العرب يتهافتون على العقارات في تركيا معصوبي الأعين

إسطنبول - يرتبط السائحون والمستثمرون العرب بتركيا ويترددون عليها كثيرا من أجل قضاء العطلات أو مزاولة أنشطة اقتصادية، وهو ما يعزز سوق العقارات التركي خلال العقد الماضي بشكل غير مسبوق، لكن هذا النشاط لم يخل في أوقات كثيرة من استغلال الأثرياء العرب.
وبعدما صادق البرلمان التركي على تعديلات قانون ملكية الأجانب عام 2012، أصبح للمستثمرين والسائحين الخليجيين النصيب الأكبر من العقارات التي يقبل الأجانب بشكل عام على تملكها في تركيا.
وذكر تقرير صدر عن هيئة الإحصاء التركية، أن العراقيين جاؤوا في مقدمة المشترين الأجانب بعدد 495 وحدة سكنية وأعقبهم على التوالي السعوديون بـ226 عقارا، والكويتيون بـ193 عقارا، والروس بـ136 عقارا، ثم الأفغان بـ98 عقارا.
ويفضّل معظم المستثمرين العرب شراء العقارات في إسطنبول شمال غرب تركيا، وأنطاليا في الجنوب، وولايات بورصة ويالوفا شمال البلاد وآيدن في الجنوب الغربي، حيث بيعت في أنطاليا منذ بداية 2013 وحتى اليوم 13 ألفا و796 وحدة، فيما بيعت في إسطنبول 10 آلاف وحدة.
وتعتبر منطقة شرق البحر الأسود ومرمرة من أكثر الأماكن استقطابا السياح العرب، بينما تظل منطقة البحر الأبيض المتوسط من الأماكن المفضلة لدى السياح الوافدين على تركيا من أوروبا.
ويحق للأجنبي أن يتملّك العقار في تركيا، سواء كان الهدف من الشراء بناء مشروع سكني أو تجاري أو سياحي أو صناعي أو مسكن أو مصنع أو محل تجاري من جميع أنواع العقار غير المنقول، شرط أن لا يقع العقار داخل نطاق المناطق العسكرية أو في المناطق الريفية، كالقرى وأي أرض تابعة للحكومة التركية بشكل عام.
ويقول نظام الدين آشا، رئيس غرفة الحرفيين لسماسرة العقارات في إسطنبول، “قبل حوالي 15 عاما كان الأثرياء العرب يأتون إلى تركيا ويبحثون عن منزل على البسفور، أما الآن فالوضع ليس كما كان في السابق، فمازال الأثرياء يأتون وكذلك العرب من الطبقة الوسطى".
للأجنبي الحق في تملك العقارات بتركيا، سواء كان الهدف من الشراء بناء مشروع سكني أو تجاري أو سياحي أو صناعي
وطبقا لقانون المعاملة بالمثل، الخاص بتملك الأجانب للعقارات، يستثنى حاملو الجواز السوري من شراء العقارات في تركيا بسبب الحرب الأهلية الدائرة هناك منذ ما يقرب من خمسة أعوام. ولا يحق للسوريين حاليا تملك الأراضي أو العقارات إلا من خلال تأسيس شركة أو باسم شخص حامل لجنسية أخرى.
يذكر أن اختيار العرب لا يقتصر على ما يبدو فقط على شواطئ البسفور ومنطقة ساريير ومحيطها. فوفقا لمعلومات آشا فإن مناطق بيليك دوزو وفاتح وباشاك شهير وأسينيورت في إسطنبول، احتلت خلال السنوات الأخيرة مكانة بين المشترين العرب.
ويقول آشا إن بيع المنازل إلى العرب في منطقة فاتح على وجه الخصوص تحول إلى قطاع مدهش. وقال في حوار مع وكالة “بلومبيرغ” “العرب يأتون إلى هنا ويشترون المنازل، ثم يجهزونها ويفرشونها بالأثاث ويقضون فيها شهرا وفي ما بعد يسلمونها لوكيل هنا”.
وعادة ما تطرح مشاريع الإنشاء في تركيا بسعرين مختلفين، وغالبا ما تعرض على العرب مبالغ أعلى من الأتراك. وفي الأعوام الماضية، تشكل في تركيا تلقائيا قطاع الوكلاء أو الوسطاء دون تدخل مباشر من قبل السلطات.
ويؤسس الوسطاء، الذين يتحدث أغلبهم باللغة العربية، شركات تحمل اسم شركة سياحية ويطلبون مبلغ عشرة آلاف دولار على الأقل في الشقة الواحدة. وتزداد هذه النسبة في المبيعات الأكبر حجمها لتصل من 50 إلى 100 ألف دولار.
وتقول سارة داغيستانلي التي تعمل كمستشارة عقارية “يُنظر إلى المستثمرين العرب في قطاع الإنشاء والعقارات على أنهم دجاجة ينبغي نتف ريشها".
وداغيستانلي لبنانية الأصل والمنشأ وتعمل كمستشارة عقارية منذ عشر سنوات للمستثمرين من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومنسقة تطوير الأعمال في الدول العربية في الموقع الإلكتروني “العقاري” الذي يعمل منذ عامين كمنصة مبيعات.
منطقة البحر الأبيض المتوسط من الأماكن المفضلة لدى السياح الوافدين على تركيا من أوروبا
وتستطيع داغيستانلي النظر إلى القطاع من وجهة نظر العرب والأتراك بناء على التوقعات. وقالت باستياء “يجب أن ينتبه الأتراك حتى لا يحس العرب أنهم يتعاملون معهم من أجل الحصول على أموالهم فقط. فليس من الطبيعي مضاعفة السعر لكون المشتري عربيا أو غنيا. الأتراك عجزوا عن تحطيم هذا المفهوم بطريقة أو بأخرى".
وزاد في السنوات الأخيرة اهتمام العرب بشكل خاص بشراء العقارات في مدينة إسطنبول على وجه الخصوص. وتضيف داغيستانلي “عندما نسأل عن ميزانيتهم التي خصصوها لعملية الشراء في تركيا، فإن أغلبهم يجيب بأن الميزانية مفتوحة. وهذا أمر مدهش وأغلب من يقولون هذا هم الليبيون والجزائريون والسعوديون والكويتيون”.
وفي بيروت يصل سعر منزل متوسط العمر إلى نصف مليون دولار، لكن مازالت السوق العقارية اللبنانية خارج المنافسة لاستقطاب المشترين العرب مقارنة بالسوق التركية.
ولا يقدم المشترون على دفع أثمان باهظة لشراء وحدات عقارية في دول لا تتمتع بالاستقرار السياسي أو مرشحة لاندلاع صراعات فيها. وبدلا من ذلك يفضلون بنفس الأسعار شراء منزل بالحي الذي يختارونه في مدينة إسطنبول التركية.
ووفقا لتقديرات العام 2015، فإن مبيعات العقارات التركية إلى الأجانب حققت إسهاما كبيرا في الاقتصاد التركي بلغ خمسة مليار دولار. وتسيطر رؤوس الأموال الخليجية على 1.2 إلى 2 مليار دولار من حجم هذه الإسهامات.
وتقول داغيستانلي إن “الاستثمارات العربية في تركيا حاليا ليست بالمستوى المنشود.. فقط هو الجزء الظاهر من الجبل الجليدي. وسيستمرون في التوافد على تركيا طوال مدة عدم استقرار الشرق الأوسط”.