الطيور البرية تنسحب من الحياة في صمت

باحثون يدقون جرس الإنذار فيما يتعلق بتقلص أعداد الطيور البرية بشكل بطيء وصامت في السماء الأميركية.
السبت 2019/10/12
حالة طوارئ لإنقاذ الطيور من الانقراض

أعلن باحثون في دراسة حديثة أن السماء الأميركية تمر بحالة طوارئ تتعلق بالطيور، لافتين الانتباه إلى تقلص أعداد الطيور البرية بشكل بطيء وصامت، داعين الناس إلى اتخاذ التدابير اللازمة قبل فوات الأوان.

سيث بورنستين/ كريستينا لارسون

 واشنطن – أظهرت دراسة شاملة أن سماء أميركا الشمالية أصبحت أفرغ وأكثر هدوءا حيث انخفض عدد الطيور البرية بحوالي 3 مليارات مقارنة بسنة 1970.

ووفقا لدراسة نشرت في مجلة ساينس، تركز الدراسة الجديدة على انخفاض أعداد الطيور، وليس انقراضها. ووصل عدد الطيور في الولايات المتحدة وكندا إلى حوالي 10.1 مليار قبل نصف قرن تقريبا وتقلص بنسبة 29 بالمئة إلى حوالي 7.2 مليار طائر.

وأكد مؤلف الدراسة كينيث روزنبرغ، وهو مختص في مجال الحفاظ على البيئة بجامعة كورنيل الأميركية، “يحتاج الناس إلى الاهتمام بالطيور المحيطة بهم لأنها تختفي ببطء. إنها عملية تحدث أمام أعيننا مباشرة، لكننا قد لا نتمكن من ملاحظة آثارها قبل فوات الأوان”.

ووظّف روزنبرغ وزملاؤه رادار الطقس و13 دراسة استقصائية مختلفة تمتد إلى سنة 1970 عن الطيور والبرامج الحاسوبية لتحديد مستقبل 529 نوعا من الطيور الموجودة في أميركا الشمالية.

ولا يغطي هذا العدد كل الأنواع الموجودة، لكن روزنبرغ شدد على أن أغلبها مفقودة أو نادرة جدا. وأضاف أن استخدام البيانات من رادار الطقس الذي يلتقط الطيور المهاجرة مثّل طريقة جديدة في هذا المجال.

ولم يشارك الباحث في علم الطيور من المتحف الأميركي للتاريخ الطبيعي، جويل كراكرافت، في الدراسة، لكنه شدد على أهميتها لأنها تبرز ما يخشاه الجميع. كما أشار إلى أن نتائج الدراسة كانت أقسى مما توقع الكل.

وكل سنة، تتلقى عالمة الطيور من جامعة كونيتيكت، مارغريت روبيغا، مكالمات من أشخاص لاحظوا نقصا في عدد الطيور. ولفتت إلى أن هذه الدراسة تبرز مشكلة مهمة.

وقالت في رسالة بالبريد الإلكتروني “إذا خرجت من منزلك صباح أحد الأيام ولاحظت أن ثلث جميع المنازل في منطقتك كانت فارغة، فستستنتج أن هناك شيئا خطيرا يحدث. رحل 3 مليارات من جيراننا الذين يأكلون الحشرات التي تدمر نباتاتنا التي تستعملها في غذائنا وتحمل أمراضا تصيبنا. أعتقد أن علينا أن نفهم خطورة ذلك”.

وأوضح روزنبرغ أن النقص برز في الطيور الأكثر شيوعا، إلا أنها لم تختف بعد.

وكان عصفور الدوري الذي يربى في المنزل على رأس قائمة الأنواع المتضررة. كما تضاءل عدد طيور المروج الشرقية بأكثر من ثلاثة أرباع، ولوحظ نفس الشيء في المروج الغربية.

وأفاد روزنبرغ أن أعداد السمان انخفضت بنسبة 80 بالمئة، وأصبحت أعداد الطيور مثل الشحرور أقل من نصف ما كانت عليه.

Thumbnail

ورغم النتائج المفزعة، لم تتقلص أعداد كل الطيور، على سبيل المثال، تزايدت العصافير الزرقاء لأن البشر تدخلوا لمضاعفة أعدادها.

وشاهد روزنبرغ، الذي راقب الطيور منذ أن كان في الثالثة من عمره، هذا منذ أكثر من 60 عاما. عندما كان أصغر سنا، كان والده يأخذه لرؤية طيور كانت تجتاح سماء نيويورك. كان عددها لا يقل عن 200 طائر حول الأماكن المخصصة لتغذيتها. الآن، قال إن العدد لا يتعدى 10.

وغطى البحث الطيور البرية فقط، ولم يركز على الطيور الموجودة داخل المزارع مثل الدجاج، بالإضافة إلى أن دراسة روزنبرغ لم تتطرق إلى السبب الذي يجعل عدد الطيور البرية يتضاءل، لكنه أشار إلى دراسات سابقة ألقت اللوم على نقص الأشجار وزيادة القطط والنوافذ.

وقال “تختفي الطيور مع كل حقل نخسره. ونعلم بوجود عدد من العوامل التي تقتل الطيور مثل الزيادة في أعداد القطط والنوافذ”.

وأوضح الخبراء أن فقدان الطيور لما كانت تعتبره مسكنها يمثّل عاملا أساسيا في اختفائها. كما أظهرت دراسة أجريت سنة 2015 أن القطط تقتل 2.6 مليار طائر كل سنة في الولايات المتحدة وكندا، بينما تقتل النوافذ 624 مليونا والسيارات 214 مليونا. ولهذا السبب، يجب على البشر إبقاء القطط في منازلهم، وتعديل نوافذهم لتقليل احتمال اصطدام الطيور بها، وإيقاف استخدام مبيدات الحشرات في المنزل، وشراء القهوة المزروعة في المزارع الشبيهة بالغابات.

وشددت أمينة الطيور في معهد سميثسونيان، سارة هالاغر، على هذه النصائح مضيفة “يمكننا عكس هذا الاتجاه. يمكننا عكس الجزر الذي تشهده أعداد الطيور”.

وصرحت جمعية أودوبون الوطنية الخميس أن ثلثي أنواع الطيور في أميركا الشمالية تواجه خطر الانقراض إلا إذا تم اتخاذ خطوات فورية لإبطاء وتيرة التغير المناخي.

وذكر تقرير صادر عن الجمعية المعنية أن الإخفاق في إبطاء وتيرة الانبعاثات الضارة التي تؤدي لارتفاع درجة حرارة الأرض سيؤدي لتعرض 389 نوعا من أصل 604 أنواع من الطيور في أميركا الشمالية للانقراض.

وأشار التقرير إلى أن ارتفاع درجات الحرارة بشكل عام سيجبر الطيور على البحث عن أماكن أخرى مناسبة لتقطنها وقد لا تنجو خلال تلك الرحلة.

وأضاف الباحثون أن تقليل الارتفاع المتوقع في درجات الحرارة من ثلاث درجات مئوية بحلول 2080 إلى 1.5 قد يجنب ما يقرب من 40 بالمئة من تلك الأنواع الوقوع في خطر.

وقال ديفيد يارنولد، المدير التنفيذي لأودوبون في إفادة صحافية “نحن نمر بحالة طوارئ تتعلق بالطيور.. الأمر يتعلق بالمستقبل الذي ينتظرنا ومستقبل أطفالنا كما هو شأن مستقبل الطيور”.

24