العالم بين خياري الصحة والمال

رغم خطورة الوضع، بدأت بعض الحكومات في ذروة أزمة كورونا باتخاذ قرارات تعليق الحجر على بعض القطاعات لتجنب حصول خسائر اقتصادية أخرى.
الثلاثاء 2020/04/14
معادلة صعبة

مدريد- أجبرت تداعيات كارثة وباء كورونا الملايين من الناس على البطالة القسرية خوفا من الإصابة بعدوى الفايروس وهو ما ساهم في شل جل اقتصادات دول العالم التي تجد نفسها اليوم أمام معادلة صعبة وأمام خيارين؛ إما المحافظة على صحة المواطنين وإما رفع الحجر الصحي واستئناف العمل بنسق طبيعي لتفادي الوقوع في أزمة اقتصادية خانقة.

وبدأت بعض الحكومات، في ذروة الأزمة، في اتخاذ قرارات تعليق الحجر على بعض القطاعات لتجنب حصول خسائر اقتصادية أخرى، حيث عاد، الاثنين، رغم خطورة الوضع، العاملون في بعض الصناعات غير الأساسية إلى وظائفهم في إسبانيا، التي تعد واحدة من أكثر الدول تضررا من الوباء.

وبحسب تقرير نشرته صحيفة “أسوشيتد برس” الأميركية فإن الحكومة الإسبانية اتخذت هذا القرار رغم تحذيرات المسؤولين من تداعياته الصحية على العمال.

وعلى عكس إسبانيا حذّر المسؤولون في كوريا الجنوبية من أن التقدم الذي بالكاد تم الوصول إليه في مكافحة الفايروس يمكن أن يتراجع بسبب الإصابات الجديدة بعد تخفيف القيود.

 الحكومات تجد نفسها أمام خيارين إما المحافظة على صحة المواطنين وإما استئناف العمل لتفادي أزمة اقتصادية خانقة

وقال رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز، إن حكومته يجب أن توازن استجابتها لأزمة الفايروس التي “تهدد بتدمير الأرواح وفي نفس الوقت تدمير النسيج الاقتصادي والاجتماعي لبلدنا”.

وسعيا لاستئناف عجلة التصنيع، سمحت الحكومة الإسبانية للعمال بالعودة إلى بعض وظائف المصانع والبناء. لكن لا تزال متاجر وخدمات البيع بالتجزئة مغلقة، ويتم تشجيع العاملين في المكاتب بقوة على مواصلة العمل من المنزل. وسيبقى حظر مغادرة الأشخاص لمنازلهم لأي شيء بخلاف البقالة والأدوية لمدة أسبوعين على الأقل في ظل حالة الطوارئ.

وقال نائب رئيس البنك المركزي الأوروبي لويس دي غويندوس لصحيفة “لا فانغارديا” الإسبانية “إن الاقتصاد الإسباني أكثر تعرضا للأزمة لأنه يعتمد على خدمات مثل السياحة التي تضررت بشدة من الوباء. وهذا يعني أنه من المرجح أن يكون هناك ركود أعمق”.

فايروس كورونا يهدد بتدمير الأرواح وفي نفس الوقت تدمير النسيج الاقتصادي
فايروس كورونا يهدد بتدمير الأرواح وفي نفس الوقت تدمير النسيج الاقتصادي

وتنقل الصحيفة الأميركية عن خوسيه بارديناس القاطن بالعاصمة مدريد قوله “لم تعطنا الشركة أي معدات واقية. أشعر بالقلق للغاية بشأن الإصابة بالفايروس لأن عائلتي لا تستطيع تحمل المزيد من الوقت دون دخل”.

من جهته، أصدر رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان نداء دوليا إلى الدول الأكثر ثراء في العالم والمؤسسات المالية الدولية لتخفيف عبء الديون عن الدول الفقيرة، حيث تؤدي عمليات الحظر القسري إلى شل الاقتصادات المضطربة بالفعل وتسبب الجوع للفقراء.

وأطلقت الحكومة الباكستانية برنامجا طموحا بقيمة 8 مليارات دولار لمساعدة الملايين بالقرب من مستوى الفقر. وخفّف خان الأسبوع الماضي من تدابير الحظر في بلاده حيث سمح بعودة صناعة البناء، التي توظف الغالبية العظمى من العاملين بأجر يومي في باكستان.

