الصيام يحسّن وظائف الدماغ ويعزز صحة الجسم

اتجاه الجسم إلى حرق الدهون للحصول على الطاقة يزيد من إنتاج الكيتونات.
الأحد 2025/03/16
الصوم فوائده جمة للجسم والعقل

يؤكد الأطباء وخبراء التغذية أن الصيام يعزز صحة الجسم الذي يتحول إلى آلة لحرق الدهون وتزيد من إنتاج الكيتونات، باعتبارها مصدر وقود فعّال جدا للدماغ والعضلات. ويمكن للصيام أيضا أن يحسّن وظائف الدماغ ويقلل من خطر الإصابة بالأمراض المرتبطة بالذاكرة مثل الزهايمر والباركنسون، كما يمكن أن يحمي من أمراض القلب ويحسن نسبة السكر في الدم ويساعد على تحسين حساسية الأنسولين.

لندن ـ أظهرت الدراسات العلمية أن الصيام يمكن أن يزيد من العمر المتوقع للأفراد، وذلك عن طريق تقليل مخاطر الإصابة بالأمراض المزمنة، وتعزيز عمليات الحماية الطبيعية في الجسم.

ويشير خبراء الصحة إلى أن للصيام فوائد صحية جمّة، سواء للجسم أو للعقل، حيث يمكن للصيام أن يكون وسيلة فعّالة للحفاظ على صحة الجسم، فأثناء الصيام يتجه الجسم إلى حرق الدهون للحصول على الطاقة من خلال إنتاج الكيتونات، وهي مركّبات توفر مصدراً بديلاً عن الطاقة للدماغ وتساهم في تعزيز وظائفه وحمايته من التدهور.

ويتم تحفيز التحول الأيضي من الغلوكوز إلى وضع حرق الدهون بواسطة عدة عمليات رئيسية، حيث ينخفض مستوى سكر الدم، ويُنتج الجسم كمية أقل من الأنسولين، ويبدأ الكبد في إنتاج الكيتونات.

والكيتونات هي مصدر وقود فعال جدا للدماغ والعضلات، ويتم إنتاجها من تحلل الدهون، حيث يتحول الجسم حرفياً إلى آلة لحرق الدهون.

وهذا التحول ليس دائماً سهلاً، قد تكون الأيام الأولى من الصيام شديدة للغاية، وقد يشعر الصائم بالتعب الشديد، وقد يشعر بالجوع بشكل أكبر.ويعود ذلك جزئياً إلى الانخفاض الأولي في مستوى السكر في الدم وتكيف الجسم مع استخدام الدهون كمصدر رئيسي للطاقة.

الكيتونات هي مصدر وقود فعال جدا للدماغ والعضلات، ويتم إنتاجها من تحلل الدهون، حيث يتحول الجسم إلى آلة لحرق الدهون

والصيام له تأثير إيجابي على صحة الدماغ، فوفقاً لدراسة نشرتها جامعة هارفارد يمكن للصيام أن يحسّن وظائف الدماغ ويقلل من خطر الإصابة بالأمراض المرتبطة بالذاكرة مثل الزهايمر والباركنسون.

كما يحفز الصيام إنتاج بروتينات معينة تعزز تجدد الخلايا العصبية، ما يساعد على تحسين الذاكرة والتركيز.

وأظهرت الأبحاث أن الصيام يقلل من مستويات الالتهاب في الجسم، ما يُساهم في الحماية من العديد من الأمراض المزمنة مثل أمراض القلب والسكري. كما يساعد على تحسين حساسية الأنسولين، ما يقلل من خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني.

وكشفت دراسة حديثة، نشرت في مجلة “نيشتر” وأجراها فريق بحثي، أن الصيام يحفز قدرة الخلايا الجذعية المعوية على التجدد وإصلاح الأنسجة التالفة. وبينت الدراسة أن الصيام لمدة 24 ساعة يعزز قدرة هذه الخلايا على البقاء واستخدام الدهون كمصدر أساسي للطاقة بدلاً من الكربوهيدرات، ما يساعدها على التكيف مع نقص المغذيات. إلا أن ذروة تجديد الخلايا تحدث عند إعادة تناول الطعام بعد فترة الصيام، حيث تنشط مسارات بيولوجية محددة تعزز انقسام الخلايا الجذعية وإعادة بناء بطانة الأمعاء.

وفي دراسة نشرت عام 2018 وجد باحثون أن الصيام يؤدي إلى تفعيل عملية “الالتهام الذاتي” للخلايا، حيث تقوم الخلية بتفكيك نفسها وإعادة تدوير مكوناتها التالفة، وهذه العملية يحتاجها الجسم لتعزيز صحة الأنسجة وتقليل مخاطر الشيخوخة المبكرة. وتحدث هذه العملية بشكل طبيعي أثناء الصيام، حيث يستجيب الجسم لنقص العناصر الغذائية بتفعيل هذه العملية للحفاظ على الطاقة والموارد.

