الشركات تتمسك بالنمط القديم في تصاميم السيارات النظيفة

معظم شركات السيارات حول العالم تتحفظ بشكل واضح على إجراء تغيرات جذرية على الإرث التصميمي لسياراتها، الذي يمتد لأكثر من قرن من الزمن.
الأربعاء 2019/06/19
نسخة كهربائية تقطع مع الماضي

تظهر تحركات معظم شركات السيارات أنها لا تزال بعيدة عن ابتكار هياكل للموديلات النظيفة تقطع مع التصاميم القديمة، حيث تعتبرها بوصلة نجاح وانتشار منتجاتها في أسواق العالم، وهو ما آثار جدلا واسعا حول إصرار المصنعين على العمل بهذا النمط حتى اليوم.

كولن (ألمانيا)- يشهد عالم السيارات في الوقت الحالي رواجا كبيرا للموديلات الكهربائية نظرا لما تمتاز به من انخفاض الاستهلاك وعدم صدور انبعاثات ضارة منها.

ومع تزايد توقعات الخبراء بأن يشهد العالم انتقالا متسارعا إلى استخدام الطاقة النظيفة خلال العقود المقبلة، وهو ما تفعله الشركات بالتخطيط للتخلص عن محركات الوقود. لكن المشكلة اليوم تكمن في المطبات التي تعترض هذا النوع من المركبات بالنظر إلى إمكانية انتشارها سريعا.

وهناك البعض من التفاصيل، التي تستدعي الانتباه وبدأت في طرح سيل من التساؤلات بين الكثير من المختصين حول استمرار احتفاظ المصنعين بفكرة ابتكار السيارات الكهربائية بتصاميم تقليدية لطالما كانت مميزة في الموديلات القديمة.

وتتحفظ معظم شركات السيارات حول العالم بشكل واضح على إجراء تغيرات جذرية على الإرث التصميمي لسياراتها، الذي يمتد لأكثر من قرن من الزمن.

خيارات غير مستغلة

تختلف السيارة الكهربائية عن الموديلات، التي تعتمد على محرك الاحتراق الداخلي في العديد من التفصيلات، مثل عدم وجود عصا قياس مستوى الزيت ومجموعة العادم، الأمر الذي يجعل التعامل معها أسهل رغم المفاجآت الكثيرة، التي تخفيها.

ويفسر مجموعة من المختصبن في عالم السيارات السبب في ذلك بأن السيارات الكهربائية لا تحتوي ببساطة على المكونات الكلاسيكية من قبيل فلتر الهواء وفلتر الوقود وفلتر الزيت وشمعات الإشعال.

ولكن البعض يرى أن هناك تقاطعات تتعلق بالإنتاج والسمعة قد تجعل المصنعين يواصلون في اتباع نهجهم القديم في تصميم هياكل الموديلات الصديقة للبيئة. ويبدو هذا الاتجاه مزعجا لأن شكل السيارة يكمل الأفكار المتعلقة بالاستفادة من كل ركن من أي موديل يتم تصميمه داخل المختبرات.

باولو تومينيللي: الخيارات التصميمية في السيارات الكهربائية غير مستغلة تماما
باولو تومينيللي: الخيارات التصميمية في السيارات الكهربائية غير مستغلة تماما

ويقول الخبير الألماني باولو تومينيللي لوكالة الأنباء الألمانية إن الخيارات التصميمية، التي توفرها السيارات الكهربائية، لا تزال غير مستغلة تماما، كما هو الحال مع الموديل 208 من بيجو.

وأشار تومينيللي، وهو أستاذ علم التصميم في جامعة كولن، إلى أن السيارة الكهربائية الصغيرة التي تصنعها الشركة الفرنسية لا تختلف من حيث التصميم في شيء عن الموديل العادي، حتى أن مقبس شحن البطارية يختفي خلف غطاء خزان الوقود.

وأوضح أن السيارات المعتمدة على البطارية تحتاج إلى القليل من المساحة مقارنة بالمكونات التصميمية للسيارات المعتمدة على محرك احتراق داخلي من حيث ناقل الحركة ومضخات الوقود ونظام العادم، فضلا عن حجم المحرك.

ومع الحجم الأقل للمحرك الكهربائي فلن تكون هناك حاجة إلى غطاء حيز المحرك الضخم، ولا حتى شبكة المبرد الكبيرة. وتقوم شركات مثل هيونداي الكورية الجنوبية في الموديل إونيك وتسلا الأميركية في موديل 3 بالإشارة إلى شبكة المبرد عبر سطح بمقدمة السيارة.

