الشتاء في صحراء الإمارات مرح وسهر دافئ

عائلات وشباب إماراتيون يسكنون الصحراء خلال فصل الشتاء بحثا عن حلقات السمر فوق رمالها، مستبدلين منازلهم وحياتهم المترفة بالخيم، وذلك للتخلص من التأثيرات السلبية للحياة العصرية المتسارعة وطلبا للراحة النفسية.
أبوظبي - تتحول الصحراء الإماراتية في فصل الشتاء إلى مقصد هامّ للعائلات والشباب، يقضون فيها ساعات وأياما وأحيانا أشهرا، للاستمتاع بمشاهد الطبيعة ونقاء الجو، وسهرات سمر حول مواقد النيران.
وتتعالى دعوات الشباب والأسر على مدار أيام الشتاء للتجمع بالمناطق الصحراوية أو “البرّ” كما يسمونها، وكثير من العائلات تقيم مخيمات متكاملة المرافق فوق التلال الرملية تستمر لأشهر، يقيمون فيها بصورة شبه دائمة، تاركين المنازل والفيلات بما فيها من حياة مرفهة.
ويتوجه الآلاف من الإماراتيين، والعرب، وأبناء الدول الآسيوية، إلى أعماق الصحراء، لا يهابون الظلام والسكون، ويحوّلون تلال الرمال المعتمة، إلى حلقات مضاءة بلهيب الحطب والفحم، وتتصاعد منه أدخنة شواء الطعام، بينما يلهو الصغار والشباب بالدراجات الصحراوية والسيارات ذات الدفع الرباعي.
وقال الإماراتي سلطان سعيد إن “حياة الصحراء أو البرّ، هي جزء أصيل من التراث، فقد نشأ الأجداد في الصحراء، وعاشوا حياة البدو فوق الرمال، وقد ورثنا عشق الصحراء من آبائنا، ومهما أخذتنا حياة المدينة والسكن الفاخر في المنازل والفيلات، فلا نزال ننتظر قدوم أشهر الشتاء لنسكن الصحراء، ونورّث عشقها لأبنائنا الصغار”.
وأشار سعيد إلى أن أفراد الأسرة يهجرون منزل المدينة ويتجمعون في المخيم، ليقضوا أوقاتهم في سهرات عائلية حول موقد النار يتبادلون الأحاديث والذكريات ويتناقشون حول ما يواجهونه في حياتهم ومستقبلهم، وهي جلسات يفتقدونها في منزل المدينة، بسبب الحياة العصرية، وعدم الالتقاء في وقت واحد.
وتصف مريم فاضل، وهي موظفة إماراتية، جلسات الصحراء بأنها “تنقي النفس، وتبعد الطاقة السلبية عن الجسد، وتخفف من التوتر والقلق الذي يعيشه الشخص خلال يومه بالمدينة، ويتخلص من التأثيرات السلبية للحياة العصرية المتسارعة”.
وأضافت فاضل “ننتظر بلهفة حلول أيام الشتاء لننتقل إلى العيش في الصحراء، وكثير منا يطلب إجازة من عمله في هذا الوقت، ليقضي الليالي الباردة في مخيمات البرّ مع أفراد الأسرة، ويستعيد حياة الأجداد”، متابعة “تتجمع الأسرة في المخيم، بحثا عن الراحة النفسية وهربا من روتين الحياة اليومية”.
ونجح الإماراتيون في نقل عشقهم للصحراء، إلى أبناء الجاليات العربية والآسيوية المقيمة في الإمارات، ففي موسم الشتاء وفوق كثبان الرمال تتواجد تجمعات لأسر مصرية وأردنية وعراقية وسورية وتجمعات لأبناء الجاليات الهندية والباكستانية والفلبينية.
ويلتف الجميع حول الحطب المشتعل للتدفئة، وأمامهم شوايات معدنية لشواء اللحوم، وحولهم يلهو الأطفال على تلال الرمل.
ولفت أسامة عادل، وهو مصري يقيم في أبوظبي، إلى أن المئات من الأسر من مختلف الجنسيات تتجه إلى الصحراء لقضاء أوقات إجازة نهاية الأسبوع، وتتجمع في حلقات تنبعث منها أصوات الأغاني والعزف على الآلات الموسيقية، مضيفا “صار عشق الصحراء جزءا أصيلا من حياة أبناء الجاليات المختلفة على الرغم من تعدد ثقافاتهم وبيئاتهم التي نشأوا فيها”.
واهتمت شركات السياحة بالصحراء، فأطلقت برامج سياحية للزائرين القادمين من الخارج، لقضاء وقت في الصحراء والتمتع برحلات السفاري.