الصين تسارع الخطى في السباق الفضائي

تتسابق الدول العظمى لحجز مكان لها خارج مدار الأرض، وتسجل الصين أول مهمة عجزت عن تنفيذها الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا وروسيا بعد نجاح الروبوت “تشورونغ” في دخول الغلاف الجوي للمريخ والتقاط مجموعة صور ذاتية له، وهو نجاح يتزامن مع إطلاق بكين أول المكونات الثلاثة لمحطتها الفضائية.
بكين - أرسل الروبوت الصيني الصغير الموجود على المريخ مجموعة صور ذاتية له هي الأولى منذ هبوطه التاريخي على سطح الكوكب الأحمر الأسبوع الماضي، وبدت فيها ألواحه الشمسية وهوائياته في وسط المشهد الفضائي.
والهبوط على هذا الكوكب أمر معقد وأخفقت عدة مهمات أوروبية وسوفييتية وأميركية في تحقيقه في الماضي، ويشكل سابقة للدولة الآسيوية العملاقة التي تهدف إلى أن تصبح القوة الفضائية الرائدة في العالم بحلول عام 2045، سواء في مجال المعدات والتكنولوجيا الفضائية أو في مجال الاستكشاف الفضائي المنسق بين الإنسان والكمبيوتر.
وتأخرت الصين قليلا، إذ أنها لم ترسل أول رائد فضاء لها إلى المدار إلا في عام 2003، لتكون ثالثة الدول التي تقوم بذلك بعد الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة.
وكان الروبوت “تشورونغ” دخل السبت الماضي الغلاف الجوي للمريخ مثبتاً على مركبة هبوط، وأصبح أول مسبار تنزله الصين بنجاح على هذا الكوكب في أول مهمة تنفذها على المريخ.
وقد اعتبرت بكين هذا الحدث محطة مهمة في مسار ارتقائها إلى مصاف القوى الفضائية العظمى خاصة وأنها تعتزم الانتهاء من بناء محطة فضائية في السنة القادمة.
ويفترض أن يعمل”تشورونغ” لمدة ثلاثة أشهر يلتقط خلالها صوراً ويجمع بيانات جغرافية عن الكوكب. وتستثمر بكين مليارات الدولارات لتلحق بالولايات المتحدة وروسيا في المجال الفضائي.
وسجلت بكين إنجازا كبيرا غير مسبوق عالمياً في يناير 2019 إذ نجحت في إنزال روبوت مسير على جانب القمر المظلم. وفي العام الفائت حمل الروبوت عينات إلى الأرض.
وتعتزم الدولة الآسيوية تجميع محطة للفضاء قبل 2022 لتصبح بذلك ثالث بلد في العالم يبني بوسائله الخاصة محطة كهذه بعد الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي.

