السيسي: نرفض استمرار التفاوض حول سد النهضة إلى ما لا نهاية

الرئيس المصري يؤكد أن بلاده تقدّر وتتفهم متطلبات التنمية في إثيوبيا لكن ليس على حساب الآخرين.
الأحد 2021/07/04
تحذير مصري جديد

القاهرة - أكد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي السبت أنه لا يجوز استمرار التفاوض مع إثيوبيا حول سد النهضة إلى ما لا نهاية.

وخلال مأدبة غداء أقامها تكريما لضيوف مصر عقب انتهاء مراسم افتتاح "قاعدة 3 يوليو البحرية"، أكد السيسي أن مصر تسعى للتوصل إلى اتفاق قانوني ملزم حول السد طبقا للأعراف والثوابت الدولية.

وأضاف أن مصر تقدّر وتتفهم متطلبات التنمية في إثيوبيا، لكنه شدد على ألا تكون التنمية على حساب الآخرين.

وأشار السيسي إلى أن مصر لم تهدد أحدا على مر التاريخ رغم ما تملكه من قوة عسكرية ظهر منها جزء بسيط في مناورة "قادر 2021" السبت، موجها الشكر للدول الصديقة والدول التي تبذل جهودا للوساطة في أزمة سد النهضة.

وتأتي تصريحات السيسي بالتزامن مع تأكيد وزير الخارجية المصري سامح شكري أن الملء الثاني لسد النهضة سيكون مخالفة جديدة من الجانب الإثيوبي، وستكون لها ردود فعل ملائمة.

وقال شكري خلال مداخلة هاتفية مع فضائية "القاهرة والناس" المصرية مساء السبت، إن الموقف المصري يتجه دائما للسلم ويتطلع إلى اتفاق قانوني ملزم، يتضمن المساواة لكل الأطراف ويلبي احتياجات الجميع.

وذكر أن الملء الثاني للسد يجب أن يُوضع في نصابه الصحيح، مشيرا إلى أن الجانب الإثيوبي لم يُكمِل البناء كما كان مخططا له.

وأضاف أن "هناك ضررا حقيقيا في بناء السد، لكنه ضرر يمكن التعامل معه واحتواؤه"، مشيرا إلى أن هذا الأمر يتم رصده من خلال أجهزة فنية تجري متابعة للملف على مدار الساعة.

وأوضح شكري أن مصر تسعى لتجنب الصدام والصراع الذي قد ينتج في منطقة شرق أفريقيا والقرن الأفريقي، مؤكدا أن مصر لديها العزيمة والقدرة على الدفاع عن مصالحها المائية، ولن تدخر أي جهد في إطار حماية أمنها القومي. وتابع "كل الوسائل متاحة أمام مصر لحماية أمنها القومي ومصالحها".

وشدد وزير الخارجية على أن مصر تركز جهودها حاليا على الجلسة التي سيعقدها مجلس الأمن الخميس المقبل، وما يمكن أن تؤول إليه، مشيرا إلى التواصل مع الشركاء الدوليين والاستراتيجيين، بما يضمن حماية المصالح المصرية.

وكانت رئاسة مجلس الأمن الدولي أعلنت السبت عقد جلسة الخميس المقبل حول سد النهضة الإثيوبي، بعد تلقيه طلبا من مصر والسودان بسبب تعنت أديس أبابا في التوصل إلى اتفاق بشأن السد.

وبصرف النظر عن المضمون الذي حواه خطاب كل دولة لمجلس الأمن، فإن عرض الأزمة عليه وسط تباعد المسافات بين دوله يشير إلى صعوبة صدور قرار، وهو ما تعرفه جيدا مصر والسودان، خاصة أن الصين صاحبة حق الاعتراض بالمجلس من أكثر القوى دعما لإثيوبيا ولوّحت باستخدام "الفيتو" وترفض التدخل العسكري.

وتمتلك بكين حصة كبيرة في مشروع سد النهضة من خلال تسهيل ائتماني بقيمة 1.2 مليار دولار، وهو جزء من قروض صينية بقيمة تصل إلى 16 مليار دولار.

ويحول الاحتكار الذي تمارسه الصين على مياه الأنهار داخلها دون إقامة مشاريع تنموية للدول المتشاطئة معها إلا بالتفاهم، ما يجعلها أشد صرامة في دعم إثيوبيا، لأنها لا تريد أن تشكل هذه الدولة سابقة جديدة تنعكس آثارها على بكين.

ويرى مراقبون أن القاهرة والخرطوم أرادتا وصول الأزمة إلى طاولة مجلس الأمن من دون انتظار الحصول على نتيجة إيجابية منه، فالهدف هو تأكيد أن البلدين استنفدا الجهود لحض إثيوبيا على توقيع اتفاق، وإذا أخفق في المهمة سيكون الطريق مفتوحا لاستخدام الخيارات المتاحة بما فيها الخيار العسكري الذي تتحفظ عليه السودان.

وراهنت مصر على أن تأثير الأزمة على السلم والأمن يدفع قوى كبرى إلى ممارسة ضغوط على أديس أبابا لمراجعة موقفها والحفاظ على مصالح الجميع، فالتوترات داخل إثيوبيا يمكن أن تؤدي إلى تفكيك بنيان الدولة وزيادة الصراعات في القرن الأفريقي.

ودعا وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف الخميس إلى تكثيف التفاوض بين مصر والسودان وإثيوبيا لحل تناقضات ملف سد النهضة في أقرب وقت ممكن، و"احترام مصالح جميع الدول المعنية على أساس أعراف ومبادئ القانون الدولي".

وحاولت الولايات المتحدة من خلال مبعوثها الجديد للقرن الأفريقي جيفري فيلتمان تضييق الفجوة بين الدول الثلاث والتوصل إلى قواسم مشتركة تبعد شبح التصعيد عن المنطقة، ولم يتضمن خطاب واشنطن أي إشارة إلى الضغط على أديس أبابا في أزمة السد، بينما تضمن ضغوطا عدة لإجبارها على وقف الحرب في إقليم تيغراي.

ويلفت متابعون إلى أن المشاكل الفنية التي ألمحت إليها إثيوبيا أخيرا ربما تحول دون نجاح عملية الملء الثانية كاملة (13.5 مليار متر مكعب)، وتمكنها التجهيزات الحالية من تخزين نحو 4 مليارات متر مكعب فقط على غرار الملء الأول، وهو الحل الذي نزع فتيل الأزمة مؤقتا إلى حين البحث عن صيغة جديدة للتفاهم والاتفاق أو حدوث تغيرات تدعم رؤية أحد الفريقين (مصر والسودان أو إثيوبيا).