الطفرات الكثيرة لمتحوّر أوميكرون ترجح نشوءه في مرضى الإيدز

الفايروس يمكن أن يتناسخ لدى الأشخاص ذوي جهاز المناعة الضعيف.
الثلاثاء 2021/11/30
عزل الأشخاص المصابين بنقص المناعة يقلل من انتشار العدوى

تتميز المتحورة الجديدة من فايروس كورونا والتي تُسمى “أميكرون” بكثرة الطفرات ما يرجّح نشوءها لدى مرضى الإيدز، ذلك أنه يمكنها أن تتناسخ على مدى عدة أسابيع لدى الأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة. ولئن ارتبط بعضها بإمكانية انتقال أكبر وتهرب مناعي، فإن العديد من الطفرات لا تزال قوة تأثيرها غير واضحة.

برلين - رجح خبير ألماني بارز في علم المناعة أن العدد المفاجئ من الطفرات في متغير فايروس كورونا “أوميكرون”، يمكن أن يشير إلى أنه نشأ في مريض مصاب بفايروس نقص المناعة البشرية أو بأي نقص مناعي آخر.

وقال كارستن فاتسل الأمين العام للجمعية الألمانية لعلم المناعة، في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) “إن هذا ليس ممكن الحدوث فحسب، بل مرجحا أيضا”، مستشهدا بنتائج مماثلة تم نشرها في حالات أخرى.

وذكر فاتسل أن الفايروس يمكن أن يتناسخ على مدى عدة أسابيع لدى الأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وقال “خلال هذه العملية، يمكن أن تنشأ بعض الطفرات التي قد لا تقدم للفايروس أي منفعة، لكنها يمكن رغم ذلك أن تستمر في التناسخ بسبب فشل جهاز المناعة في السيطرة عليها”، موضحا أن هذا قد يؤدي إلى طفرات إضافية، والتي يمكن أن تصبح مجتمعة ذات منفعة للفايروس.

ومقارنة بالسلالة الأصلية لفايروس كورونا التي ظهرت لأول مرة في منطقة ووهان الصينية، فإن أوميكرون لديها عدد كبير بشكل غير عادي من التغيرات يبلغ حوالي 30 تغيرا من الأحماض الأمينية في النتوءات الشوكية “بروتين سبايك” وحدها.

سلالة أوميكرون لديها عدد كبير بشكل غير عادي من التغيرات يبلغ حوالي 30 تغيرا من الأحماض الأمينية في النتوءات الشوكية وحدها

ومن بين هذه التغيرات طفرات عرفت بارتباطها بإمكانية انتقال أكبر وتهرب مناعي، وهناك أيضا العديد من الطفرات التي لا تزال قوة تأثيرها غير واضحة.
وقال فاتسل “حتى لو كنا نعرف أو يمكننا تقدير تأثير بعض الطفرات التي نشأت من المتحورات الأخرى، فإن طبيعة تأثير هذه المجموعة من الطفرات لا تزال غير واضحة”.

وأضاف فاتسل أن العديد من مرضى فايروس نقص المناعة البشرية في أفريقيا لا يتلقون العلاج المناسب، وهذا هو سبب ضعف أنظمتهم المناعية بشكل كبير، موضحا أنه لمنع انتشار المتغيرات التي تحورت على نطاق واسع مثل “أوميكرون”، سيكون من المهم تحديد الأشخاص المصابين بنقص المناعة وعزلهم حتى لا يصبحوا ناقلين للعدوى.

وقال “لأنه حتى لو تحور الفايروس بشدة في مثل هذا الشخص، فإن انتقال السلالة المتحورة هو ما يمثل خطورة حقا”.

وأكدت طبيبة من جنوب أفريقيا قامت بمعالجة نحو ثلاثين مصابا بالمتحورة الجديدة أوميكرون، أنها لاحظت “أعراضا خفيفة” لدى المرضى الذين التزموا بفترة نقاهة دون أن يضطروا إلى دخول المستشفى في الوقت الحالي.

وعلى مدى الأيام العشرة الماضية، استقبلت أنجيليك كوتزي، التي ترأس كذلك الجمعية الطبية في جنوب أفريقيا، هؤلاء المصابين الذين تبين أن اختباراتهم بكوفيد إيجابية ولكن مع أعراض غير اعتيادية.

وقالت لوكالة فرانس برس “ما دفعهم للمجيء إلى عيادتي” في بريتوريا “هو الإرهاق الشديد”.

وكان معظمهم رجالا تقل أعمارهم عن 40 عاما، تلقى أقل من نصفهم بقليل اللقاح، وبدت أعراض حمى منخفضة على بعضهم.

ونبهت كوتزي السلطات الصحية في الثامن عشر من نوفمبر إلى أن هذه الحالة السريرية لا تتوافق مع دلتا، المتحوّرة التي كانت سائدة في جنوب أفريقيا.

