"العاسف هاوس".. منتجع بيئي أردني بسبعة كهوف

لم تعد فخامة النزل بنجومها تبهر السياح الذين صاروا يهربون من ضجيج المدينة وجدرانها. فهم يبحثون عن راحة مختلفة، وذلك ما يوفره شقيقان أردنيان في منتجعهما البيئي الذي يحتوي على الكهوف وشاليهات بعمارة إسلامية لضيوفهما القادمين من مختلف دول العالم.
عجلون (الأردن) ـ “الحضارة لا يمثلها الغرب أو الشرق، بل يمثلها الإنسان القادر على تذوق الجمال أينما يراه”، مقولة يجسدها الشقيقان الأردنيّان محمد (46 سنة) وتامر (42 سنة) الدويكات، اللذان قررا أن يصنعا من التاريخ عنوانا للحاضر.
بدأت الحكاية بين أحراش قرية عرجان في محافظة عجلون شمال الأردن، حيث استغل الشقيقان عمق التاريخ وآثاره، ليجعلا من أرض يملكانها مكانا يقصده السياح من أرجاء المعمورة.
سبعة كهوف تعود إلى ألف و700 سنة ضمن الأرض التي تمتد على مساحة عشرة دونمات، يملكها الشقيقان الدويكات اللذان جعلا منها منتجعا ريفيا بيئيا، لعشاق الراحة والاستجمام، والتمتع بجمال الطبيعة، بعيدا من ضوضاء المدن وكل ما يقلق الراحة.
أطلق الشقيقان على مشروعهما اسم “العاسف هاوس”، والذي يقع في منطقة خربة العاسف. وتعود التسمية إلى راهب سكن المنطقة في زمن بعيد، كان يُطلق عليه آسف أو أسينوف، وفق الرواية التي توارثها السكان.
ويقول محمد “هذه المنطقة كانت ديرا، والكهوف السبعة الموجودة فيها محفورة بيد الإنسان”.
ويضيف “حوّلنا المكان إلى مشروع استثماري سياحي، انطلاقا من إطلالته على منبع وادي جديتا، ومن أهميته التاريخية”.
ويوضح أنه بدأ العمل، حاليا، باستخدام كهف واحد، لتقديم الشرح اللازم للسياح والزوار عن المنطقة، وللراغبين في الاستجمام وممارسة رياضة اليوغا القائمة على التأمل.
ويقول محمد “يتميز الكهف بالحفاظ على حرارته صيفا وشتاء، بين 22 و24 درجة مئوية، ولا يوجد فيه صدى صوت كالكهوف العادية، كما لا يوجد فيه أي نوع من الحشرات أو الزواحف، رغم وجوده في منطقة جبلية مرتفعة”.
ويشير إلى أنه طوّر المكان، إذ أنشأ فيه شاليهات قببية (على شكل قباب) على طريقة النظام الإسلامي القديم، “كما شيّدنا غرفا فندقية، لتكون مكانا لمبيت السياح مع الشاليهات، للراغبين في الإقامة بالمكان والاستمتاع بجمال الطبيعة الخلابة”.
ويوضح أن “العاسف هاوس” بات مقصدا أردنيا للسياح من مختلف دول العالم، كإيطاليا وبولندا وهولندا وبريطانيا وأستراليا وروسيا والولايات المتحدة وفرنسا.
ويقول “قبل تفشي جائحة كورونا، كانت تأتينا مجموعات من الأتراك والأردنيين المقيمين في تركيا، ونتطلع إلى عودتهم بعد انحسار الوباء نهائيا في المستقبل”.
ويضيف “خدماتنا متميزة ومتوافرة للزوار على مدار 24 ساعة، المكان نظيف وآمن ومراقب طوال الوقت، ولا نستقبل سوى العائلات”.
ويلفت إلى أن “المشروع أتاح فرص عمل لأبناء وبنات المجتمع المحلي، إذ نوفر نحو 20 فرصة عمل، بالإضافة إلى أننا نبتاع جميع مستلزمات تحضير الوجبات للزوار من المحال التجارية في المنطقة”.
وعن أسعار الإقامة في المكان، يقول إنها “لا تتجاوز 55 دينارا أردنيا (77 دولارا) للشخصين في الليلة الواحدة، ويشمل ذلك تقديم وجبتي الإفطار والعشاء بأطباق محلية وشعبية”.
كما يحوي “العاسف هاوس” مواقع عدة تتماشى ورغبة الزائر، ويضم بيت شعر للراغبين (خيمة) في عيش حياة البداوة، إضافة إلى جلسة حديثة.
ويوضح محمد “جهّزنا المكان منذ خمس سنوات، وزوارنا من أعلى المستويات، وهو محل اهتمام عدد من السفارات العربية والأجنبية العاملة بالمملكة”.
ويستطرد “هناك الكثير من المنظمات الدولية الموجودة في الأردن، اختارت المكان لعقد اجتماعها وتنفيذ ورش تدريبية تنموية”.
السائح البولندي جان مروز يصف المكان بأنه “جميل جدا. إنها المرة الأولى لي ولزوجتي في هذا البلد العربي، وقد زرت العقبة ووادي رم، لكنّ هذا المكان مختلف. الخضرة هنا تلفت الأنظار، والطبيعة خلابة”.
ويضم الأردن وفق إحصاءات رسمية نحو 100 ألف موقع أثري وسياحي، تتوزع في مختلف محافظات المملكة ومدنها.