وأطلقت الصين الوحدة الأساسية لمحطتها في أواخر شهر أبريل، في مشروع من شأنه أن يسمح لها بتأمين وجود دائم لروادها في الفضاء.
وأرسلت وحدة “تيانهي” (التناغم السماوي) إلى الفضاء، وهي أول المكونات الثلاثة للمحطة، وستستمر عملية تجميع محطة الفضاء الصينية أكثر من عام، وتُجري نحو 10 مهمات متتالية من بينها 4 رحلات مأهولة، لتصبح المحطة قابلة للتشغيل في 2022.
وستتحرك محطة الفضاء الصينية (سي إس إس) في مدار منخفض (على ارتفاع يتراوح بين 340 و450 كيلومترا عن الأرض)، لتكون شبيهة بالمحطة الروسية السابقة “مير” التي عملت بين1986 و2001. وحددت مدة تشغيل المحطة بما بين 10 و15 سنة.
وستزن المحطة أكثر من 90 طنا، لتكون أصغر بثلاث مرات من محطة الفضاء الدولية. ويبلغ طول المركبة تيانهي 10.6 متر وعرضها 4.2 متر، وستضم رواد الفضاء خلال إقامتهم، ومركز التحكم بالمحطة.
الصين تعتزم تجميع محطة للفضاء قبل 2022 لتصبح بذلك ثالث بلد في العالم يبني بوسائله الخاصة محطة كهذه
وقال تشو قوانغ تشن، نائب كبير مصممي نظام محطة الفضاء في الأكاديمية الصينية لتكنولوجيا الفضاء، إن المقصورة محكمة الإغلاق وبها ثلاث غرف نوم منفصلةومرحاض. وستوفر لرواد الفضاء ست مناطق للعمل والنوم والمرافق الصحية وتناول الطعام والرعاية الصحية والتمارين الرياضية.
وقال تشو إن منطقة تناول الطعام تحتوي على طاولة طعام قابلة للسحب ومعدات لتسخين الطعام أو تبريده، بالإضافة إلى توفير مياه الشرب، بينما يوجد جهاز للجري ودراجة فضاء في منطقة التمرين.
وبفضل تقنية الواي فاي المستخدمة في الوحدة الأساسية سيصبح التحكم في إضاءة المقصورة وفحص المخزون في المحطة أسهل بالنسبة إلى رواد الفضاء. كما سيكون الرواد قادرين على الاستفادة من روابط الاتصال بين الفضاء والأرض، بما في ذلك مكالمات الفيديو ثنائية الاتجاه ورسائل البريد الإلكتروني.
وأضاف تشو أنه لتوفير بيئة آمنة ومريحة لرواد الفضاء تم تزويد تيانهي أيضا بمكيفات هواء لضمان أن تكون درجة حرارة الهواء والرطوبة ودرجة حرارة تشغيل المعدات ضمن الحدود المناسبة.
وعند اكتمال البناء ستكون المحطة الفضائية على شكل حرف T، مع وجود الوحدة الأساسية في المركز وكبسولة مختبر على كل جانب. وستوفر المحطة المكونة من ثلاث وحدات لرواد الفضاء مساحة تزيد عن 100 متر مكعب للعيش والعمل.

وقال جي تشي مينغ مساعد مدير وكالة الفضاء المأهولة الصينية إن رواد الفضاء سينفذون في المحطة مهام تشمل نقل البضائع والمواد من سفينة الشحن الفضائية والتحقق من نظام دعم الحياة وإدارة الوحدات وتشغيل الأذرع الميكانيكية.
وسيجري رواد الفضاء الصيانة في المدار والأنشطةَ والعمليات خارج المركبة، بالإضافة إلى تجارب علوم الفضاء والاختبارات التكنولوجية في مختلف المجالات.
وستتعايش المحطة الصينية في المدار حول الأرض مع محطة الفضاء الدولية، ولا تهدف بكين إلى جعل المحطة الصينية مكانا لتعاون دولي مثل محطة الفضاء الدولية، لكنها أعلنت أنها منفتحة على التعاون مع الخارج.
وورد في كتاب أبيض نُشر في عام 2016 أن الصين تلتزم بمبدأ استخدام الفضاء الخارجي للأغراض السلمية، وتعارض تسليح الفضاء الخارجي أو سباق التسلح فيه.
وفي نفس العام وقعت الصين اتفاقية مع مكتب الأمم المتحدة لشؤون الفضاء الخارجي لتقديم تقنياتها وخبراتها المتعلقة بالفضاء إلى الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، ولاسيما البلدان النامية.
وفي عام 2018 رحبت الصين بجميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لاستخدام المحطة الفضائية، من زراعة النباتات إلى استقبال رواد الفضاء، ما يوضح بشكل أكثر إيمان الصين الراسخ بأن الفضاء الخارجي هو مورد مشترك للبشرية.
وفي عام 2019 أعلنت وكالة الفضاء المأهولة الصينية ومكتب الأمم المتحدة لشؤون الفضاء الخارجي عن تسعة مشاريع دولية تم اختيارها لمحطة الفضاء الصينية. وتأمل الصين كذلك في إرسال رحلات مأهولة إلى القمر في غضون حوالي عشر سنوات. وأُطلق العنصر الأول من مكوّنات محطة الفضاء في نهاية أبريل الفائت.
