الصويرة المغربية مرفأ للإبداع والفن

تتمتع مدينة الصويرة بتاريخ طويل، يمتزج فيه التراث العربي والأمازيغي مع تأثيرات فرنسية وبرتغالية وإسبانية وبريطانية. المزيج الفريد جعل منها نقطة لاتقاء الثقافات والفنون باحتضانها العديد من المراكز الثقافية التي تقدم أعمالاً فنية معاصرة، مما يجعلها مرفأً للفنانين المحليين والدوليين.
الصويرة (المغرب) - تعد مدينة الصويرة المغربية واحدة من أبرز الوجهات السياحية التي تجمع بين سحر الطبيعة وجمال التاريخ الثقافي العريق، حيث تجذب الزوار من مختلف أنحاء العالم للاستمتاع بجوها الفريد وأجوائها الإبداعية. وقد سلطت وسائل الإعلام العالمية، مثل مجلة ناشونال جيوغرافيك وصحيفة نيويورك تايمز الأميركيتين وإل بايس الإسبانية، الضوء على المدينة، معتبرة إياها واحدة من أهم الوجهات السياحية التي تستحق الزيارة.
في تقرير نشرته مجلة ناشونال جيوغرافيك، أشارت الصحافية كارلينا فاليكو إلى أن مدينة الصويرة، التي تعرف أيضًا بمدينة رياح الأليزي، أصبحت مرفأً للإبداع والفن. وأوضحت أن المدينة، التي تتمتع بتأثيرات فرنسية وبرتغالية وإسبانية وبريطانية، تشكل مزيجًا فنيًا رائعًا مع التقاليد العربية والأمازيغية. وقد عُرفت كمحطة رئيسية لثقافة “الهيبي” في الستينات والسبعينات، واحتضانها لمهرجان كناوة الذي يعتبر من أبرز الفعاليات الموسيقية في المغرب. وفي هذا السياق، يتميز مهرجان كناوة بإيقاعاته الروحية الساحرة التي تعكس جزءًا من تاريخ المغرب الموسيقي والثقافي.
تتمتع الصويرة بتراث ثقافي غني يشمل أزقتها العتيقة، التي تعتبر جزءًا من التراث العالمي لليونسكو، وكذلك شوارعها العصرية التي تعكس التوازن بين القديم والجديد. المدينة مشهورة أيضًا بمأكولاتها المميزة التي تجمع بين التأثيرات العالمية والمحلية، كما تشكل وجهة هامة لعشاق رياضات ركوب الأمواج، مثل الكايت سورف و الويند سورف، نظرًا لموقعها الإستراتيجي على ساحل الأطلسي.
وفي مقال نشرته نيويورك تايمز للصحافي سيث شيروود، تم تسليط الضوء على جمال ميناء الصويرة الذي يعتبر من أروع الأماكن التي لا تحظى بشهرة مدن أخرى مثل الدار البيضاء، لكنه يتمتع بجاذبية خاصة تجعل منه وجهة سياحية مميزة. وأشار شيروود إلى أن قوارب الصيد الخشبية الزرقاء التي تزين الميناء تثير إعجاب الزوار منذ اللحظة الأولى. وأضاف الصحافي أن المدينة تتمتع بجو ساحر، حيث تتناغم المعارض الفنية والمهرجانات الموسيقية مثل مهرجان كناوة مع المواقع التاريخية والمعالم الثقافية في المدينة. كما أشار إلى متحف “بيت الذاكرة” الذي يعكس تراث الجالية اليهودية في الصويرة ويعد من الأماكن التي تسهم في توثيق تاريخ المدينة المتنوع.
◙ الصويرة تتمتع بتراث ثقافي غني يشمل أزقتها العتيقة وكذلك شوارعها العصرية التي تعكس التوازن بين القديم والجديد
أما صحيفة إل بايس الإسبانية، فقد أكدت في تقرير لها أن مدينة الصويرة تتمتع بجو خاص يجمع بين الماضي والحاضر، مشيرة إلى سحر مناظرها الطبيعية الخلابة والمعالم الأيقونية التي جعلت منها وجهة لا تُنسى. وفي هذا السياق، تحدثت الصحيفة عن التنوع الثقافي والديني الذي يميز المدينة، وهو ما يجعلها وجهة مثالية للزوار الذين يرغبون في اكتشاف سحرها الأزلي. وأوضحت الصحيفة أن المعمار التقليدي الممزوج بالطابع الأندلسي والإيبيري، بالإضافة إلى المناظر الساحلية الرائعة، يخلق أجواء فريدة تدمج بين الفن والتاريخ.
تعد قلعة “السقالة” من أشهر المعالم الأثرية في الصويرة، حيث تم تصوير العديد من الأفلام العالمية هناك، مثل فيلم “عطيل” لمخرج أورسون ويلز، الذي تم تصويره في المدينة وأدى إلى تقديمه في مهرجان كان عام 1952. كما شهدت المدينة تصوير مشاهد من أفلام عالمية أخرى مثل “لعبة العروش” و”مملكة الجنة”. وقد أسهمت هذه الأفلام في تعزيز مكانة الصويرة على الساحة العالمية كوجهة سياحية وفنية.
علاوة على ذلك، تحتضن المدينة واحدًا من أقدم وأهم متاحف المغرب، متحف محمد بن عبدالله، الذي يتيح للزوار فرصة التعرف على تاريخ المدينة من عصور ما قبل التاريخ وحتى العصر الحديث. كما أن مدينة الصويرة تشتهر بتنظيم مهرجانات موسيقية على مدار السنة، مثل مهرجان “كناوة”، الذي يعتبر واحدًا من أهم المهرجانات الموسيقية في المغرب والعالم، بالإضافة إلى مهرجان الموسيقى الكلاسيكية الذي يجذب فرقًا موسيقية عالمية.
وتُعد الصويرة أيضًا مدينة للفن التشكيلي، حيث يحتضن العديد من الأروقة التي تعرض أعمالًا فنية محلية وعالمية. كما أنها تستقطب محبي الثقافة والفنون بفضل تنوعها الفني والروحي، مما يجعلها وجهة سياحية تجمع بين الاستمتاع بالجمال الطبيعي والتعرف على تاريخ ثقافي غني.
وتعد مدينة الصويرة المغربية وجهة سياحية فريدة من نوعها، حيث تلتقي الطبيعة الساحرة مع التاريخ الثقافي العريق، وتقدم للزوار تجربة غنية تجمع بين الفن والموسيقى والمأكولات، مما يجعلها من أبرز الوجهات السياحية في المغرب.