الصالونات الصامتة لتصفيف الشعر تجذب الزبائن من محبي الهدوء

برلين - أخيرا أصبح بإمكان الشخصيات الانطوائية أن تقص شعرها في هدوء وسكينة. ويعد هذا الاتجاه الجديد من الأنباء السارة، أيضا بالنسبة إلى مصففي الشعر والحلاقين الذين قد يشعرون بالارتباك من جراء ثرثرة الزبائن المتواصلة.
وتبرز صالونات الحلاقة اعتبارا من نيويورك حتى سيدني حاليا، خيار حجز مواعيد للحلاقة الصامتة. وفي برلين دشن صالون “الشعر البري” خدماته في هذا الاتجاه الجديد، بعد تفشي جائحة كورونا، عندما كان المحور الوحيد للحديث بين الناس هو الجائحة.
وتقول أندريا زيبرت فيشتر وهي مصففة شعر، بحي برنزلاور بيرج العصري ببرلين، إنها أرادت أن تتيح “منطقة للاسترخاء، يمكنك فيها أن تنسى كل همومك”.
ويرحّب بهذه الخدمة الزبون بنيامين هارتفيج، الذي يعمل في مجال مبيعات التأمين، ويخبر زيبرت فيشتر بكل متطلباته في طريقة الحلاقة وتصفيف الشعر، ثم يتركها تعمل في هدوء، ويلتزم كلاهما بالصمت طوال فترة الحلاقة التي تستغرق 20 دقيقة.
وبجواره يتحدث زبون آخر عن أبويه، وعن وظيفته الجديدة والمواصلات اليومية التي يستخدمها، بينما تنبعث في الخلفية أنغام موسيقى الروك. ويشعر هارتفيج بالاسترخاء أثناء فترة تقصير شعره، ويقول إن فترة الحلاقة “هي الوقت الذي أستعرض خلاله أحداث يومي، وأتعامل فيه مع أفكاري”.
أما جان كوباتز رئيس نقابة مصففي الشعر ببرلين، فلا يعتقد أن طريقة الحلاقة في صمت تمثل تجربة مميزة أو رائعة، بل إنه يرفضها ويصفها بأنها في الأساس “وسيلة تسويقية ومجرد موضة”، ويقول إن جودة الحلاقة فيها لا تختلف عن أيّ طريقة أخرى. غير أن مزيدا من مصففي الشعر أخذوا يلاحظون تزايد حاجة الناس إلى الهدوء.
ومع ذلك هناك أيضا حاجة للتنفيس عن الانفعالات بالتواصل مع الآخرين، وتقول جوليا شارنهورست الإخصائية النفسية الألمانية إنه ليس من الغريب أن ينتهي الحال بالناس بأن يبوحوا بمشاكلهم لمصفف الشعر، أو أن يجروا محادثة شخصية نسبيا معه، حيث أنهم يكونون قريبين منه خلال وقت قص الشعر.
وبرغم أن الصمت يمكن أيضا أن يمثل تحديا للزبائن الذين يشعرون بالرغبة في إجراء محادثات قصيرة وأن يكونوا مهذبين فـ”إن وابل الحديث الذي لا يتوقف يمكن أن يسبب أضرارا بعيدة المدى عند نقطة ما لا يستطيع مصففو الشعر حقيقة أن يركزوا على أيّ شيء لفترة طويلة”، وفقا لما ذكره كثيرون لها أثناء ندواتها.
ومن ناحية أخرى يرى ديتر بونشتاتر مصفف شعر المشاهير أنه لا يمكن تخيل عملية تصفيف شعر تجرى في صمت. ويقول “على أيّ حال، إن تبادل الحديث مع الزبائن هو أمر جميل”.
ولا يزال للأحاديث مذاقها الخاص ولم تلفظ أنفاسها في صالون زيبرت فيشتر، فهي تستمتع بالحديث مع بعض زبائنها، وتقول “شكّلنا مع زبائني المنتظمين، وأنا أعرف بعضهم منذ 20 عاما، رباطا شخصيا للغاية”.