علامة خاصة

لقد سلكت بعض الشركات هذا الاتجاه أي مسلك الفصل بطرح علامة تجارية خاصة بالسيارات الكهربائية، على غرار ما قامت به فولفو من خلال شركة بوليستار المتخصصة في إنتاج موديلات الشركة السويدية الكهربائية.

وفي معرض جنيف الأخير، الذي عقد في مارس الماضي، تم الكشف عن السيارة بولستار 2، والتي تتمتع بتصميم مختلف بعض الشيء، إلا أنها على الرغم من هذا لا تبدو ثورية. وقد قامت شركة ستروين الفرنسية بمغامرة أكثر جرأة بالكشف عن الموديل آمي ون كونسبت، الذي أثار إعجاب الجمهور.

وتبدو السيارة الاختبارية بطول مترين ونصف المتر وكأنها مكعب يتحرك على عجلات في تنازل عن غطاء حيز المحرك وشبكة المبرد لصالح الاستخدام الأقصى للمقصورة الداخلية. ويوفر هذا التصميم الصندوقي العمودي مساحة كبيرة في المقصورة الداخلية للسيارة المصنعة خصيصا لمواجهة الازدحام داخل المدن.

واستغل المصممون في الشركة المساحة التي يوفرها نظام الدفع الكهربائي، واستغنوا عن التجهيزات الزائدة عن الحاجة ليضعوا تصميما عمليا للتنقل، لكن السيارة تبقى أسيرة المفهوم الاختباري حتى الآن.

وربما ترتسم صورة ذهنية للسيارات الكهربائية بأنها ضعيفة من حيث معدلات الأداء، وذلك اعتمادا على نظافتها من الانبعاثات، لكن بعض السيارات تعبر عن مدى قوتها الداخلية بملامح شرسة كما هو الحال في أودي كيو 4 إي-ترون.

ويعتقد تومينيللي أن عدم استغلال شركات السيارات للخيارات التي توفرها الموديلات الكهربائية، يرجع أيضا إلى التمسك بالتقليد المستمد من هوية الشركة، لذا فإن استراتيجيات تصميم السيارات تخضع لبعض التحفظ، وتفضيلات الزبائن، وهو الأمر الذي لا يريدون المخاطرة به.

متعة القيادة

يؤكد الخبراء أن متعة القيادة في النهاية لا تتلاشى من هذه السيارات، التي أهم ما تمتاز به جوانبها الاقتصادية، لكن سائقي هذا النوع من المركبات التي ستغزو الطرقات في المستقبل عليهم الانتباه لكيفية التعامل معها.

ويقول فولكر بلاندو من الهيئة الألمانية للفحص الفني إن قيادة السيارة الكهربائية تختلف قليلا عن قيادة السيارات ذات محركات الوقود والمزودة بأنظمة الدفع التقليدية.

تختلف السيارة الكهربائية عن الموديلات، التي تعتمد على محرك الاحتراق الداخلي في العديد من التفصيلات، مثل عدم وجود عصا قياس مستوى الزيت ومجموعة العادم

يوصي الخبير الألماني من يقود سيارة كهربائية لأول مرة بالحذر في البداية عند الضغط على دواسة الوقود، حيث تصل السيارة على الفور إلى عزم الدوران الكامل، ومن ثم القوة الكاملة، واعتمادا على الأداء يكون التسارع أعلى بشكل واضح.

ويظهر العكس من ذلك عند رفع القدم عن دواسة الوقود حيث تبدأ السيارة الكهربائية في التباطؤ بشكل ملحوظ. ويوضح ألكساندر كوتوك من شركة بي.أم.دبليو أن هذا التأثير ينشأ نتيجة استعادة الطاقة حيث يتم تحويل طاقة الحركة إلى طاقة كهربائية مرة أخرى وقد يتطلب هذا الأمر في البداية التعود من قبل قائد السيارة الكهربائية.

وبعض السائقين يستخدمون هذا النظام بطريقة تجعلهم تقريبا لا يكونون في حاجة إلى المكابح الحقيقية أثناء القيادة. وبوجه عام يمكن تقليل استهلاك التيار بسبب نظام استعادة الطاقة بنسبة تصل إلى 20 بالمئة مع عدم استهلاك المكابح بشكل سريع.

17