الشيخ حمد بن جاسم.. "متحدث رسمي" يكافح لإبقاء قطر في دائرة الضوء

وظيفة رئيس الوزراء القطري السابق باتت تنحصر في كونه المتحدث الرسمي باسم الدوحة في وسائل الإعلام الغربية.
الأربعاء 2018/09/19
فقد كل الأوراق

لندن - يحاول مسؤولون قطريون وآخرون سابقون إبقاء الأزمة القطرية مطروحة في وسائل الإعلام الغربية من أجل إبقاء الدوحة طافية على سطح الرأي العام العالمي، إذ أكثر ما تخشاه قطر هو البقاء في طي النسيان.

وأجرى رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري السابق الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني مقابلة تلفزيونية مع قناة فرانس 24، الناطقة باللغة الإنكليزية، تمحورت حول تكرار نفيه لأي مسؤولية قطرية عن أسباب اندلاع أزمة المقاطعة في يونيو من العام الماضي.

ومجرد الكتابة عن مثل هذه المقابلة يضيف إلى الجهود القطرية الحثيثة في محاولة البقاء في دائرة الضوء، لكن الإستراتيجية التي اتبعها الشيخ حمد بن جاسم في الرد على التحفظات الخليجية بشأن السلوك القطري تحتاج إلى توضيح.

ويقول الشيخ حمد إن السعودية والإمارات كانتا تدبران انقلابا على أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لأنه “لا يعجبهما”، كما اعتمد طوال المقابلة، مثلما فعل خلال مقابلات سابقة، على التشويش على مسببات الأزمة، التي طرحتها دول مجلس التعاون الخليجي في أكثر من مناسبة على الطاولة أمام المسؤولين القطريين.

وإذا كان أحد يريد تدبير انقلاب على الشيخ تميم، لم تكن دول مجلس التعاون الخليجي لتدخل في محادثات صعبة معه، ومع مسؤولين قطريين آخرين على كل المستويات، من أجل إقناع قطر بالتوقف عن انتهاج سلوك يتناقض مع مصالح وأمن دول المنطقة، خصوصا الدعم المباشر لتنظيم الإخوان المسلمين وتنظيمات جهادية وتكفيريين آخرين.

وفي عام 2013 وقّع الشيخ تميم في الرياض اتفاقا تعهد من خلاله بالتوقف عن هذه الممارسات.

وسبقت هذا الإعلان، الذي جرى ضمن قمة حضرها الزعماء والقادة الخليجيون، مشاورات طويلة تدخل فيها وسطاء من دول أخرى من أجل إقناع المسؤولين القطريين بخطورة تصرفاتهم على استقرار مجلس التعاون الخليجي والمنطقة.

وفي عام 2014 وقّع الشيخ تميم اتفاقا مكملا في الرياض أيضا، تقول باقي دول مجلس التعاون إنه لم تنفذ منه أي نقطة. واعترفت الكويت، التي تقوم بجهود الوساطة بين السعودية والإمارات ومصر والبحرين من جهة وقطر من جهة أخرى، بأن الدوحة لم تنفذ أيا من بنود اتفاق الرياض الموقع في 2014.

مراقبون يقولون إن لغة الخطاب التي يلجأ إليها الشيخ حمد بن جاسم في كل مرة يتحدث فيها عن الأزمة الخليجية في الإعلام الغربي، تقوم على إستراتيجية واحدة وثابتة تعتمد على "الأخبار الكاذبة"

واعتمد الشيخ حمد بن جاسم على عوامل شخصية في المقابلة، التي أجريت معه الإثنين الماضي، إذ قال إن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان “لا يتلقى نصائح مفيدة” لمصلحة الشعب السعودي. كما قال أيضا إن الأمير محمد بن سلمان كان يمثل بادرة أمل في البداية، من جهة نظره، لكنه لم يعد كذلك بالنسبة إليه.

ويقول مراقبون إن لغة الخطاب التي يلجأ إليها الشيخ حمد بن جاسم في كل مرة يتحدث فيها عن الأزمة الخليجية في الإعلام الغربي، تقوم على إستراتيجية واحدة وثابتة تعتمد على “الأخبار الكاذبة”.

ويعرف الشيخ حمد كيفية التعامل مع وسائل الإعلام بشكل عام. وفي وقت تتصاعد فيه الشعبوية السياسية اعتمادا على “الأخبار الكاذبة” والتشويش على الحقائق، باتت هذه الإستراتيجية تمثل مخرجا للمسؤولين القطريين، خصوصا على مواقع التواصل الاجتماعي.

وفي سلسلة تغريدات نشرها الشيخ حمد بن جاسم، بعد إعادة تفعيل حسابه على تويتر فبل أشهر، حاول تقديم الأزمة الخليجية باعتبارها “مفاجأة” لم تكن متوقعة، وأن لا جذور لها في الماضي.

وعبر عن ذلك خلال مقابلته مع قناة فرانس 24 عندما قال “كنا (في منطقة الخليج) نعيش في ألف ليلة وليلة، وفجأة قال السعوديون والإماراتيون دعونا نفعل ذلك بقطر”، في إشارة إلى بدء المقاطعة، مضيفا “لا أجد سببا واحدا لما قاموا به”. وترسم هذه  اللغة أمام المشاهد الغربي صورة مغايرة تماما لواقع خلقته قطر واضطرت معه دول المنطقة للتحرك، سعيا لتحجيم الأضرار الناتجة عن صعود التيارات المتشددة في سوريا ومصر وليبيا واليمن وغزة وغيرها، اعتمادا على الدعم القطري.

ويقول مراقبون إن الشيخ حمد بن جاسم فقد كل الأوراق التي كان يستخدمها في بداية الأزمة، بعدما كان مستبعدا تماما عن عملية صناعة القرار، من أجل منح الشيخ تميم فرصة. 

ومع بدء الأزمة شكّلت عودة الشيخ حمد بن جاسم مرة أخرى حبل إنقاذ لقطر، لكن اليوم يبدو أن الحجج التي كان يوظفها الشيخ حمد بن جاسم لم تعد كافية لتقديم دفاع متماسك عن موقف بلاده في الأزمة.

وبدلا من ذلك، باتت وظيفة رئيس الوزراء القطري سابقا تنحصر في كونه المتحدث الرسمي باسم الدوحة في ما يتعلق بالتعامل مع وسائل الإعلام الغربية، في محاولة لا تهدف سوى لإبقاء قطر في المشهد.

6