السياحة المغربية تتطلع إلى كسب رهان السوق الهندية

عدم وجود خط جوي مباشر بين البلدين أحد التحديات الرئيسية أمام زيادة عدد الزوار.
الاثنين 2024/02/12
هنا تستمتع بإجازتك، فلا تتأخر!

كثف المغرب جهوده لترجمة تطلعاته المتعلقة بتحفيز سوقه السياحية وتنويعها من بوابة الهند لتعزيز زخم القطاع، في تحرك يعكس حرص المسؤولين على منح هذه الصناعة تنافسية أكبر، وكسب رهان تطويرها تزامنا مع تنظيم بطولة كأس العالم في 2030.

مومباي (الهند) – يسعى المغرب إلى إعطاء صناعة السياحة المزيد من الزخم خلال السنوات المقبلة لزيادة الإيرادات عبر التركيز على الهند باعتبارها إحدى أسرع الأسواق نموا، بعد الإنجازات التي بلغها القطاع في 2023.

وشكل معرض الأسفار الدولي (أوتباوند ترافل ماركيت)، الذي احتضنته مدينة مومباي الأسبوع الماضي فرصة للترويج وفتح آفاق جديدة للوجهة المغربية الواعدة مع مشاركة أكثر من 600 عارض من أكثر من 60 بلدا، من بينهم ممثلين عن 30 ولاية هندية.

وشارك المغرب لأول مرة في نسخة 2024 من المعرض، وهو ما يمثل مرحلة مهمة في جهود الرباط في إطار الانفتاح على السوق المزدهرة للسياحة الهندية.

محمد مالكي: آفاق التبادل السياحي بين المغرب والهند تبدو واعدة
محمد مالكي: آفاق التبادل السياحي بين المغرب والهند تبدو واعدة

وباعتباره بوابة لسوق السياحة الهندية، أصبح المعرض أيضا المنصة المهنية الأولى للسفر في آسيا من حيث جودة الموقع والمنشآت، وجودة المشترين والبائعين والعائد الإجمالي على الاستثمار، وفق دراسة أجرتها الوكالة الدولية للأبحاث إبسوس.

ويعتبر الحدث الذي افتتح بحضور سفير المغرب بنيودلهي محمد مالكي، أحد المواعيد المهمة للفاعلين الدوليين، الذين يسعون لاختراق سوق أكبر بلد في العالم من حيث عدد السكان.

ويرى المتتبعون للعلاقات السياحية المغربية الصينية أن الرباط تراهن على السوق الصينية نظرا إلى حجمها على مستوى العالم بمقدار 156 مليون سائح سنويا.

ومن المتوقع أن توفر الهند التي تجاوزت الصين من حيث عدد السكان العام الماضي، بما يناهز 1.4 مليار نسمة شريحة مهمة تتراوح ما بين 200 و300 مليون نسمة، ما يشكل حافزا قويا بالنسبة للمغرب لكي يتواجد بقوة ضمن هذه السوق الواعدة. وأكد مالكي في كلمة خلال لقاء نظمه المكتب الوطني المغربي للسياحة بالمعرض أن آفاق التبادل السياحي بين المغرب والهند واعدة.

وقال إن “الديناميكية الحالية والاهتمام المتزايد من طرف المسافرين الهنود بالمغرب بفضل الجهود المتواصلة في تطوير والترويج للوجهة المغربية”. وأوضح أن اعتماد التأشيرة الإلكترونية لعب دورا حاسما في هذه الديناميكية. وتظهر دراسة لشركة ماكينزي أن الهند يمكن أن تتبع مسارا أكبر، حيث يقوم مواطنوها بنحو 90 مليون رحلة دولية سنويا بحلول عام 2040.

وتأتي مشاركة المغرب في المعرض بعد تدشينه مكتبا للسياحة في نيودلهي نهاية 2023 بهدف تعزيز العلاقات بين البلدين في كافة المجالات، خاصة بعد الزيارة التي قام بها الملك محمد السادس إلى الهند في عام 2015.

وأقام مكتب السياحة المغربي رواقا شاركت فيه 10 وكالات سفر محلية مؤهلة، ما يتيح منصة مناسبة لتقديم عروض لوكالات الأسفار الهندية والترويج للبلاد كوجهة مفضلة.

ويمر سوق السفر الهندي حاليا بنقطة تحول كبيرة، وهو من بين أسرع الأسواق نموا في العالم. ومن المتوقع أن تتجاوز السياحة الخارجية في الهند 42 مليار دولار في عام 2024.

