الطب الشعبي مفصل أساسي من التراث الكويتي

الكويت- اعتمد أهل الكويت قديما بسبب شظف العيش على التداوي بالطب الشعبي لعلاج العديد من الأمراض التي كانت منتشرة وتسمى محليا بـ”أبوطبيج وأبوحمير وأبودمغة والبلش والسابع والعقاص…”، وهي من الأمراض التي كانت تصيب من كان يعمل في الغوص والبحر أكثر من غيره.
لقد استعان المواطن الكويتي القديم بما تحويه بيئته الطبيعية من أعشاب ونباتات يستخدمها لالتئام الجروح وجبر الكسور إلى جانب البعض من المعتقدات الروحية الأخرى.
يقول المعالج بالطب الشعبي جاسم بهمن إن الطب الشعبي هو أساس علاج الإنسان منذ وجد على الأرض وأنه بدأ في ممارسة هذا النوع من العلاج منذ عام 1994 حين تفرغ لهذا الطب، ويضيف “اكتسبت خبرة واسعة في علاج أمراض كثيرة خصوصا في مجال الحجامة التي ورثتها وتعلمت أصولها من جدي ووالدتي”.
وأوضح أن “المطبب الشعبي” هو الشخص الذي يقوم بمعالجة الناس من الأمراض المختلفة معتمدا على الخبرة التي توارثتها الأجيال وليس بالضرورة أن يكون حاصلا على شهادة لممارسة الطب، إذ يمارس العلاج الشعبي في بيته غالبا أو في مكان آخر يخصصه للغرض على أن يكون العلاج في أوقات محددة خصوصا بالنسبة إلى الحجامة.
وذكر أن للطب الشعبي في الكويت معالجين معروفين منذ القدم ومنهم من وصلت شهرته إلى خارج البلاد ومن أشهرهم المرحوم عبدالله باقر حجي رمضان وأبومرزوق العتيبي ومحمد سعيد الكويتي.
ولفت إلى أن الحلاقين أيضا كانوا يمارسون الطب الشعبي في الكويت قديما والبعض منهم أتقن الحجامة ومارسها إلى جانب مهنة الحلاقة فضلا عن “الملا” أو “المطوع” من خلال استخدام الرقية الشرعية وقراءة القرآن الكريم على الماء وغيرها من الأمور الروحية التي تساعد في شفاء المريض ولا سيما نفسيا.
وبيّن أن طرق العلاج في الطب الشعبي قديما كانت متعددة منها استخدام الكحل لعلاج الرمد والكي لعلاج آلام البطن والأمراض المعوية وكي الرسغ أو اللسان بخطين متوازين لعلاج مرضى السل.
المطبب الشعبي هو الشخص الذي يقوم بمعالجة الناس من الأمراض المختلفة معتمدا على الخبرة التي توارثتها الأجيال
وأشار بهمن إلى أن البعض كان يستخدم “وزر الإبل” كعلاج لأمراض العيون وتطهير الجروح ومعالجة الالتهابات، وكذلك روث الحيوانات المجفف لعلاج القروح والدمامل كما استخدم قديما “وصخ الصفار” وهي مادة كيميائية ناتجة عن معالجة الصفار للأواني المنزلية في علاج الجروح والقروح.
وعن علاج الأسنان في الكويت قديما لفت إلى طرق معينة كانت تستخدم في ذلك وتتسم بالغرابة منها طرق مسمار في قطعة من جذع النخل ومع كل طرقة يقوم المعالج بالدعاء للمريض بالشفاء، ومن ثم يأتي بخيط رفيع تقرأ عليه أدعية خاصة بغاية الشفاء، ويربط الخيط بيد المصاب وبقطعة جذع النخلة.
وقال بهمن إن العلاج بواسطة الدعاء من الطرق التي كان يتم اللجوء إليها كثيرا في الكويت قديما، لكنها لا تدخل في الطب الشعبي حيث كان من الشائع أن ترى الصبية يقفون وهم يحملون وعاء مليئا بالماء خارج المسجد، بانتظار خروج أحد رجال الدين أو كبار السن ممن يعرف بالتقوى والورع، ليقرأ البعض من الآيات القرآنية القصيرة على الماء وينفخ فيه مع ذكر البعض من الأدعية، ثم يذهب الصبي به مباشرة ليشرب منه المريض.
وذكر جاسم بهمن أن علاج الرجال في الطب الشعبي لا يختلف كثيرا عن علاج النساء، لكن المعالج الشعبي يختص بعلاج وحجامة الرجال فقط، بينما تذهب الإناث إلى البعض من النساء المتمرسات بهذا النوع من العلاج وذوات الخبرة فيه.
وعن الأمراض التي لم يتمكن الطب الشعبي من معالجتها قال بهمن إن الطب الشعبي لم يعالج البعض من الأمراض كالشلل والسرطان والكلى وأمراض المعدة التي قد تحتاج إلى عمليات جراحية وما إلى ذلك. وأشار إلى أن الطب الشعبي حافظ على مكانته حتى أوائل القرن العشرين لكن ظهور المستشفيات والمراكز الصحية والتقدم الطبي والعلمي لعب دورا كبيرا في علاج المرضى بالكويت وساهم في تخفيف معاناتهم ما أدّى إلى تدنّي نسبة الإقبال على الطب الشعبي.