفريدة مع “الحرس الثوري الإيراني” ونظام الأسد.