الطاقة البديلة تنقذ اللبنانيين من أزمة الكهرباء والديزل

لبنان يستطيع الاستثمار في الطاقة الشمسية بشكل كبير استنادا إلى موقعه الجغرافي.
الأربعاء 2022/02/23
نعمة الشمس

مرجعيون (لبنان) ـ على مسافة بضعة أمتار من بئر ارتوازي عند الأطراف الغربية لبلدة “الطيبة” بجنوب لبنان تم تأسيس محطة لتوليد الكهرباء تعمل بالطاقة الشمسية والتي ساهمت في ضخ المياه للعشرات من القرى الريفية المحيطة التي عانت لفترة طويلة من شح المياه بسبب اشتداد أزمتي الكهرباء والديزل.

هذه المحطة هي واحدة من مجموعات أخرى أنجزتها مؤسسة مياه لبنان الجنوبي التي تحولت لاستخدام الطاقة البديلة كعامل أساسي في توفير التيار الكهربائي واستخدامها في تحسين خطة توزيع المياه وانتعاش القطاعات الزراعية والصناعية في المناطق الريفية.

المسؤول في مؤسسة مياه لبنان الجنوبي جمال شعيب أكد لوكالة أنباء (شينخوا) أن توجه المؤسسة للطاقة البديلة يساهم في سد حاجات المواطنين من المياه بأقل كلفة ممكنة ويساعد العائلات الريفية على رفع مداخيلها في ظل تفاقم أزمة المحروقات والتقنين القاسي في التيار الكهربائي.

أكثر من 48 بلدة في جنوب لبنان كانت قد أطلقت مشاريع محطات الطاقة البديلة لصالح القطاعين الحيواني والزراعي

وأشار إلى أن المؤسسة تمكنت حتى الآن من تشغيل 9 آبار ارتوازية عبر الطاقة الشمسية والعمل يتم حاليا لتوسيع هذه المحطات لتشمل 12 بئرا جديدة، آملا في الوصول إلى اكتفاء ذاتي من الكهرباء خلال فترة بين سنتين و3 سنوات مما يعني تعافي هذا القطاع لينعكس إيجابا على سكان ريف جنوب لبنان وتحسين أوضاعهم المعيشية.

وفي منطقة “وادي أبوقمحة” بجنوب لبنان أنجزت بلدية “حاصبيا” بتمويل من جمعيات محلية ودولية داعمة محطة أولى لتوليد الطاقة البديلة من أصل 5 محطات تسعى لإنجازها بهدف تأمين الكهرباء للبلدة وقطاعاتها الإنتاجية، إضافة إلى القرى المجاورة التي يتجاوز عدد المشتركين فيها 3 آلاف مشترك.

وأشار رئيس البلدية لبيب الحمرا إلى أن هذا المشروع سيخفض فواتير الكهرباء للمنازل بنسبة 35 في المئة كمرحلة أولى، كما سيزود بالتيار الكهربائي أكثر من 55 معملا ومصنعا صغيرا للصناعات اليدوية والحرفية والمؤونة الريفية والصابون، إضافة إلى العديد من المطاحن ومعاصر الزيتون التي توقف معظمها بسبب تردي التغذية الكهربائية من “مؤسسة كهرباء لبنان” الحكومية.

وفي بلدة “الماري” أوضح رئيس بلديتها يوسف فياض أنه تم إنجاز مشروع للطاقة البديلة سمح بتزويد القاعة العامة للبلدة بالتيار الكهربائي وخدمة الإنترنت على مدار الساعة، ليستفيد منه مجانا أبناء البلدة والجوار بشكل عام، إضافة إلى طلاب المدارس والجامعات الذين سيتمكنون من شحن هواتفهم الخلوية وتشغيل أجهزة الكمبيوتر ومتابعة دراساتهم عن بعد بشكل طبيعي ومريح.

وأضاف أن البلدية بصدد إنجاز مشروع طاقة شمسية آخر يؤمن الكهرباء لحوالي 30 بئرا ارتوازية تروي المزروعات الصيفية لحوالي 850 مزارعا في سهول بلدات “الماري” و”المجيدية” و”حلتا” و”سردة” بشرق جنوب لبنان بكلفة متدنية، علما أن هذه السهول تزود السوق المحلي اللبناني بمختلف أنواع الخضار.

وأشار رئيس “تعاونية تجمع الزراعات الصيفية” بجنوب لبنان عادل فاعور إلى أن أكثر من 48 بلدة في جنوب لبنان كانت قد أطلقت بتمويل اغترابي وجمعيات دولية مانحة مع بداية عام 2022 مشاريع محطات الطاقة البديلة لصالح القطاعين الحيواني والزراعي في محاولة لخفض مصاريفها وإنعاشها من جديد بعد فترة ركود فرضها تردي الوضع الاقتصادي في البلد.

وقال المزارع جميل العلي إنه كان قد تخلى عن الزراعات الصيفية في سهول المنصورة بشرق لبنان بعدما عجز عن توفير مياه الري، مشيرا إلى أنه سيعود إليها بعد تأمين الطاقة البديلة التي تخفض بنسبة 45 في المئة من كلفة الإنتاج مما سينعكس انخفاضا في أسعار معظم الخضار الصيفية.

الحل الوحيد لحماية كافة المصالح والقطاعات الإنتاجية
الحل الوحيد لحماية كافة المصالح والقطاعات الإنتاجية

وأشار عماد نصار مالك مزرعة دجاج في “بر الياس” بشرق لبنان إلى أن نسبة 60 في المئة من أصحاب مزارع الدجاج أنجزوا تركيب محطات توليد كهرباء على الطاقة الشمسية مما مكنهم من حماية الطيور التي كانت مهددة بالنفوق جراء أزمتي الكهرباء والديزل، علما أن في لبنان 2000 مزرعة دجاج.

وقال إن الطاقة البديلة باتت الحل الوحيد لحماية كافة المصالح والقطاعات الإنتاجية والتي وصلت إلى حد الإقفال خلال العامين الماضيين بسبب الضائقة المالية والمعيشية وتراجع الوضع المعيشي.

وأكد جاد يحيى أحد كبار تجار مختلف أنواع ألواح الطاقة الشمسية بشرق لبنان أن مبيعاته من هذه الألواح ارتفعت بنسبة 150 في المئة خلال العام الماضي ومطلع العام الجاري.

وأضاف “في الوقت الذي تتنافس فيه شركات ترويج هذه الألواح المتعددة التصنيع تتصدر المنتجات الصينية قائمة المبيعات نتيجة لجودتها ومتانتها والكفاءة التي تميزها وانخفاض أسعارها”.

وقال المهندس جلال زويهد العامل في حقل الطاقة البديلة منذ 17 عاما إن لبنان يستطيع الاستثمار في الطاقة الشمسية بشكل كبير استنادا إلى موقعه الجغرافي وتمتعه بثروة شمسية وافرة تصل إلى 300 يوم في السنة.

ويعاني لبنان من انهيار في عملته المحلية مقابل الدولار في وقت تضرب فيه البلد أزمات سياسية واقتصادية ومعيشية وصحية متشابكة أدت لارتفاع معدل الفقر إلى 82 في المئة مع تفاقم البطالة والتضخم وتآكل المداخيل والمدخرات وسط ارتفاع غير مسبوق في الأسعار مع شح في الوقود والأدوية وحليب الأطفال.

18