العراقيون يستقبلون رمضان بجيوب خاوية في خضم أزمة اقتصادية وصحية خانقة

ارتفاع الأسعار وتراجع القدرة الشرائية والبطالة تداعيات تفاقم معاناة العراقيين.
الثلاثاء 2021/04/13
تراجع قدرة العراقيين الشرائية مع تخفيض قيمة الدينار

بغداد - بين البطالة وانخفاض قيمة العملة وارتفاع الأسعار، يستقبل نحو 40 مليون عراقي شهر رمضان بقلق فيما جيوبهم فارغة وظروفهم المعيشية صعبة جدا، بعد تراجع قدرتهم على شراء حاجاتهم الأساسية واستمرار تفشي وباء كوفيد - 19 وتداعياته الاقتصادية والصحية.

وتقول أم حسين المسؤولة عن تربية خمسة أبناء وحدها منذ أن فقدت زوجها، "إذا أردنا أن نصوم، علينا أن نأكل بما يكفي، بينما سعر كيلوغرام الطماطم ارتفع من 500 إلى ألف دينار".

وتجهد المرأة البالغة من العمر 58 عاما والتي لا تملك مصدر دخل ثابتا كل شهر من أجل جمع 70 ألف دينار (نحو 48 دولارا) لسداد إيجار منزلها المتهاوي. وتعتمد لتأمين الغذاء على بطاقة تموينية، حالها حال 16 مليون عراقي يعانون من فقر مدقع.

وبموجب هذه البطاقة التي بدأت السلطات توزيعها منذ فترة الحصار الدولي على العراق في التسعينات، يحقّ لكل عائلة تكسب شهريا أقل من 1.5 مليون دينار (نحو ألف دولار)، الحصول على حصة غذائية شهرية.

وتتضمن الحصة ثلاثة كيلوغرامات من الأرز، وكيلوغرامين من السكر، وقارورة زيت وتسعة كيلوغرامات من الطحين، مقابل ألف دينار فقط (أقل من دولار).

لكن أبا سيف البالغ من العمر 36 عاما والذي ورث متجر توزيع حصص تموينية عن والده، يقول "لم نتسلّم سوى حصص شهر واحد، وهو فبراير، منذ بداية العام".

ويضيف "لم نتسلّم أي حصة لشهر رمضان! وهناك كثر يسألون ويتصلون هاتفيا عن الحصة التموينية لشهر رمضان".

ووعد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي مؤخرا بتوزيع حصة تموينية إضافية خاصة بشهر رمضان، لكن حتى الآن لم يحصل ذلك.

وتضاعفت ديون المشترين من متجر أبوعمار الذي بات يخشى توقف عمله في حال عدم تمكنه من شراء سلع لبيعها، ويقول "عائلات كثيرة تتبضع بالدين. ووصلت ديون البعض منها إلى أكثر من مئتي ألف دينار"، أي نحو 137 دولارا.

ويعود ذلك بشكل رئيسي إلى ارتفاع الأسعار في عموم البلاد، فقد خفضت الدولة قيمة الدينار أواخر عام 2020، إثر انخفاض أسعار النفط الذي يشكل المورد الرئيسي لميزانية البلاد، وفقد الدينار 25 في المئة من قيمته أمام الدولار.

ارتفاع أسعار معظم السلع الاستهلاكية بشكل كبير
ارتفاع أسعار معظم السلع الاستهلاكية بشكل كبير

كما ارتفعت أسعار معظم السلع الاستهلاكية بشكل كبير، فبات سعر قارورة زيت الطعام 2250 دينارا بعدما كان 1500 دينار (من نحو 1.2 دولار إلى حوالي 1.6 دولار).

فضلا عن ارتفاع الأسعار، تلاشت المداخيل وفرص العمل بسبب إجراءات الحظر الصحي المفروضة للحد من انتشار وباء كوفيد - 19. ويعتمد عدد كبير من سكان العراق الذي يعاني منذ عقود من نزاعات وحروب، على أعمال براتب يومي.

ووصفت منظمة الزراعة والغذاء (فاو) التابعة للأمم المتحدة الوضع في العراق بالحلقة المفرغة.

وذكر تقرير للمنظمة أن "أكثر من 90 في المئة من الشركات الزراعية صغيرة ومتوسطة الحجم تقول إنها تأثرت بالوباء، ولمواجهة ذلك قام أكثر من نصفها بتسريح عمال أو خفض رواتبهم".

وأضاف أن ذلك تزامن مع ارتفاع أسعار السلع الرئيسية وندرة بعضها، ما أغرق المزيد من العراقيين في حالة انعدام الأمن الغذائي.

وانعكس القلق من الأوضاع المعيشية على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تداول المستخدمون منشورا يقول "راتب هذا الشهر يلعب ضمن مجموعة صعبة، كورونا - رمضان - العيد، من المستحيل أن يصل إلى النهائي".

بالنسبة لحيدر، وهو موظف حكومي يبلغ من العمر 32 عاما ويتقاضى 900 ألف دينار (نحو 620 دولارا) شهريا، يشكّل شهر رمضان مصدرا للهموم، بسبب "متطلبات البيت وملابس الأطفال" للاحتفال بعيد الفطر الذي يعقب رمضان.

ويضيف حيدر، وهو أب لثلاثة أطفال ويقطن منزلا بالإيجار عند أطراف العاصمة، "الراتب في الظروف العادية لا يغطي ما تحتاج إليه العائلة وأحيانا كثيرة أضطر إلى الاقتراض لأكمل الشهر، ولأدفع فواتير مولّد وإيجار البيت ومصاريف الأطفال".

وبسبب الانقطاع المتكرر للكهرباء، تعتمد العائلات العراقية على مولدات خاصة للتعويض عن النقص، لكنها تكلّف 25 ألف دينار (حوالي 17 دولارا) لقاء الأمبير الواحد، فيما كان سعر المولد سابقا 18 ألف دينار (حوالي 14 دولارا).

بالنتيجة، أصبح معظم السكان، مثل أبوأحمد، الموظف الحكومي البالغ 33 عاما، مرغمين على التخلّي عن العادات الرمضانية التي نشأوا عليها.

ويقول أبوأحمد، وهو ربّ أسرة من أربعة أفراد، "بسبب كورونا لن أدعو أحدا إلى الإفطار في رمضان، الأوضاع الصحية صعبة جدا"، متابعا "حتى اقتصاديا، لن أقدر على توفير متطلبات الدعوة بسبب غلاء الأسعار".