السُّبحة في مصر ملكة الأكسسورات الرمضانية

تعتبر صناعة السُّبحة من أهم الحرف في مصر، وتم تطوير صناعتها بشكل كبير، خاصة أن البلاد تعرف بحرفية الفنيين الذين يصنعونها يدويا وهو ما يميز السبح عن غيرها.
القاهرة - تمتلئ محلات وأكشاك على جانبي أزقة وحواري القاهرة التاريخية في مصر بمتسوقين جاء بعضهم لفحص حبات السُّبح المصنوعة يدويا لدى المحلات المتخصصة في بيع الأحجار الكريمة بكل أنواعها وأشكالها.
وتلقى السُبحة التي تُستخدم أساسا في العبادة شعبية على مدار العام لكنها تحظى باهتمام خاص وإقبال متزايد خلال شهر رمضان. ويقول أصحاب محلات ومتسوقون إن ما يميز السُبح المصرية هو حرفية الفنيين الذين يصنعونها يدويا.
وعن أشهر الأحجار الكريمة التي تُستخدم في صناعة السُبحة وغيرها من الحُلي قالت نهى عبد المقصود، صاحبة محل لبيع السُّبح بمنطقة الحسين في العاصمة المصرية، لتلفزيون رويترز “الكهرمانات الألمانية هي الأغلى، هناك طبعا أنتيكات باهظة يبدأ ثمنها من 250 ألف جنيه (حوالي 5300 دولار) مثلا. هناك أنواع مثل البلغاري، وهناك الكهرمان البلدي وهو جميل جدا. بعدها البولوني والبولندي سعرها ليس رخيصا جدا لكنها موجودة”. وفيما يتعلق بما يضمن جودة الحجر الكريم وكونه حقيقيا من عدمه قالت نهى عبد المقصود “الأحجار تأتي بشهادة الضمان”.
وبدأت صناعة السبح في مصر منذ مئات السنين، وزاد الإقبال عليها بعد دخول الإسلام، ومع تعاقب العصور تنوعت في الأشكال والألوان، فصُنعت من حجر الفيروز السيناوي الأصلي، الذي كان يُستخدم في عهد الفراعنة، كما استُخدم حجر العقيق المتوفر بكثرة ورخيص الثمن في صناعة السبح، خاصة الموجود في البرازيل واليمن. ووفق حسيب محمد، صاحب محل سُبح في شارع المعز: “الأحجار التي تصنع منها السُبح درجات متفاوتة في الجودة واللون، وهذا ما يعمل فرق في السعر”.
ومن جانبه قال طارق مصطفى، وهو مشترٍ للأحجار الكريمة، “ما يميز مصر في الأحجار الكريمة عن أي بلد الشغل اليدوي، الحرف اليدوية، أي شكل يدوي خلقه ربنا في الكون كله أي صنايعي مصري يعمله، لو هو متأسس صح ويعرف يصنع صح هيعمله. الحرف اليدوية في مصر لازم نهتم بها لأن هي التي تأتي بالزباين من بره مصر، غير كده نحن مثلنا مثل أي دولة عندهم أحجار واحنا عندنا أحجار”. وتابع “الأشخاص من الإمارات والسعودية، هم ملوك السبح وملوك يأتون لاقتناء السُبح من مصر. ليه؟ لأن إحنا لنا روح”.
وبينما يقوم بثقب حبة سبحة قال عمرو كمال، صاحب محل وورشة لتصنيع السُبح، لتلفزيون رويترز “طبعا تميزنا إحنا هنا، إحنا شغلنا كله يدوي. إحنا من أول ما بناخد حتة الخامة مفيش حاجة بتتحط فيها خالص مكن (ماكينات). بناخدها بناخد الخامة نقطعها نطلعها عوابر، كل ده شغل يدوي، بنقطعه برضه يدوي وبتتخرم (تُثقب) هنا يدوي وبعد كده بتتعمل سبحة هنا كده، مفيش مكنة خالص بتمسكها، هذا ما يميزنا. كل الخامات موجودة في كل مكان ما يفرق من مكان لمكان الصنايعية اللي موجودة في المكان”.
وأوضح نصر الواحي، صانع سبح، أن الطريقة الآلية في التصنيع لا يمكن أن تكون بنفس جودة التصنيع اليدوي.
ونوه الواحي، بأن تصنيع السبح يدويًا يجعلنا أمام منتج ذي جودة مرتفعة من ناحية الخيوط وجميع مراحل التصنيع، مشددًا على أن المنتج الصيني يتم تصنيعه من البلاستيك، بينما المنتج المحلي يتم تصنيعه من خامات ومواد طبيعية مثل العود والكهرمان والصندل.
وأوضح أنه يتم إدخال مادة البوليستر لإنتاج أشكال وأنواع متعددة من السبح، مشددًا على أن بعض السبح يتم إنتاجها من مادة البوليستر وإضافة ورقة الذهب عليها، مؤكدًا أن المنتج المصري ينافس المنتج التركي بشكل كبير. وشدد صانع سُبَح، على أن لها أنواعا متعددة، متابعًا “في سبحة 33 حبة، وفي 99 حبة وفي 100 حبة بـعدادين”.
وتلقي الأزمة الاقتصادية الحالية وارتفاع أسعار المواد الخام بظلالهما على المنتجات اليدوية في مصر حيث أصبحت بعض حبات السُّبح المصنوعة من الأحجار الكريمة باهظة الثمن وتباع بألوف الجنيهات. ويقبل الزبائن على شراء سبح بسبب أسمائها المميزة، مثل سبحة “مون ستون” أي حجر القمر، فكل حبة بداخلها ضو قمر، ويأتي هذا الحجر من دول كثيرة وتتم صناعتها بطرق مختلفة، ويغلب عليها اللونان الأبيض و”البيج”، والمرجان الأسود وليس الأحمر، الذي يحتاج إلى آلاف السنين للنمو.
وحول سعر أغلى أنواع السُّبح قال عمرو كمال “يعني كان أغلى أنواع السبح زي ما قلت كده الكهرمان، كان الغرام مثلا عامل خمسة دولار، ثلاثة دولار، أربعة دولار، عشرة دولار يوم ما كان بيبقى غالي جدا. النهاردة الغرام عامل 50 دولار و60 دولار وفوق يعني”.