العثور على قطعة أثرية داخل علبة سيجار

أبردين (اسكتلندا) – كشف أكاديميون، الأربعاء، عن العثور بالصدفة في علبة سيجار بجامعة أبردين الاسكتلندية على واحدة من ثلاث قطع أثرية وجدت داخل الهرم الأكبر في مصر ويعود تاريخها إلى 5 آلاف سنة.
وتعدّ القطعة الأثرية وهي من خشب الأرز “مهمة للغاية”، فقد اكتشفت لأول مرة أواخر القرن التاسع عشر، حين عثر عليها المهندس البريطاني واينمان ديكسون ضمن مقتنيات أخرى في غرفة الملكة داخل الهرم، ولكنها كانت مفقودة لأكثر من 70 عاما.
وتم التبرع بالقطعة – التي يسود اعتقاد بأنها ربما استخدمت في بناء الهرم الأكبر بالجيزة – إلى جامعة أبردين في عام 1946، لكنها اختفت بعد ذلك.
وعثرت المصرية عبير العداني، الأمينة المساعدة بالجامعة، على قطعة خشب الأرز – التي أصبحت حاليا مفتتة – أثناء عملية مراجعة للعناصر الموجودة في مجموعة آثار آسيوية.
ولفت انتباه العداني أن علبة السيجار الصغيرة تحمل صورة علم مصري قديم لا ينتمي إلى القطع الأخرى، فقامت بمراجعتها مع سجلات أخرى.
ووفقا لهيئة الإذاعة البريطانية بي.بي.سي، قالت العداني التي عملت في المتحف المصري بالقاهرة لحوالي عشر سنوات، “بمجرد أن نظرت إلى الأرقام الموجودة في سجلاتنا عن مصر، عرفت على الفور قيمتها، وأنه تم إخفاؤها فعليا على مرأى من الجميع في المجموعة الخطأ”.
وتابعت “أنا عالمة آثار وعملت في الحفريات في مصر، لكنني لم أتخيل أبدا أن أجد شيئا مهما من آثار بلدي هنا في شمال شرق اسكتلندا.. قد تكون مجرّد قطعة صغيرة من الخشب، وهي الآن مفتتة إلى عدة قطع، لكنها ذات أهمية كبيرة نظرا لأنها واحدة من ثلاث قطع أثرية فقط تم إخراجها من داخل الهرم الأكبر”.
وعثر ديكسون على قطعتين أثريتين أخريين داخل الهرم، وهما كرة وخطاف موجودان حاليا في المتحف البريطاني، لكن قطعة الخشب كانت مفقودة.
وأكدت العداني أن “مجموعات آثار الجامعة ضخمة، تصل إلى مئات الآلاف من القطع، لذلك فإن البحث عنها كان بمثابة العثور على إبرة في كومة قش.. لم أصدق ذلك عندما أدركت ما كان بداخل علبة السيجار هذه والتي يبدو شكلها عاديا”.
ووجدت القطعة التي يبلغ قياسها في البداية خمس بوصات أو حوالي 13 سم قبل أن تتفتت الآن إلى عدة قطع، طريقها إلى المدينة الاسكتلندية بفضل وجود صلة تربط ديكسون بطبيب يدعى جيمس غرانت درس في أبردين وذهب إلى مصر لعلاج الكوليرا في منتصف ستينات القرن التاسع عشر.
وظهرت المزيد من الأدلة على أن قطعة الخشب المفقودة، بالإضافة إلى العناصر الأخرى المعروفة باسم “بقايا ديكسون”، يمكن استخدامها في بناء الهرم الأكبر بعد الاختبارات الحديثة على القطعة الأثرية.
لكن نتائج التأريخ الكربوني، التي تأخرت بسبب قيود فايروس كورونا، كشفت أن قطعة الخشب الأثرية التي أعيد اكتشافها تعود إلى الفترة ما بين 3341 و3094 قبل الميلاد، أي قبل وقت طويل من بناء الهرم.
وقال نيل كيرتس، رئيس المتاحف والمجموعات الخاصة بجامعة أبردين، إن “العثور على بقايا ديكسون المفقودة كان مفاجأة، لكن تحديد عمرها بالكربون المشع كان كشفا هامّا أيضا.. إنها أقدم حتى ممّا كنا نتصور”.
إذ كان يرجح أن القطعة الأثرية كان لها دور في بناء الهرم الأكبر وأنها ليست من مخلفات من كانوا يستكشفون الغرف.
وأضاف كيرتس “ربما يكون هذا لأن التاريخ مرتبط بعمر الخشب الذي قد يكون من قلب شجرة معمرة أو قد يعود هذا لندرة الأشجار في مصر القديمة، وهو ما جعل الخشب شحيحا وثمينا ويُعاد تدويره لسنوات عديدة”.
ويرى أن “مهمة العلماء الآن مناقشة الأمر الذي استخدمت القطعة فيه، وما إذا كان قد تم إيداعها عمدا كما حدث لاحقا في عصر الدولة الحديثة عندما كان الفراعنة يحاولون التأكيد على فكرة الاستمرارية مع الماضي من خلال دفن الآثار معهم”، لافتا إلى أن “هذا الاكتشاف سيعيد بالتأكيد إثارة الاهتمام ببقايا ديكسون والكيفية التي يمكن أن تسلط من خلالها الضوء على الهرم الأكبر”.