28.7

ألف سائح هندي زاروا المغرب في 2023، بزيادة قدرها 120 في المئة بمقارنة سنوية

وأكد براناف كاباديا مؤسس ومدير شركة غولوبال ديستينيشن، وهو أحد الفاعلين في سوق السياحة بالهند أن المغرب يبرز كوجهة مفضلة للسياح الهنود، ذلك أنه يجذب عددا متزايدا من المسافرين الباحثين عن تجارب فريدة من نوعها.

وقال في مقابلة مع وكالة الأنباء المغربية الرسمية على هامش المعرض، إن “2023 شكل أحد أفضل الأعوام بالنسبة للوجهة المغربية من حيث السياحة الخارجية من الهند والآفاق المستقبلية ستكون واعدة جدا”.

وارتفع عدد الزوار الهنود إلى الوجهة المغربية بشكل ملحوظ خلال السنة الماضية، مسجلا ارتفاعا بنسبة 120 في المئة، مقارنة بسنة 2022، ليبلغ أكثر 28.7 ألف سائح. وأضاف كاباديا أن الرحلات الفردية والعائلية وكذلك الفاخرة تحظى بشعبية متزايدة، مسلطا الضوء على الاهتمام بالمغرب باعتباره “وجهة رائعة تتيح تجربة فريدة من نوعها”.

وأشار إلى أن اعتماد تأشيرة الدخول الإلكترونية للهنود في يناير 2023، لعب دورا حاسما في ذلك، مما سهل الإجراءات الإدارية للمسافرين وجعل الوجهة في متناول الجميع أكثر من أي وقت مضى.

وأوضح أن تصور المغرب يظل حاليا في صلب السوق الهندية، مشددا على ضرورة تطويره بشكل أكبر. وقال “نقترح حاليا سفرا فاخرا، ورحلات خاصة، مسافر مستقل حر، ولكن هناك إمكانات أكبر بكثير يمكن استغلالها”.

واعتبر كاباديا عدم وجود خط جوي مباشر بين البلدين أحد التحديات الرئيسية التي يواجهها المسافرون الهنود، مما يجبرهم على الجمع بين رحلتهم ووجهة أخرى. وحقق المغرب أرقاما قياسية في حركة السياحة وعائداتها خلال 2023 في دفعة للاقتصاد، الذي عاني من صعوبات، في مقدمتها الجفاف، حيث تجاوزت الإيرادات 10.5 مليارات لأول مرة في تاريخ البلاد.

براناف كاباديا: المغرب يبرز كوجهة مفضلة بالنسبة إلى السياح الهنود
براناف كاباديا: المغرب يبرز كوجهة مفضلة بالنسبة إلى السياح الهنود

وبحسب المرصد التابع لوزارة السياحة، ارتفع عدد الزوار بنسبة 34 في المئة ليصلوا إلى 14.5 مليون سائح، من بينهم ما يزيد عن سبعة ملايين من أوروبا والولايات المتحدة.

وجاء الفرنسيون في صدارة السياح الوافدين، إذ بلغ عددهم مليوني سائح تقريبا، تلاهم الأسبان بواقع مليون و300 ألف سائح، ثم البريطانيون بنحو 680 ألف زائر. وتعد السياحة من القطاعات الرئيسية إلى جانب الصادرات والزراعة والاستثمار، وتقوم بدور في زيادة حصيلة العملات الأجنبية لدى البنك المركزي.

وكانت الحكومة قد اعتمدت في مارس الماضي، خارطة طريق جديدة للقطاع للسنوات الأربع المقبلة بميزانية تناهز 580 مليون لزيادة عدد الوافدين الأجانب إلى 17.5 مليونا بحلول عام 2026.

ومن المتوقع أن تحقق الخطة، إذا سارت على النحو المطلوب دون منغصات، قفزة في إيرادات السياحة السنوية إلى 11.5 مليار دولار، من خلال رفع سعة النقل الجوي وتعزيز الترويج والتسويق وزيادة المعروض من الفنادق.

وسيترافق هذا المجهود مع العمل على تحسين وتعزيز الربط الجوي، والذي يرى المسؤولون المغاربة أنه يعد عاملا إيجابيا آخر يخدم السياحة، مع استعداد البلاد لتنظيم كأس العالم مع كل من إسبانيا والبرتغال في عام 2030.

وفعليا، ثمة برنامج طموح لجعل الخطوط الملكية المغربية أكثر تنافسية عبر دعم الأسطول بنحو 150 طائرة حتى العام 2037، مع تدشين مسارات متوسطة وطويلة المدى في أربع قارات لتعزيز شبكة رحلاتها لتبلغ 143 وجهة.

وهذا الزخم سيكون مدعوما بدخول رايان أير، أكبر شركة طيران أوروبية منخفض الكلفة، إلى السوق المغربية المحلية لتنافس شركة الطيران الحكومية التي تتقاسم حصص الرحلات الداخلية مع العربية للطيران الإماراتية.

11