وأعلن باحثون من جنوب أفريقيا في الخامس والعشرين من نوفمبر أنهم رصدوا المتحورة B.1.1.529، والتي أطلقت عليها منظمة الصحة العالمية في اليوم التالي اسم “أوميكرون”، مع طفرات متعددة وربما شديدة العدوى.

وأثار هذا الخبر حالة من الذعر، وقررت العديد من الدول في غضون ساعات حظر دخول القادمين من جنوب أفريقيا إلى أراضيها.

وذكرت كويتزي أنه لا يُعرف سوى النزر اليسير عن خطورة هذه المتحورة، والتي وصفتها منظمة الصحة العالمية بأنها مثيرة للقلق.

وقالت “أنا لا أقول إنه لن تكون هناك أمراض خطيرة ولكن في الوقت الحالي، حتى المرضى الذين شاهدناهم والذين لم يتم تطعيمهم يعانون أعراضا خفيفة”.

متحوّر أوميكرون قاتل

وأضافت أنها مقتنعة بأن الكثيرين في أوروبا مصابون بهذا الفايروس، لكن لم يتم رصده كثيرا لأنهم كانوا يترصدون أعراض المتحورة دلتا.

وأعلنت عدة دول تسجيل إصابات بالمتحورة أوميكرون، لاسيما بلجيكا وإيطاليا وبريطانيا وألمانيا.

وتعود نحو ثلاثة أرباع الإصابات المسجلة مؤخرا في جنوب أفريقيا إلى المتحورة أوميكرون. لكن الأعداد لا تزال منخفضة، مع تسجيل 3 آلاف إصابة جديدة في الأيام الأخيرة.

وقالت منظمة الصحة العالمية إن السلالة “أوميكرون” المتحورة من فايروس كورونا من المرجح أن تنتشر على مستوى العالم مما يشكل خطرا عالميا مرتفعا للغاية، إذ قد يكون لزيادة حالات كوفيد – 19 عواقب وخيمة في بعض المناطق.

وحثت المنظمة التابعة للأمم المتحدة في توصية فنية للدول الأعضاء وعددها 194 دولة على الإسراع بتطعيم الفئات ذات الأولوية، والتأكد من وضع خطط لتخفيف الأزمات للحفاظ على الخدمات الصحية الأساسية.

وقالت المنظمة “أوميكرون بها عدد لم يسبق له مثيل من زيادة التحورات وبعضها يثير القلق بالنسبة إلى الأثر المحتمل على مسار الجائحة”. وأضافت “تقييم مجمل الخطر العالمي المتعلق بأوميكرون مرتفع للغاية”.

وتابعت المنظمة أن هناك حاجة للمزيد من الأبحاث للوصول إلى فهم أفضل لاحتمال تغلب أوميكرون على اللقاحات والمناعة المكتسبة بعد الإصابة، وأضافت أنه من المتوقع الحصول على المزيد من البيانات خلال الأسابيع المقبلة.

وقالت “من المتوقع إصابة الأشخاص المطعمين بلقاحات كورونا بالمتحور الجديد وإن كان بنسبة محدودة”.

منظمة الصحة العالمية حثت في توصية للدول الأعضاء على الإسراع بتطعيم الفئات ذات الأولوية والتأكد من وضع خطط لتخفيف الأزمات للحفاظ على الخدمات الصحية الأساسية

وأكد التحالف العالمي للقاحات “جافي” أن ظهور السلالة الجديدة من فايروس كورونا “أوميكرون”، يعد مؤشرا على نقص اللقاحات في أنحاء كثيرة من العالم.

وقال سيث بيركلي رئيس جافي في جنيف “طالما بقيت أجزاء كبيرة من سكان العالم غير ملقحة، يمكن للفايروس أن يتحور، ويطيل مدة بقاء الجائحة”.

وأضاف أنهم لن يتمكنوا من منع ظهور السلالات إلا إذا قاموا بحماية الجميع في العالم، لا الأثرياء فحسب.

وتم اكتشاف أوميكرون لأول مرة في الشهر الجاري في جنوب أفريقيا، حيث يقل معدل البالغين الذين تم تلقيحهم بالكامل عن 36 في المئة.

وفي الاتحاد الأوروبي، على سبيل المقارنة، تم تطعيم 77 في المئة من البالغين بالكامل ضد فايروس كورونا.

ويسعى تحالف جافي، وهو شراكة بين المانحين من القطاعين العام والخاص، إلى حماية الأشخاص في البلدان الفقيرة من الأمراض التي يمكن الوقاية منها. كما يقود مبادرة كوفاكس الدولية لتوزيع اللقاحات المضادة لكوفيد – 19 على الدول الفقيرة.

وكانت مبادرة كوفاكس تأمل في تقديم ملياري جرعة هذا العام، لكنها لم تحقق سوى ربع هدفها حتى الآن.

وصنفت منظمة الصحة العالمية أوميكرون باعتبارها سلالة مثيرة للقلق.
 

17