الصناعات الجلدية في تونس مهددة بالاندثار

أطلق المستثمرون في قطاع الجلود والأحذية في تونس صيحة فزع وحذروا من احتمال اندثار هذه الصناعة جراء تفاقم التوريد العشوائي وتزايد عمليات التهريب عبر الحدود، فضلا عن سيطرة بارونات الفساد وتبييض الأموال على السوق.
وتطرح انتقادات أصحاب المصانع مسألة قدرة الحكومة على انتشال الكثير من القطاعات التي تعاني من أزمات مزمنة منذ سنوات ضمن خطة شاملة يمكن من خلالها أيضا تعزيز خزينة الدولة الفارغة ووضع خطوة على طريق إعادة عجلة النمو إلى الدوران.
وخلفت مشكلة قطاع الجلود طيلة السنوات الست الأخيرة حالة من الاحتقان والغضب بين المستثمرين، حيث بات البعض منهم مهددا بالإفلاس، علاوة على فقدان الآلاف من العمال لوظائفهم في قطاع كان أحد أبرز القطاعات الحيوية.
وتشير الإحصائيات الرسمية إلى أن حالة الانفلات في القطاع وغياب الرقابة يتسببان سنويا في إغراق السوق المحلي بسلع يتم استيرادها من الصين وتركيا إلى جانب تهريب أطنان أخرى من الجزائر.
|
وتسعى الهياكل الرسمية المتدخلة في القطاع منذ فترة لإيجاد حلول جذرية لمشكلات هؤلاء المستثمرين واحتواء الصعوبات التي تسببت في حالة من الركود في أنشطتهم أدت إلى انحسار مردودية أعمالهم.
وأكد أكرم بلحاج، رئيس الغرفة الوطنية لصناعة الأحذية المنضوية تحت الاتحاد التونسي للتجارة والصناعة والصناعات التقليدية، أن صناعة الجلود والأحذية تواجه صعوبات كبيرة نتيجة إغراق السوق المحلي بالسلع المورّدة من تركيا والصين.
وقال خلال ندوة صحافية عقدت مؤخرا بمقر منظمة أرباب العمل إن هذه “الصناعة تضررت بشكل غير مسبوق حيث توقف العديد من المصانع عن الإنتاج”.
ووفقا لبلحاج، وهو نائب رئيس الجامعة التونسية للجلود والأحذية كذلك، فقد أغلقت 200 شركة أبوابها منذ الاضطرابات التي شهدتها البلاد من إجمالي 460 شركة تم إحصاؤها في 2010، وأن قرابة 60 مصنعا تمر بأزمة مالية خانقة تنذر بإفلاسها.
وتقلص عدد العاملين في القطاع الذي كان يؤمن قبل عام 2011 قرابة 70 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، ليبلغ عدد العاملين في حدود 36 ألف عامل حاليا.
ويبدو أن تلك الأرقام المفزعة، لا تعكس، حسب تقدير المتابعين المؤشرات الحقيقة لواقع القطاع. فمع الإقرار بوجود مشكلات تعوق القطاع وتجعله في حاجة إلى حلول استعجالية، إلا أن الأزمة أكبر من ذلك بكثير.
ومنذ سنوات يطالب المستثمرون بالتصدي لعمليات التهريب التي أضرت بأعمالهم ولوضع حد لتجارة الجلود والأحذية المستعملة من خلال تفعيل حزمة القوانين المعمول بها في قطاع التجارة من أجل حماية مصانعهم وضمان ديمومتها.
ويحذر نبيل بن ساسي نائب رئيس الغرفة الوطنية لصناعة الأحذية من اختلال منظومة التدريب بمراكز التكوين في صناعة الجلد التي تسجّل ضعفا في استقطاب المتدربين، وهو ما أدى إلى تراجع أعداد اليد العاملة المختصة في هذه الصناعة.
ووفق أرقام وكالة النهوض بالصادرات، فإن حجم صادرات صناعة الجلود والأحذية بلغ خلال العام الماضي نحو مليار دينار (قرابة 440 مليون دولار) مقابل واردات بلغت 800 مليون دينار (نحو 348 مليون دولار).