السياحة الدينية في العراق أول المتأثرين بالعقوبات الأميركية على إيران

باسم مروه
بغداد – على مدار سنوات، كان كرار حسين يبيع الحلويات في متجره بالقرب من مدخل أحد المزارات الشيعية. وكان يقبل أي عملة من زبائنه، الذين كانت أغلبيتهم من السياح الدينيين القادمين من إيران المجاورة.
لكن في الآونة الأخيرة، عندما كان يسأل الحجاج الإيرانيون عن الأسعار، يخبرهم حسين أنه لا يمكنه البيع إلا إذا دفعوا بالعملة العراقية. فكانوا يخرجون بخيبة أمل.
سجل مبيعات حسين والعديد من التجار الآخرين في حي الكاظمية في شمال بغداد انخفاضا حادا خلال العام الماضي منذ أن بدأ الرئيس الأميركي دونالد ترامب في فرض عقوبات على إيران.
وانخفضت قيمة العملة الإيرانية، الريال، أربعة أضعاف تقريبا، مما رفع سعر كل شيء وصارت الكثير من البضائع بعيدة عن متناول المستهلكين الإيرانيين العاديين في إيران وخارجها.
وقال حسين، البالغ من العمر 27 عاما، وهو يقف في متجره، إن مبيعاته انخفضت بنسبة 30 بالمئة منذ العام الماضي، لكنه مازال يفضّل عدم الدفع بالريال الإيراني لأن قيمة العملة تستمر في الانخفاض.
وقال “عملتهم آخذة في الانهيار”. يأتي الملايين من الشيعة من جميع أنحاء العالم إلى العراق كل عام لزيارة العديد من الأضرحة الشيعية والأماكن المقدسة، بما في ذلك مدينتي النجف وكربلاء في جنوب العراق ومدينة سامراء بوسط البلاد. يجلبون معهم مبالغ كبيرة من المال إلى البلاد، حيث تمثل السياحة ثاني أكبر مصدر للدخل في الدولة بعد تصدير النفط.
ومنذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003، شكّل الإيرانيون غالبية السياح الدينيين إلى العراق، رغم أن عشرات الآلاف يأتون من دول أخرى.
لكن التوترات تصاعدت مؤخرا في الشرق الأوسط بين الولايات المتحدة وإيران. وكانت هناك مخاوف من أن العراق، الذي تحالفت حكومته مع كل من طهران وواشنطن، سيقع فريسة في الوسط، ومن المحتمل أن تتزايد الضغوط على قطاع السياحة العراقي.
ويعتبر حي الكاظمية، الواقع في شمال بغداد، وجهة سياحية مفضلة، حيث يزدحم بالإيرانيين الوافدين لشراء الملابس والحلويات والحلي. تضم المنطقة ضريح الكاظميين المعروف بقبتيه وأربع مآذن مغطاة بالذهب.
ويحتوي المكان على مقابر الإمام موسى الكاظم وحفيده محمد الجواد، وهما من أبرز الشخصيات الإسلامية الشيعية. وصل الأمر بأن صار المئات من الحجاج الإيرانيين يزورون الضريح، ويمرون بالعشرات من المتاجر على جانبي شارع للمشاة يؤدي إلى الموقع المقدس دون شراء أي شيء.
وقال المواطن الإيراني، حسين فاضلي، وهو يغادر الضريح “المال مشكلة كبيرة بالنسبة لنا. هذا يؤلمنا حقا”.
وقال فاضلي، الذي يجلب الحجاج من إيران إلى العراق، إن عدد الزوار الإيرانيين انخفض لأن الكثيرين لا يستطيعون السفر الآن.
وقال فاضلي، متحدثا بلغة عربية ركيكة، إن إيران ستنتصر في النهاية بغض النظر عن المدة التي تستغرقها الأزمة، مضيفا أن “ترامب سيذهب، وستبقى إيران”.
وشهدت العملة الإيرانية انخفاضا مطردا منذ سنوات، لكن الانخفاض اتخذ وتيرة متسارعة في الأشهر الأخيرة بعد قرار ترامب بالانسحاب من الصفقة النووية لعام 2015 مع إيران وإعادة فرض العقوبات.
يقف محمد سعدي هادي، الذي يبيع الملابس خارج ضريح الكاظمين، ويقول إن المبيعات انخفضت بنسبة 70 بالمئة. تتكلف إسدالات الصلاة للنساء الآن أربعة أضعاف ما تكلفته العام الماضي بالعملة الإيرانية. اعتاد هادي على بيع 60 ثوبا في اليوم ولكنه يبيع اليوم أقل من 10 أثواب.
وقال ثامر جبار، صاحب متجر للعطور، إن السياح الإيرانيين لا يمتنعون الآن عن الشراء فحسب، بل إن بعضهم يجلب معه أشياء مثل التوابل والزعفران الحجري لبيعها في العراق، على أمل تعويض بعض تكاليف الرحلة.
وقال جبار، 38 سنة، إن أفضل أيامه كانت تلك التي تلت توقيع إيران والقوى العالمية على الصفقة النووية في عام 2015، والتي أدت إلى رفع العقوبات المفروضة على إيران والإفراج عن مليارات الدولارات من الأصول المجمدة. حيث في أحد هذه الأيام، كان جبار يبيع زجاجة العطر بقيمة 700 دولار. وقال “بالكاد أبيع أي شيء لسائح إيراني. أصبحت العطور في إيران أرخص”.