العراق يستعد لحصاد استثنائي وتحقيق فائض في إنتاج القمح

انتعاش القطاع الزراعي في العراق يدعمه انحسار الواردات ووفرة المياه.
الاثنين 2020/04/06
الزراعة ضوء وحيد في المشهد العراقي

تواصل فورة غير مسبوقة في الإنتاج الزراعي بالعراق صمودها رغم قتامة الأوضاع السياسية ومخاوف تفشي فايروس كورونا وانهيار أسعار النفط. وقد تعزز ذلك الانتعاش بسبب وفرة المياه وتراجع الواردات وخاصة من إيران بسبب عزوف العراقيين عن شرائها والقيود على المنافذ الحدودية لمنع انتشار الوباء.

بغداد - كشفت وزارة الزراعة العراقية عن توقعات كبيرة لمحصول القمح في الموسم الحالي. ورجحت أن يتم تسويق ما يتراوح بين خمسة إلى ستة ملايين طن من القمح المحلي هذا الموسم.

ومن المتوقع أن يعني ذلك تسجيل مستويات قياسية غير مسبوقة وتحقيق فائض عن حاجة الاستهلاك المحلي لأول مرة منذ عقود، بعد أن تمكن العراق من تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح في العام الماضي.

وكانت وزارة الزراعة قد تسلمت من المزارعين نحو 4.7 مليون طن من القمح في العام الماضي، رغم حدوث مئات الحرائق في الحقول قبل أيام من الحصاد.

وقال مهدي القيسي المسؤول في وزارة الزراعة العراقية إنه من المتوقع أن يبدأ موسم حصاد القمح المحلي في العاشر من أبريل الجاري.

صالح الحسني: العراق يتمتع  باكتفاء ذاتي من الحنطة والشعير والدواجن
صالح الحسني: العراق يتمتع  باكتفاء ذاتي من الحنطة والشعير والدواجن

ويمثل القطاع الزراعي منذ العام الماضي نقطة ضوء وحيدة في المشهد الاقتصادي العراقي، حيث سجل الإنتاج قفزات كبيرة بفضل تشجيع المستهلكين للإنتاج المحلي وعزوفهم عن المحاصيل المستوردة وخاصة من إيران مع تصاعد الغضب الشعبي من نفوذ طهران المهيمن على الحكومة العراقية.

كما أن التقارير تؤكد أن خدمات وزارة الزراعة شهدت تحولا نوعيا منذ العام الماضي في توفير إمدادات الأسمدة والبذور وفرض حظر على استيراد الكثير من المحاصيل الزراعية والبيض والدواجن لتشجيع الإنتاج المحلي.

وأكد وزير الزراعة صالح الحسني هذا الأسبوع أن العراق يتمتع حاليا باكتفاء ذاتي وخزين استراتيجي لمعظم المحاصيل والمنتجات الزراعيَّة بما في ذلك الحنطة والشعير والدواجن.

وتعهد باستمرار اعتماد العراق على المنتجات المحليّة وتمديد قرارات غلق استيراد المحاصيل الزراعية.

وقال الحسني إن العراق مقبل على حصاد 16 مليون دونم من الحنطة والشعير، إضافة إلى وجود مشاريع ومحاصيل من الخضر منتجة داخل البلد تكفي لسدّ حاجة السوق.

وأشار إلى وجود كميات كافية من بيض المائدة والدجاج والدواجن المحلية، مؤكدا “تعضيد دور القطاع الزراعي بما يكفل تنفيذ الخطط الزراعيّة من خلال توفير مقومات الإنتاج”.

وتشير بيانات الشركة العامة لصناعة الأسمدة إلى أن الشركة جهزت وزارة الزراعة بأكثر من 29 ألف طن من سماد اليوريا خلال شهر مارس الماضي لتعزيز جودة المحاصيل الزراعيّة، رغم الظروف الاستثنائية، التي يمر بها العراق.

وأكد مدير عام الشركة خالد كاظم ناجي “استمرار العاملين في الشركة بالعمل والإنتاج والتسويق رغم ظروف حظر التجوال من أجل تغطية حاجة وزارة الزراعة والتي اعتمدت بشكل كامل على إنتاج الشركة من سماد اليوريا للموسم الزراعي”.

وكانت لجنة الاقتصاد والاستثمار البرلمانية قد أكدت في الشهر الماضي أن قيمة واردات العراق تراجعت بنسبة 40 في المئة خلال الأشهر القليلة الماضية بسبب تراجع الواردات من دول الجوار.

وأرجعت أوساط اقتصادية السبب الرئيسي في التراجع إلى مقاطعة البضائع الإيرانية، منذ انطلاق الاحتجاجات ضد الطبقة السياسية الموالية لإيران في أكتوبر الماضي.

وهو ما أكدته بيانات إيرانية أظهرت تراجع الصادرات إلى العراق في يناير الماضي بنسبة 80 في المئة مقارنة بما كانت عليه حتى نهاية سبتمبر الماضي.

وقال عضو اللجنة سعد الخزعلي في تصريحات للصحافيين إن “العراق كان يستورد بضائع بنسبة 99 في المئة من دول الجوار… لكن تلك النسبة بدأت تنخفض تدريجيا خلال الأشهر الماضية” في إشارة إلى السلع الإيرانية والتركية، التي كانت تهيمن على السوق العراقية.

تحقيق الاكتفاء الذاتي
تحقيق الاكتفاء الذاتي

وأقرت غرفة التجارة الإيرانية العراقية المشتركة في فبراير الماضي بتراجع صادرات إيران إلى المحافظات الجنوبية في العراق، بسبب موجة الاحتجاجات المتواصلة وعزوف المستهلكين عن شراء السلع والمحاصيل الإيرانية.

ويشهد العراق فورة غير مسبوقة في إنتاج المحاصيل الزراعية بعد موسمي أمطار غزيرة أدت إلى رفع جميع قيود الري لتتضاعف المساحات المزروعة، ما أدى لإنعاش أوضاع المزارعين.

كما استفاد القطاع الزراعي من اعتماد أنواع جديدة من بذور المحاصيل، كالقمح والشعير والرز، بعد إخضاعها لاختبارات في معامل متخصصة في سويسرا، ما أسهم في تحسين جودة المنتجات بدرجة كبيرة.

وقد تمكن العراق من تحقيق الاكتفاء الذاتي في الكثير من المحاصيل مثل القمح لأول مرة منذ عقود. وامتد ذلك إلى عدد كبير من المحاصيل والخضروات، وشجع ذلك الحكومة على إيقاف استيرادها من الدول المجاورة وخاصة إيران وتركيا.

وفرضت الحكومة العام الماضي حظرا على استيراد نحو 16 منتجا زراعيا من الخارج، إضافة إلى البيض ولحوم الدواجن، لكن مراقبين يؤكدون انتشار انتهاكات للحظر بسبب الفساد وهيمنة المليشيات على معظم المنافذ الحدودية مع إيران.

وتشمل قائمة المحاصيل الممنوعة من الاستيراد الطماطم والخيار والباذنجان والجزر والذرة الصفراء والخس والثوم والرقي والبطيخ والفلفل والتمر، إضافة إلى حظر استيراد البيض والدجاج والأسماك، في ظل ارتفاع الإنتاج المحلي إلى مستويات قياسية غير مسبوقة.

وتقول مصادر مطلعة أن إيران وتركيا تمارسان ضغوطا هائلة على أعلى المستويات في العراق، لإجبارها على رفع الحظر عن استيراد المنتجات الزراعية، لكن محللين يشيرون إلى تراجع إقبال التجار عليها بسبب المقاطعة الشعبية.

10