الضحك الإلكتروني يطرد الخوف الجماعي

نشر النكات على الإنترنت هو ما يجمع الناس حاليا كطريقة لإعادة السيطرة والتواصل وهما شيئان فقدهما البشر في معركتهم ضد فايروس كورونا. فالبشر بالإضافة إلى أنهم غير قادرين على إيقاف تفشي الفايروس هم مجبرون على تحمل الواقع.
لندن - شهدت مواقع التواصل الاجتماعي تدفقا هائلا من النكات في وقت يشهد فيه العالم أسوأ أزمة صحية عالمية منذ 100 عام. ويقول خبراء “قد يكون الناس خائفين، ولكن يبدو أنهم مصممون على الاستمرار بالضحك”.
وأظهرت نتائج دراسة حديثة أجرتها “إيموجيبيديا” Emojipedia للخدمات الإحصائية أن الوجوه الضاحكة تصدرت المراكز الأولى في التغريدات المتعلقة بفايروس كورونا.
وحللت الدراسة أكثر من 200 ألف تغريدة لتحديد الرموز التعبيرية الأكثر شيوعا واستخداما حول العالم. وحل إيموجي الكمامة في المركز الثاني أما المركز الثالث فقد كان من نصيب إيموجي يشبه فايروس كورونا. وعلى الرغم من أن الوجوه الضاحكة عادة ما تكون الأكثر شيوعا، إلا أن تقرير “إيموجيبيديا” يشير إلى أن استخدامها حاليا يأتي في سياق تعليقات مازحة أو جادة تهدف لتسليط الضوء على الأخبار التي تتعلق بالوباء.
وذكر التقرير “حقيقة إن استخدام الرموز التعبيرية أسرع وأسهل في الكتابة والتعبير عن الأفكار”.
وكانت منظمة الصحة العالمية دعت الناس إلى ضرورة الحفاظ على سلامة الصحة النفسية والاحتفاظ بروح إيجابية في التعامل مع الأزمة.
وعرفت البشرية في تاريخها كثيرا من المحن، وغالبا لم تكن إرادة الحياة أكبر منها، ومع تطور وسائل التواصل الاجتماعي، تبادلت الشعوب عبرها الأفكار والنكات والطرائف موثقة ما يحصل بالصور ومقاطع الفيديو.
وتواجه شعوب العالم ولا تزال وباء فايروس كورونا بالفكاهة في مسعى لتحويل الأزمة إلى بسمة تعلو الشفاه وتتجاوز المصاعب.
وغصت مواقع التواصل الاجتماعي في العالم بالنكات ومقاطع الفيديو الساخرة.
وعربيا انتشر هاشتاغ #نكتة_كورونية. ويتساءل مغرد:
HassanKarbij@
ما سر هذا الفيضان من النكت، وكأنه أفرج عنها لحسن السلوك؟
وقال مغرد:
elkadiyounes@
هناك دراسة تؤكد أن النكت والفيديوهات الضاحكة على كورونا تجعل الناس لا يأخذون الأمر على محمل الجد ويتصورون أن الأمر مزحة وتنتهي…. والحقيقة أن الأمر خطير جدا..
ومن العراق غرد ناشط:
zaidabdulwahab@
كمية النكات وفيديوهات العراقيين مع فايروس كورونا، تعطيك انطباعا عن عقلية هذا الشعب العظيم وتحديه لإهمال وفساد السلطة “المغلسة” على خطورة الوباء..
بالمقابل، سخر مغرد من مصر:
hima_khalifaa@
أنت تعيش في مجتمع يحتاج أفراده من 50 إلى 100 جملة تهريجية لهنيدي واللمبي والقرموطي ليكملوا بنجاح مشاهدة مقطع فيديو يتحدث عن احتمالية انقراض وشيك للبشرية بسبب فايروس كورونا (وهو ما حدث بالفعل) ثم بعد أن يشاهدوه يضيفون عددا مماثلا من النكات السمجة في التعليقات للسخرية من هذا الانقراض.
واعتبر آخر:
amer_alabdullah@
إن انتشار النكات أو الأغاني الهزيلة باستخدام مصطلح الوباء القاتل كورونا ينم عن سقوط أخلاقي بلا قاع، ففي الوقت الذي يصارع فيه إنسان ما الفايروس ويتحسر نعمة الشهيق والزفير، تجد حثالات يستخدمون اسم الفايروس للسخرية والضحك، فهل بعد هذا الانحطاط انحطاط؟.
وبعد عقد من دراسة “كيف ولماذا يضحك الناس”، تبين أنها طريقة للترابط. وقال الدكتور الراحل روبرت ر. بروفين “يعتقد معظم الناس أن الضحك رد فعل بسيط للكوميديا أو لتحسين المزاج، لكن استنتجت أن الضحك هو في الأساس صوت اجتماعي يربط الناس معا”. كما جادل بروفين في أمر الضحك وقال “نحن نضحك لنمنح أنفسنا حرية القبول ولنثبت أننا متشابهون”.
ووفق مجلة “ذا اتلانتيك” الأميركية فالناس يضحكون لاستعادة السيطرة والتواصل “وهما شيئان فقدناهما في معركتنا ضد فايروس كورونا، ليس فقط لأننا غير قادرين على إيقاف سلسلة العدوى التي تنتشر بيننا، ولكننا مضطرون لتحمل هذا الواقع ونحن عاجزون ومعزولون في منازلنا. لذا نجد أن النكتة الآن هي درعنا الواقي الأكثر موثوقية”.
وقال ديفيد بادديل الكوميدي والكاتب البريطاني “الناس يحتاجون إلى الفكاهات، ويرجع الأمر نسبيا إلى أن الفكاهة تساعد على التخلص من المخاطر، وهم يبحثون عن الكوميديا ليعلموا أنهم ليسوا وحدهم. إذا وجدنا جميعا أننا نواجه نفس التجربة فإن الأمر مضحك ويدعو للاطمئنان، وهو شكل من أشكال العلاج الجماعي”.
وأضاف “لا يمكننا فعل الكثير حيال الأمر، ولكن يمكننا أن نضحك في وجهه”.
وتقول المجلة إنه “في أزمتنا الحالية، النكتة في كل مكان لأن الخوف ينتشر بيننا، فالضحك يربطنا معا ضد عدو مشترك”.
وقال الكوميدي البريطاني مات فوردي إن التوقيت مهم جدا “إذا كان مزاحنا بشأن العزلة المملة لا يسيء لأحد مع معدل الوفيات المنخفض نسبيا، فلن يكون كذلك إذا ما زادت الوفيات وتغيرت مزاجات الناس”.
ويرفض البعض انتشار الضحك الإلكتروني في هذه الأزمة ويجادلون “نحن نضحك على الأشياء المخيفة لأننا لا نفهم جديتها”.
ويذكر أن دراسة قالت إن مقاطع الفيديو المضحكة المرسلة خلال عشرة أيام تجاوزت ما تم إرساله خلال أربع سنوات.
ويشرح كاتب “عندما نتلقى النكات من الأصدقاء، غالبا ما نعيد توجيهها على الفور إلى الآخرين. نحن نتواصل ونؤسس تجربة مشتركة. إننا نفعل ذلك بشكل غريزي أكثر لأننا منعنا من التجمع الحقيقي، نحن نتجمع على الإنترنت”.