الصهاريج الطويلة حلول من الماضي للأزمات البيئية في عدن

باحثون يقدرون عدد الصهاريج بأنها تصل إلى نحو 50 صهريجا معظمها مطمور تحت الأرض أو أصابه الخراب.
الخميس 2022/03/17
عودة إلى تقنية الأجداد

عدن - ساعدت شبكة من القنوات المائية والأحواض مدينة عدن الساحلية اليمنية في مواجهة الفيضانات والجفاف على مدى الآلاف من السنين. لكن الأكياس البلاستيكية وعلب المشروبات والأكواخ المؤقتة تسد القنوات القديمة.

وفي الوقت الذي يؤدي فيه الاحتباس الحراري إلى تأجيج الطقس القاسي في البلاد المعرضة لتقلب المناخ، يقول مسؤولو المدينة إن إعادة صهاريج عدن (أو صهاريج الطويلة) إلى مجدها السابق يمكن أن تساعد في ضمان إمدادات المياه خلال فترات الجفاف وتجنب الفيضانات في موسم الأمطار.

وقال جلال هيكل البالغ من العمر 28 عاما وهو عضو المجلس المحلي لمدينة كريتر "أعرف تاريخ مدينتي، وأريد نقل هذا التاريخ إلى الزمن الحاضر".

وكانت الصهاريج الطويلة تنقل منذ القرن الخامس عشر قبل الميلاد مياه الأمطار من خلال سلسلة من السدود، وتملأ الخزّانات قبل أن تصل إلى البحر، وفقا لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (موئل الأمم المتحدة).

وكانت القنوات المصنوعة من الرماد البركاني والجص المقاوم للماء متعرجة بين سلاسل الصخور البركانية، وتحوّل مياه الأمطار بعيدا عن أدنى وأقدم أجزاء عدن، وتنقذ السكان من الفيضانات.

إعادة صهاريج عدن الطويلة إلى مجدها السابق تساعد في ضمان إمدادات المياه خلال فترات الجفاف وتجنب الفيضانات في موسم الأمطار

وقدر الباحثون عدد هذه الصهاريج بنحو 50 صهريجا معظمها مطمور تحت الأرض أو أصابه الخراب، وما هو قائم منها لا يزيد على 18 فقط. وقال عثمان عبدالرحمن نائب رئيس دائرة الآثار في عدن "لقد كانت الطريقة عبقرية".

ونجح السكان في الماضي في توفير ما يصل إلى 90 مليون لتر من مياه الشرب التي يمكن الوصول إليها كل عام، بينما يعيش أحفادهم اليوم في واحدة من أكثر البلدان التي تعاني من إجهاد مائي في العالم.

وأكّد عبدالرحمن أن الناس اعتادوا على سحب المياه من سلسلة من الحواف والسلالم المنحوتة داخل الحوض والتي كانت تسمح للسكان بالاقتراب من المياه.

وفي الظرف الحالي تسدّ القمامة القنوات وتنتشر المساكن العشوائية حول الفتحات التي تسمح بدخول المياه إلى خليج عدن على طول سفح التل.

ويعني هذا أن بعض القنوات تمتلئ جزئيا وتفيض دون أن تملأ الأحواض، حيث قال عبدالرحمن إنه "من المؤلم بالنسبة إليّ أن أراها هكذا".

ويواجه اليمن، الذي يبلغ عدد سكانه 30 مليون نسمة ويقع في الطرف الجنوبي الغربي لشبه الجزيرة العربية، نتيجتين متعارضتين لتغير المناخ. وهو واحد من أكثر دول العالم التي تعاني من ندرة في المياه بينما يزيد التصحر من صعوبة حصول الملايين من الأشخاص على مياه الشرب الآمنة.

لكن مناطق اليمن الساحلية تعاني من فيضانات مفاجئة مدمرة أيضا. ففي عام 2020 قتلت الفيضانات المفاجئة أكثر من 170 شخصا في جميع أنحاء البلاد. وفي سنة 2021 تسبب فيضانان متعاقبان في أضرار للآلاف من العائلات اليمنية بما في ذلك في عدن.

صهاريج تحتاج إلى أنامل تعديها إلى عهدها
صهاريج تحتاج إلى أنامل تعديها إلى سالف عهدها 

وتبقى عدن نفسها المدينة السادسة في العالم الأكثر عرضة لارتفاع مستوى سطح البحر والأمواج العاصفة، وفقا لدراسة أجراها مركز التنمية العالمية غير الربحي في عام 2009. ويقع الميناء الطبيعي للمدينة وأقدم الأحياء في مناطق كريتر المنخفضة.

ويعيش معظم السكان وهم من عائلات منخفضة الدخل في منازل مبنية من الطوب. وتدمّر كثير منها في فيضانات 2020، بما في ذلك المنزل المكون من طابقين حيث تعيش عائلة فيصل الشوقي.

وقال الشاب البالغ من العمر 28 عاما "كان يوما مرعبا ومخيفا". وتذكّر كيف تدفقت مياه الأمطار إلى المنزل بسرعة وجرفت السلم المرتبط بالطابق العلوي، مما أبقى عائلته عالقة في الطابق الأرضي.

وتتطلّب حماية المنزل من الفيضانات أو الانتقال إلى حي أكثر ارتفاعا أموالا لا تملكها أسرته. ومع اقتراب موسم فيضان الربيع يشعر شوقي بالتوتر. وقال "نحن خائفون ومتوترون للغاية. يتداعى بيتنا وكل المنازل من حولنا بالفعل".

عدن تبقى المدينة السادسة في العالم الأكثر عرضة لارتفاع مستوى سطح البحر والأمواج العاصفة وفقا لدراسة أجراها مركز التنمية العالمية

ونجح برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية في تجديد أكثر من 100 منزل تضررت من الفيضانات، ويشرف على تركيب شبكات تصريف مياه الأمطار لحماية 15 ألفا من سكان عدن. كما يرى إمكانية إعادة تأهيل شبكة المياه القديمة في المدينة.

وأشار إلى أن التمويل قد يكون معقدا. فقد يكون جمع التبرعات لمشروع البنية التحتية طويل الأجل أمرا صعبا نظرا إلى الوضع الإنساني المزري في اليمن حيث تكافح معظم العائلات من أجل توفير المواد الغذائية الأساسية أو الرعاية الصحية بعد سبع سنوات من الحرب.

وقال وائل الشهاب رئيس فرع البرنامج في اليمن "تعتبر صهاريج الطويلة من الطرق المستدامة لمواجهة آثار الفيضانات". وأضاف شهاب "يعتقد معظم المانحين أن الغذاء والدواء والمياه هي التحديات الثلاثة الرئيسية التي يحتاجون إلى معالجتها في هذا السياق الإنساني للنزاعات المسلحة طويلة الأمد والحرب".

وقدر محمود بن جرادي المدير العام لمديرية كريتر أنه يمكن ترميم صهاريج الطويلة بالكامل مقابل 600 ألف دولار.

وأكّد عضو من فريق بن جرادي أن هذا يبقى ثمنا ضئيلا يجب دفعه لإنقاذ مدينته، حيث أكد أن "الفيضانات مفاجئة للغاية هذه الأيام وهناك الكثير من المياه. ونحن نعلم مدى أهمية نظام الخزان".

18