السياح يعودون إلى تدمر

المواقع الأثرية في المدينة المعروفة باسم "لؤلؤة الصحراء" تعد واحدة من ستة مواقع سورية أدرجتها منظمة اليونسكو على لائحة التراث العالمي.
السبت 2022/03/26
التاريخ أرحب من التطرف

كانت مدينة تدمر التاريخية صرحا شامخا في سوريا يوثق لتسلسل الحضارات الإنسانية ويأتيها السياح بالآلاف كل سنة، لكنها شهدت تدميرا ممنهجا على يد داعش قبل أن تنهض من جديد ويعود إليها الزوار.

تدمر (سوريا)- توافدت خلال هذا الشهر مجموعات سياحية من دول أجنبية مختلفة على مدينة تدمر التاريخية بهدف الاطلاع على حضارتها وإرثها الإنساني وتوثيق الدمار الذي أصاب أبرز معالمها الأثرية جراء اعتداءات تنظيم داعش قبل اندحاره من المنطقة على يد الجيش السوري.

وتبعد تدمر مسافة 210 كيلومترات شمال شرق دمشق، وتتوسط آثارها بادية الشام وتمتد على مساحة كبيرة. وقد ظهر اسمها للمرة الأولى على مخطوطة يعود تاريخها إلى القرن التاسع عشر قبل الميلاد عندما كانت نقطة عبور للقوافل بين الخليج والبحر المتوسط وإحدى محطات طريق الحرير.

وتعد المواقع الأثرية في المدينة المعروفة باسم “لؤلؤة الصحراء” واحدة من ستة مواقع سورية أدرجتها منظمة اليونسكو على لائحة التراث العالمي.

وخلال زيارة مجموعتين سياحيتين الخميس من جنسيات أوروبية إلى المدينة التاريخية عبّر السائح البريطاني مات الذي يعمل خبيرا في متحف ليفربول الأثري لمراسل وكالة الأنباء السورية (سانا) عن إعجابه الشديد بزيارة حضارة تدمر وتاريخها العريق لكنه أبدى حزنه وألمه لرؤية الدمار الذي تعرضت له آثارها من قبل أعداء الثقافة والإنسانية.

وقال السائح الإيطالي فلافيو وهو يعمل مستشارا تجاريا بإحدى الشركات الكبرى في روما “درست وقرأت عن تدمر كثيرا وقررت المجيء إليها وأنا سعيد جدا برحلتي وسأنقل لأصدقائي ما شاهدته وأشجعهم على زيارة هذه المدينة الآمنة في قلب البادية”.

وكانت تدمر قبل اندلاع النزاع السوري في مارس 2011 وجهة سياحية بارزة، وكان يقصدها أكثر من 150 ألف سائح سنويا لمشاهدة آثارها التي تضم أكثر من ألف عامود وتماثيل ومعابد ومقابر برجية مزخرفة، تعرض بعضها للنهب، بالإضافة إلى قوس النصر وحمامات ومسرح وساحة كبرى.

وقال السائح الفرنسي كاكين “زرت سوريا لأنني أعتبرها بلدا ساحرا وغنيا بالحضارات التي صدرتها للعالم وعند عودتي إلى فرنسا سأنقل انطباعي عمّا شاهدته بشكل إيجابي بعكس ما تقوله الصحافة الأوروبية عن سوريا الجميلة”.

◙ مدينة عريقة
مدينة عريقة

وخلال زيارة المجموعتين السياحيتين إلى مسرح تدمر الأثري قدمت الطفلة السورية رؤى عمران مقطوعات موسيقية على آلة الكمان.

وأشار السائح بنيامين من أستراليا إلى أن الزائر إلى هذه المدينة الواقعة في قلب البادية يشعر بأمان وراحة تامة وهذا يسهم كثيراً في عودة تنشيط حركة السياحة إليها متمنياً عودة بعثات التنقيب والترميم الأثري لمتابعة الكشف عن أسرار وكنوز هذه المدينة التي يشد إليها الرحال من كل بقاع العالم.

وأضاف “ذهلت بمشاهدة الأعمدة والأقواس المزخرفة وطريقة بناء هذه المدينة الواسعة على يد الفنان التدمري”، مشيرا إلى ضرورة إعادة إعمار ما خربه أعداء الحضارة الذين سعوا لطمس التاريخ الإنساني مناشدا المنظمات العالمية المختصة بالترميم الأثري المساهمة في رفع تلك الصروح الأثرية كما كانت سابقا لاستقطاب محبي الفن والثقافة من كل أنحاء العالم.

من جانبه قال السائح أدريان من رومانيا وهو مهندس كمبيوتر “تحقق حلمي بزيارة مدينة تدمر والاطلاع على آثارها العريقة وتشكل لدي انطباع جميل ورائع بعد مشاهدتي لإرث المدينة الحضاري”، معبّرا عن أسفه لما فعله أعداء الثقافة والبشرية بهذه المدينة المسجلة على قائمة التراث العالمي، ومؤكدا أن هذا الفعل عار على الإنسانية جمعاء كما أبدى إعجابه بهذه المدينة العريقة لما فيها من أمان وحياة طبيعية.

وعبّر السائح كريستيان الذي يعمل سائق حافلة سياحية في ألمانيا عن ألمه الشديد بعد مشاهدته لصروح أثرية قد أصبحت ركاماً إثر تعرضها للتدمير من قبل أعداء الثقافة والتاريخ.

وقال “إذا كان هناك ما نتعلمه من سوريا ومن حضارتها وثقافتها العريقة فهو السلام”، لافتا إلى أن الغرب يحاول تشويه الحضارات ورموزها الإنسانية.

وأشارت السائحة لاريسا من روسيا إلى ضرورة الاطلاع على تاريخ وحضارة تدمر والتعرف على فنونها المعمارية القديمة وغناها الثقافي والحضاري وطبيعتها الساحرة، واصفة هذه المدينة الأثرية بالمتحف المفتوح، مؤكدة أن تدمر تبقى وجهة سياحية للكثير من عشاق الفن والثقافة والترحال.

 

20