أما في ألمانيا فمن المقرر أن تعقد المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، التي حثت على اتباع نهج حذر في أي تخفيف للقيود، مؤتمرا بالفيديو مع حكام الأقاليم، الأربعاء، بعد أن دعا حاكم الولاية الذي يعاني من معظم الإصابات إلى وضع “خارطة طريق” للعودة إلى وضعها الطبيعي.

وقال أرمين لاشيت، حاكم ولاية شمال الراين – ويستفاليا، إن “الاستعداد لفرض القيود لا بد أن يصحبه بعض التطبيع”، بعدما وضعت الحكومة خطة للتخفيف التدريجي للقيود المفروضة في 22 مارس، عندما اقتصرت التجمعات العامة على شخصين فقط.

أما في كوريا الجنوبية، فقال رئيس الوزراء تشونغ سي كيون، إن المسؤولين يناقشون المبادئ التوجيهية العامة الجديدة التي تسمح “بمستويات معينة من النشاط الاقتصادي والاجتماعي” مع الحفاظ على المسافة المسموح بها لإبطاء انتشار الفايروس.

عمليات الحظر القسري تؤدي إلى شل الاقتصادات المضطربة
عمليات الحظر القسري تؤدي إلى شل الاقتصادات المضطربة

وتعهد رئيس كوريا الجنوبية مون جاي إن، الاثنين، بالتركيز على توفير الوظائف وحماية الاقتصاد وسط زيادة حادة في عدد الأشخاص الذين يسعون للحصول على إعانات البطالة.

وفي سريلانكا، أعلنت الحكومة عن خطط لإعادة فتح المدارس والجامعات في مايو. أما في الولايات المتحدة، وهي البؤرة الجديدة لانتشار المرض، حيث سجلت أكثر من 22 ألف حالة وفاة، وهي أعلى نسبة في العالم، فإنه من المرجح أن تعود قطاعات إلى العمل الشهر القادم.

وقال خبير الأمراض المعدية في الولايات المتحدة الدكتور أنتوني فوسي إن أجزاء من البلاد يمكن إعادة فتحها تدريجيا في وقت مبكر من الشهر المقبل.

في  المقابل، أشاد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، الذي أصيب بالفايروس، بمستوى الخدمة الصحية الوطنية في البلاد بعد مغادرته المستشفى الأحد. وتوجه جونسون، الذي أمضى ثلاث ليال في العناية المركزة، بالشكر الخاص لممرضتين وقفتا بجانب سريره لمدة 48 ساعة “عندما كانت الأمور تسير في أي من الاتجاهين”.

سعيا لاستئناف عجلة التصنيع، سمحت الحكومة الإسبانية للعمال بالعودة إلى بعض وظائف المصانع والبناء

وشهدت اليابان، ثالث أكبر اقتصاد في العالم، ارتفاع معدلات الإصابات الجديدة بوتيرة متسارعة، وتسجل الآن حوالي 2255 حالة مؤكدة. وتباطأت الشركات اليابانية في التحول إلى العمل عن بعد ولا يزال العديد من الناس يتنقلون بحرية في الأماكن، حتى بعد إعلان حالة الطوارئ في سبع محافظات، بما في ذلك طوكيو.

ومن أجل تشجيع الناس على البقاء في المنازل، أصدرت الحكومة اليابانية مقطع فيديو يظهر رئيس الوزراء شينزو آبي، وهو يحتضن كلبه، ويقرأ كتابا وينقر على جهاز تحكم عن بعد في المنزل، لكن الرسالة أثارت انتقادات لاذعة على وسائل التواصل الاجتماعي. وارتفعت العدوى أيضا في إندونيسيا، رابع أكبر دولة من حيث عدد السكان في العالم، حيث تعهد الرئيس جوكو ويدودو بأن يكون أكثر شفافية بشأن إبلاغه عن مستجدات الفايروس.

وفي الشهر الماضي، اعترف ويدودو عمدا بحجب المعلومات حول انتشار الفايروس لمنع الذعر. والاثنين، طلب من وزرائه وفرقة العمل القائمة على فايروس كورونا أن يلتزموا الشفافية مع الجمهور. وسجلت إندونيسيا 4557 إصابة مؤكدة و399 حالة وفاة، وهو أعلى عدد مسجل في آسيا بعد الصين.

6