الضبابية تكتنف خروج السعودية من أزمة انهيار أسعار النفط

دخل الاقتصاد السعودي فعلا في نفق مظلم حيث باتت الآفاق أكثر ضبابية جراء تهاوي أسعار النفط وتداعيات ذلك على اقتصاد البلد الذي يعتمد بصفة كبيرة على عوائد الطاقة، فضلا عن تدهور القطاع غير النفطي.
الرياض- تؤكد المؤشرات وتصريحات المسؤولين أن آفاق الاقتصاد السعودي دخلت نفقا مظلما مدفوعة بتهاوي أسعار الخام ما يزيد من الضبابية حول مستقبل التعافي في وقت تكافح فيه الرياض لدعم استقرارها المالي والحد من آثار الصدمات الخارجية.
وقال أحمد الخليفي، محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما البنك المركزي)، الأربعاء، إن “الضبابية ما زالت تكتنف آفاق اقتصاد البلاد هذا العام” مع سعي الدولة المصدرة للنفط للتصدي لتداعيات أسعار الخام المنخفضة وجائحة فايروس كورونا.
وأضاف الخليفي متحدثا في مناسبة افتراضية ليوروموني، إنه واثق في الاستقرار المالي للبلاد، وأكد مجددا التزام المملكة بمواصلة ربط الريال بالدولار الأميركي.
وقال “بالنسبة لنا، وفي وضعنا، أثّر خفض إنتاج النفط وتداعيات الفايروس على توقعات النمو”.
وأضاف “آفاق 2020 ما زالت ضبابية”. وأشارت تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أن اقتصاد السعودية قد ينكمش بنسبة 6.8 في المئة هذا العام. وقال مسؤولون سعوديون في وقت سابق إن توقعاتهم أقل “تشاؤما” من ذلك.
وأشار الخليفي إلى أن سعر الصرف السعودي الثابت من “الركائز الرئيسية” لاستقرار القطاع المالي في المملكة، لكنه أضاف أن الحذر مطلوب في ضوء التحفيز المقدم للاقتصاد.
وكانت مؤسسة النقد العربي السعودي أطلقت في مارس حزمة تبلغ 50 مليار ريال (13.33 مليار دولار) لدعم القطاع الخاص. وفي يونيو، أعلنت ضخ 50 مليار دولار في القطاع المصرفي لدعم السيولة.
وقال الخليفي “على المرء أن يكون حذرا عند نزع ذلك الدعم، ماذا سيحدث حينئذ وبخاصة في ما يتعلق بجودة الأصول؟”. وأضاف “نشعر بالارتياح، لكننا مجددا، لا يمكننا الاسترخاء ما دمنا في خضم الأزمة”.
وأظهرت بيانات مؤسسة النقد الشهر الماضي وجود مؤشرات على متانة النشاط الاقتصادي في المملكة في يوليو، وشمل ذلك زيادات سنوية في معاملات نقاط البيع وإقراض القطاع الخاص.
لكن مسحا بيَّن الأسبوع الماضي أن أوضاع الشركات في القطاع الخاص غير النفطي تدهورت في أغسطس، مع تأثر الطلب بزيادة حادة في ضريبة القيمة المضافة.
وكلّفت خسارة موسم الحج السعودية، بفعل انحسار حركة تدفق الحجيج من كامل ربوع العالم، خسائر فادحة لمدينة مكة وأفقدتها زخمها المعهود فضلا عن حرمان الخزانة العامة للدولة من عوائد ضخمة كانت تدر سنويا المليارات من الدولارات.
ورغم الأزمة تراهن السعودية لمواجهة تداعيات وباء كورونا وانخفاض أسعار النفط على احتياطاتها المالية الضخمة التي تراكمت خلال سنوات ارتفاع أسعار النفط، في عبور عام من الإحباطات الاقتصادية.
ومع ضرب الوباء للشركات في جميع أنحاء البلاد، خصص العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز 2.4 مليار دولار لتغطية 60 في المئة من رواتب السعوديين في القطاع الخاص، كما تم الإعلان عن حزمة تحفيز اقتصادي بقيمة 32 مليار دولار.
وتتوقع أوساط مالية أن تنجح السعودية في تغطية رواتب 75 في المئة من مجموع السعوديين الذين يعملون في القطاع الخاص خلال فترة الوباء.
ولجأت الرياض إلى صافي أصولها الأجنبية لتغطية عجز الميزانية التي تراجعت من حوالي 740 مليار دولار في سنة 2014 إلى أقل من 450 مليار دولار في أبريل. كما حوّلت 40 مليار دولار من الاحتياطات الأجنبية لمؤسسة النقد العربي السعودي إلى صندوق الاستثمارات العامة في مارس وأبريل الماضيين لدعم الاستثمار في الخارج من أجل تعظيم العائدات.
واشترى صندوق الاستثمارات العامة، الذي يشرف عليه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، حصصا بقيمة 7.7 مليار دولار في شركات وبنوك من بينها بوينغ ووالت ديزني وستاربكس وماريوت وفيسبوك وسيتي غروب وبنك أوف أميركا.
مسح بيَّن الأسبوع الماضي أن أوضاع الشركات في القطاع الخاص غير النفطي تدهورت في أغسطس، مع تأثر الطلب بزيادة حادة في ضريبة القيمة المضافة
وشملت عمليات الشراء الأخيرة أسهما في شركات النفط “بي.بي”، ورويال داتش شل، وتوتال وسط التقلبات الحادة التي تشهدها سوق النفط.
وفي رهانات أخرى اعتبرها الاقتصاديون محفوفة بالمخاطر، اشترى صندوق الاستثمارات السعودي في أبريل حصة 8.2 في المئة في شركة كارنيفال لرحلات السفن السياحية. كما كشف عن حصة قدرها 5.7 في المئة في شركة “لايف نيشن انترتنمنت” المعنية بقطاع الترفيه.
ووفقا لبيانات اقتصادية معتمدة فإن امتلاك 12.34 مليون سهم يجعل صندوق الاستثمارات العامة السعودي ثالث أكبر مساهم في الشركة البارزة في مجال ترويج الأحداث الرياضية والموسيقية وتنظيمها. وتبلغ قيمة الصفقات المبرمة مع الشركتين حوالي 872 مليون دولار.