العجوز دلة ملكة الصاج تخرج الخبز من تنانير الأجداد

الستينية دلة تنجح في تحويل مخبزها القديم إلى مخبز عصري لخبز الصاج القروي التقليدي.
الثلاثاء 2020/09/01
الإقبال على خبز الصاج يزيد عدد العاملات في صناعته

أصبح خبز الصاج القروي التقليدي في لبنان يحظى بشعبية كبيرة في الفترة الأخيرة، فهو تراث الأجداد الذي تم إحياؤه لميزاته العديدة، فإلى جانب أهميته الغذائية هو أيضا الخيار المناسب للكثيرين الذين يبحثون عن مورد رزق يساعدهم في تجاوز تداعيات الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد.

 بيروت – أحيت عجوز لبنانية خبزا تراثيا كاد يندثر وسط انتشار المخابز الحديثة، حيث تحضر يوميا ما يقارب 250 ربطة من خبز الصاج القروي التقليدي، الذي يقبل عليه الكثير من الزبائن من مناطق لبنانية عديدة من بينها العاصمة بيروت.

ونجحت الستينية دلة، الملقبة بملكة الصاج، في تحويل مخبزها القديم إلى مخبز عصري بامتياز في بلدتها كفرشوبا الواقعة في القطاع الشرقي من جنوب لبنان، من خلال استخدام معدات حديثة بينها عجانة وقطاعة وفرامة يتم تشغيلها جميعها بالتيار الكهربائي. كما يتوفر مخبر دلة على 8 صاجات تعمل بالغاز إلى جانب معدات أخرى تستعملها في تحضير وعرض وتسويق الخبز.

ويوميا، تنهض دلة مع بداية ساعات الفجر الأولى لتعد خبز الصاج القروي، حيث انتعش نشاطها بفضل عودة زراعة القمح البلدي بكثافة هذا العام ما جعل إنتاج هذه المادة يصبح وفيرا وهو ما أثر بدوره على صناعة خبز الصاج الذي أصبح سلعة غذائية أساسية تشهد طلبا متزايدا عليها.

وأصبح خبز الصاج مورد رزق أساسيا يحقق مكاسب مادية لعدد كبير من سكان الأرياف في لبنان ويجنبهم البطالة، خاصة مع احتداد الأزمة الاقتصادية في البلاد وزيادة تفاقمها بعد فرض إجراءات العزل العام بسبب تفشي جائحة كورونا.

وقالت دلة لوكالة الأنباء الصينية “شينخوا” إن خبز الصاج الذي يطلق عليه أيضا تسمية “الخبز المرقوق” قد “وصل في هذه الفترة إلى أوج عزّه”.

ربات المنازل في القرى عدن إلى العمل في صناعة خبز الصاج بعدما هجرنه لسنين حتى كاد ينقرض

وأوضحت أن هذا الخبز التقليدي دخل في حالة من الانتعاش الكبير وغير المسبوق في معظم الأرياف اللبنانية، ما دفع العجوز دلة إلى زيادة عدد العاملات في مخبزها ليصل إلى إحدى عشرة عاملة.

وبفضل الإنتاج الوفير للقمح البلدي هذا العام، عرفت صناعة خبز الصاج رواجا في الأسواق ما جعل عدد المخابز المختصة في إعداده تتزايد.

وقال سليم حميدان صاحب مخبز في حاصبيا، إن صناعة خبز الصاج القروي انتشرت وتوسعت بسرعة لتصل إلى معظم المناطق الريفية.

وتابع “لقد عادت ربات المنازل في القرى الريفية إلى العمل في صناعة خبز الصاج بعدما هجرته لسنين طويلة حتى كاد ينقرض بعدما سيطر خبز الأفران على السوق”.

فيما كشف فاضل الحاج علي صاحب محل تجاري في مدينة النبطية، أن نسبة كبيرة من المستهلكين أصبحت تقبل على خبز الصاج وتخلت عن خبز الأفران. وقال “إن أغلب الزبائن يرون أن نوعية وجودة خبز الصاج هي الأفضل خاصة أن الخبازين يعدونه بالاعتماد على طحين القمح البلدي”.

إحياء للتراث القروي القديم
إحياء للتراث القروي القديم

وليس المواطنون فقط من أصبحوا يقبلون بكثافة على خبز الصاج بل حتى المطاعم أصبحت تقدم هذا الخبز التقليدي من أجل جذب الزبائن، من خلال تركيز صاجة الخبز في مدخل المطعم في محاولة لإغراء الزبائن المارين في الشارع، وموظفين لهذا الهدف أيضا رائحة خبز الصاج القروي التي تملأ الأجواء.

وقال سامر زين الدين صاحب مخبز في ابل السقي جنوب لبنان، إن الأجرة اليومية لكل من العاملات الأربع عشرة اللاتي يعملن عنده تقدر بثلاثين ألف ليرة ما يعادل 4 دولارات وفقا لسعر صرف الدولار في السوق السوداء.

وأكد المزارع السبعيني سلام أبوعمر أن “العودة إلى خبز الصاج يحيي التراث القروي القديم، الذي يعتبر فخر القرية اللبنانية وعنوان حياتها، حيث يكتسب هذا النوع من الخبز ميزات كثيرة أخرى تتعلق بكونه غذاء صحيا بامتياز”.

وبين أن العاملات تخبزن يوميا من 4 إلى 5 أكياس من الطحين، وزن كل كيس 25  كيلوغراما حيث يعطي كل منها بين 60 إلى 70ربطة من الخبز سعة كل واحدة 7 أرغفة. وقال الستيني محمود علام إنه بات يزود الكثير من المخابز بالقمح البلدي، وأوضح أنه للمرة الأولى منذ أكثر من ربع قرن عمل على زراعة حقله في سهل الماري بشرق جنوب لبنان.

وعاد الكثير من أبناء الجنوب لزراعة أرضهم بمختلف أنواع الحبوب مع تردي الوضع الاقتصادي وفي محاولة للوصول إلى اكتفاء ذاتي.

وشجع دعم وزارة الزراعة اللبنانية والبلديات المزارعين حيث تساهم الحكومة في تحضير الأرض وإصلاحها وحراثتها وتقديم البذور مجانا.

24