من جهة أخرى أظهرت أبحاث أجراها فريق في جامعة جنوب كاليفورنيا أن الصيام يمكن أن يساهم في تجديد الجهاز المناعي بشكل فعّال. وفي دراسة نُشرت في مجلة “الخلية” وُجد أن الصيام لفترات طويلة، من يومين إلى أربعة أيام، يساعد على التخلص من خلايا الدم البيضاء التالفة وإنتاج خلايا جديدة، وهو ما يحسّن مقاومة الجسم للأمراض.

الصيام يحفز إنتاج بروتينات معينة تعزز تجدد الخلايا العصبية، ما يساعد على تحسين الذاكرة والتركيز

وأوضحت الدراسة أيضاً أن الصيام يؤدي إلى انخفاض مستويات بروتين مرتبط بتنظيم الخلايا الجذعية وتجديد الجهاز المناعي. كما أنه يقلل من مستوى هرمون معروف بدوره في التقدم بالعمر وتطور السرطان.

ويمكن أن يلعب الصيام دوراً محورياً في تحسين صحة الأمعاء عبر تعزيز توازن الميكروبيوم المعوي، وهو مجموعة البكتيريا النافعة التي تعيش في الجهاز الهضمي.

فقد أظهرت الأبحاث أن الصيام يساعد على تقليل الالتهابات المعوية وتحفيز نمو البكتيريا المفيدة التي تدعم صحة الجهاز الهضمي وتعزز الامتصاص الغذائي. كما أن التوقف عن تناول الطعام لفترات محددة يسمح للأمعاء بالراحة وتجديد بطانتها، وهو ما يقلل من خطر الإصابة بمتلازمة الأمعاء المتسربة، وهذه الفوائد تجعل الصيام طريقة صحية للأشخاص الذين يعانون من مشكلات معوية مزمنة مثل متلازمة القولون العصبي والتهابات الأمعاء.

وخلال شهر رمضان يحصل الجهاز الهضمي على راحة من العمل المستمر طوال العام. هذا التوقف المؤقت عن تناول الطعام والشراب يمنح المعدة والأمعاء والكبد فرصة للتنظيف والتجديد. ويؤدي ذلك إلى تحسين عملية الهضم وامتصاص العناصر الغذائية، ويقلل من مشاكل مثل عسر الهضم والانتفاخ. بالإضافة إلى ذلك يساعد الصيام على التخلص من السموم المتراكمة في الجهاز الهضمي.

وأشارت الدراسات إلى أن الصيام يمكن أن يكون له تأثير إيجابي على صحة القلب. فهو يساعد على خفض مستويات ضغط الدم، وتقليل مستويات الكولسترول الضار، وزيادة مستويات الكولسترول الجيد. كما يساهم في تحسين وظائف القلب والأوعية الدموية ، ما يقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب.

الصيام يعزز وظائف الجهاز المناعي من خلال زيادة إنتاج خلايا الدم البيضاء والأجسام المضادة

ويساعد الصيام على تنظيم مستويات السكر في الدم وتحسين حساسية الأنسولين. فخلال ساعات الصيام ينخفض مستوى الغلوكوز في الدم، ما يقلل من إفراز الأنسولين. هذا التغيير يسهم في تحسين استجابة الجسم للأنسولين ويقلل من خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني.

كما يعزز الصيام وظائف الجهاز المناعي من خلال زيادة إنتاج خلايا الدم البيضاء والأجسام المضادة. ويساعد على تقليل مستويات الالتهابات في الجسم، وهو ما يزيد من مقاومة الأمراض. بالإضافة إلى ذلك يمكن أن يساهم الصيام في إزالة السموم من الجسم، ما يقلل العبء عن الجهاز المناعي.

ويرى خبراء التغذية أن شهر رمضان يعتبر فرصة مثالية لفقدان الوزن بشكل صحي. فخلال ساعات الصيام يستخدم الجسم مخازن الدهون كمصدر للطاقة، وهو ما يؤدي إلى خفض الوزن. ومع ذلك، لتحقيق هذا الهدف، يجب الحفاظ على نظام غذائي متوازن خلال فترتي الإفطار والسحور وممارسة النشاط البدني المعتدل.

ويشير خبراء الصحة إلى أن الصيام يساهم في تحسين صحة الجلد من خلال إزالة السموم وتنقية الجسم. كما يساعد على تقليل الالتهابات الجلدية ومشاكل مثل حب الشباب والطفح الجلدي. وفضلا عن ذلك يمكن أن يؤدي تحسين النظام الغذائي خلال رمضان إلى بشرة أكثر صحة وإشراقًا.

وبالإضافة إلى الفوائد الجسدية يوفر الصيام فوائد نفسية وعاطفية. فهو يساعد على تقليل مستويات التوتر والقلق، ويعزز الشعور بالراحة النفسية. كما يساهم في تعزيز الصبر والتحكم في النفس، وهو ما يؤثر إيجابيًا على الصحة العقلية.

14