الشباب يكسر الحواجز الاجتماعية لترسيخ الانفتاح في السعودية

الرياض- تشهد السعودية حملة انفتاح اجتماعية وإصلاحات اقتصادية يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان فسُمح للنساء بقيادة السيارات وبدخول ملاعب كرة القدم كما أعيد فتح دور السينما وإقامة حفلات غنائية صاخبة، ووضع حد لاعتراضات رجال دين على مناسبات مثل عيد الحب.
وفي الأماكن العامة، يمكن رؤية نساء ورجال جنبا الى جنب، فيما شهدت بعض الحفلات نساء رقصن، بعضهن بدون عباءاتهن وأغطية رؤوسهنّ، مع الرجال، في الهواء الطلق.
وهذا التغيير الكبير الذي يحدث على مراحل في السعودية سوف ينعكس بشكل إيجابي على ثقافة ووعي الأجيال القادمة التي ستكبر وهي لا تعاني من الحواجز التقليدية التي عانت منها الأجيال السابقة.
وقبل سنوات قليلة، كان رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ينقضون على بائعي الورود الحمراء في يوم عيد الحب، لكنّ المملكة الأكثر انفتاحا الآن، تشهد أيضا ثقافة مواعدة ناشئة وإن كانت محفوفة بالعراقيل.
وكانت إقامة علاقات خارج إطار الزواج في المملكة المحافظة تعد خطوة خطرة للغاية، وكان بعض الشباب يجازفون بكتابة أرقام هواتفهم المحمولة على أوراق ويضعونها على نوافذ سياراتهم على أمل التواصل مع فتيات.
في المجتمع المحافظ، كان افتضاح أمر الحبيبين اللذين لم يكن مر على علاقتهما بضعة أشهر، سيثير غضب أسرة سميرة ويعرض العلاقة للانهيار
وشهدت المملكة منعا للاختلاط بين الذكور والإناث لعقود. ويشكل الشباب بين 20 و40 عاما نحو 40 في المئة من عدد السكان في السعودية البالغ 20,7 مليون نسمة، حسب الإحصاءات الرسمية للعام 2018.
لكن اليوم، تقلّصت الى حد كبير صلاحيات الهيئة التي كانت تعتبر بمثابة شرطة دينية، ويلاحظ اختلاط غير مسبوق بين الجنسين، ويلتقي الشباب والفتيات في المقاهي والمطاعم علنا.
ويبحث الشباب عن صداقات من الجنس الآخر عبر مواقع التواصل الاجتماعي وخصوصا "تويتر" و"سنابتشات"، وتطبيقات مثل "سوورم" المخصص لتسجيل الأماكن التي يزورها مستخدمي التطبيق، لكنها باتت تستخدم غالبا لتنسيق المواعيد.
ويقول مخرج سينمائي سعودي شاب بينما يجلس في مقهى يضج بالموسيقى في الرياض مع صديقته "كان بيع الورود الحمراء يشبه بيع المخدرات" في السعودية.
وتقول صديقته العاملة في مجال الإعلام "لم يكن من الممكن التفكير من قبل برؤية امرأة تجلس بجوار رجل لا تربطها به صلة قرابة" في مكان عام. وتتابع "الآن النساء يطلبن من الرجال الخروج معهن".
لكن رغم التغييرات الاجتماعية، تبقى العلاقات ما قبل الزواج بمثابة حقل ألغام في بلد يطبق الشريعة الإسلامية ويشرف فيه الرجال على اختيار الأزواج لبناتهم وقريباتهم.
وأحيانا، يضطر الشبان والشابات إلى كبت مشاعرهم وعواطفهم والدخول في زيجات لا تقوم على الحب.
قبل سنوات قليلة، كان رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ينقضون على بائعي الورود الحمراء في يوم عيد الحب
وتبرز عمليات المواعدة السرية نوعا من الحياة المزدوجة لدى البعض، سعيا للحصول على قدر من الحريات الاجتماعية تتجاوز قدرة شريحة واسعة من المجتمع على التفهم والقبول.
وكان أمر سميرة (27 عاما) التي تعمل في مجال الإدارة المالية في الرياض، على وشك أن يفتضح حين عثرت أم صديقها على بطاقة مكتوبة بخط يدها كانت قدمتها له هدية.
في المجتمع المحافظ، كان افتضاح أمر الحبيبين اللذين لم يكن مر على علاقتهما بضعة أشهر، سيثير غضب أسرة سميرة ويعرض العلاقة للانهيار.
لكن الصديق نجح في تشتيت انتباه أمه. ودفع الخوف الشابين الى التخطيط لمواعدة في دبي متذرعين برحلة عمل.
وتقول سميرة التي اختارت استخدام اسم مستعار "المجتمع السعودي بات أكثر انفتاحاً لكن الجميع يكذبون بشأن العلاقات لأن الناس يصدرون أحكاما".
لكنّ إذا كان دور الشرطة الدينية تراجع في الشارع، لم تتوقف الرقابة الذاتية داخل الأسر السعودية والمجتمع الذي لا يزال محافظا إلى حد كبير.
وتقول امرأة سعودية في أواخر العشرينات إنها تشتبه في أن شقيقها "المهووس بالسيطرة"، والذي يعمل في الجيش، يستخدم برامج تجسس الكترونية لتعقبها والتأكد من أنها لا تواعد رجالا.
وتقول نور التي تعمل في مجال التنمية الاجتماعية "الشباب السعودي عالق بين القديم والجديد". وتتابع "استعدادي للمواعدة لا يعني أنني مستعدة للقيام بما هو أكثر".