السوق الصينية تتحول إلى ميدان لمعركة براميل النفط

إيران تحافظ على تدفقات نقدية قوية بعد أن قلصت أسعار نفطها لتبقى قادرة على المنافسة في السوق الصينية.
الثلاثاء 2022/07/05
سنقبل كل الكمية. كم المبلغ؟

تحول تركيز المحللين إلى السوق الصينية التي اعتبروها في ظل الظروف الراهنة بمثابة ميدان أكثر أهمية لمعركة براميل النفط لكبار المنتجين داخل أوبك+ باستخدام سلاح الأسعار المغرية لتصدير أكبر كمية ممكنة من الخام في ظل الأسعار المرتفعة.

بكين- تسعى بكين إلى الاستفادة من التنافس القوي الذي ظهر بشكل لافت بين منتجي النفط عقب الحرب في أوكرانيا وخاصة روسيا وإيران اللتين تقعان تحت طائلة العقوبات الغربية، بينما يحاول الخليجيون إثبات قدرتهم على تزويد السوق الصينية بالإمدادات.

ويأتي ذلك بينما سجلت أسعار النفط الاثنين تراجعا بعد أن طغت المخاوف من تأثر الطلب بركود عالمي على قلق من شح المعروض وسط انخفاض إنتاج منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) والاضطرابات في ليبيا والعقوبات على روسيا.

ويقول خبراء إن إيران التي يعاني اقتصادها من إجهاد كبير بسبب الحظر الأميركي باتت مجبرة على خفض أكبر لسعر بيع نفطها الرخيص أصلا، حيث تكتسب حليفتها روسيا موطئ قدم أكبر في السوق الصينية المهمة.

فاندانا هاري: التنافس الروسي – الإيراني يجعل المنتجين الخليجيين قلقين

وأضحت الصين وجهة ذات أهمية بالنسبة إلى النفط الروسي حيث تحاول موسكو الحفاظ على التدفقات النقدية عقب تداعيات غزوها لأوكرانيا، وما نتج عنه من تضييق الخناق على صادرات خامها إلى أوروبا.

وهذا الوضع أسفر عن اشتعال المنافسة مع إيران في أحد الأسواق القليلة المتبقية لشحنات النفط الخام، والتي جرى الحد منها بطريقة هائلة نتيجة العقوبات الأميركية.

وحققت صادرات النفط الروسية إلى الصين قفزة لتصل إلى مستوى قياسي خلال مايو الماضي، في ظل تخطي منتج أوبك+ حليفتها في التحالف وهي السعودية كأكبر مورد لأكبر مستورد على مستوى العالم.

وفي حين أن إيران قلصت أسعار النفط لتبقى قادرة على المنافسة في السوق الصينية، فإنها ما زالت تحافظ على تدفقات نقدية قوية. ويعود ذلك في الأغلب بطريقة جزئية إلى ارتفاع الطلب مع تخفيف الصين للقيود الصارمة المرتبطة بجائحة فايروس كورونا التي أسفرت عن تحطيم مستوى الاستهلاك.

وتعتقد فاندانا هاري، وهي مؤسسة شركة فاندا إنسايتس في سنغافورة أن الأمر ينتهي بالمنافسة الوحيدة بين براميل النفط الإيرانية والروسية لتكون داخل الصين، وهو ما سيصب في صالح بكين تماما.

ونسبت وكالة بلومبرغ إلى هاري قولها “سيجعل هذا أيضا، على الأرجح، المنتجين الخليجيين يشعرون بالقلق، حيث يتوقعون أن يجري الاستيلاء على أسواقهم الباهظة من قبل أسعار النفط المنخفضة بشدة”.

وتسجل البيانات الرسمية الصينية ثلاثة أشهر فقط من الواردات من إيران منذ نهاية سنة 2020، بما فيها شهرا يناير ومايو من السنة الجارية، لكن الأرقام الخاصة بطرف خارجي تعطي مؤشرا على وجود تدفق ثابت للنفط الخام.

وعقب تراجع محدود في أبريل الماضي، تخطت الواردات 700 ألف برميل يومياً خلال مايو ويونيو، بحسب شركة كيبلر، لكن شركة الاستشارات المختصة بالقطاع أف.جي.إي تقول إن خام جبال الأورال الروسية حل محل كمية من براميل النفط الإيرانية.

ويقول تجار إنه جرى تسعير النفط الإيراني بأقل من العقود الآجلة لخام برنت بمقدار 10 دولارات لكل برميل، بما يجعله متساويا مع شحنات خام الأورال التي من المنتظر أن تصل إلى الصين خلال شهر أغسطس المقبل.

ميشيل ميدان: التكاليف تشكل مصدر إزعاج هائل للمصافي الصغيرة

ويضاهي ذلك خصم يتراوح بين أربعة و5 دولارات قبيل اندلاع الحرب في شرق أوروبا. وتعد الدرجات الإيرانية الخفيفة والثقيلة من الخام أكثر قابلية للمقارنة مع درجة خام جبال الأورال.

وتعتبر شركات التكرير المستقلة في الصين من أكبر مشتري درجات الخام الروسية والإيرانية، حيث أن الإمدادات الرخيصة مهمة لأنها مقيدة بالقواعد المحيطة بعمليات تصدير الوقود، على عكس محطات المعالجة التي تخضع لإدارة البلاد.

ولا يجري منح مصافي تشتهر باسم “تيبوستس” أو المصافي الصغيرة، حصصا للقيام بشحن الوقود إلى الأسواق الخارجية، إذ صعدت الأسعار جراء أزمة نقص الإمدادات.

وعوضا عن ذلك، فإنها توفر الإمدادات للسوق المحلية وتتكبد خسائر من عمليات التكرير في الشهور الأخيرة حيث أسفرت عملية الإغلاق المرتبط بالأزمة الصحية العالمية عن إضعاف الطلب.

ويؤكد متعاملون وتجار أن خام شرق سيبريا- المحيط الهادي “إيسبو” الروسي منخفض الكبريت وعالي الجودة القادم من ميناء كوزمينو الشرقي يعتبر أغلى من النفط الإيراني.

لكنهم يشيرون إلى أنه ما زال أرخص من براميل الخام المشابهة القادمة من منطقة الشرق الأوسط، في الوقت الذي تحد فيه رغبة بدرجة كبيرة من أجل الوصول إلى الصين.

وقالت ميشيل ميدان، مديرة برنامج الصين للطاقة في معهد أكسفورد إنستيتيوت فور إنرجي لبلومبرغ إن “التكاليف مصدر قلق هائل بطريقة رئيسية للمصافي الصغيرة”.

وأضافت “سيستمر هذا الاتجاه السائد على الأرجح حتى يبدأ الاقتصاد في التعافي ويعود النشاط بقوة، وعند هذه المرحلة سيرتفع الطلب على كافة أنواع النفط منخفض السعر بصرف النظر عن المنشأ من التدفقات القادمة من الموردين الآخرين”.

صادرات النفط الروسية إلى الصين حققت قفزة لتصل إلى مستوى قياسي خلال مايو الماضي، في ظل تخطي منتج أوبك+ حليفتها في التحالف وهي السعودية كأكبر مورد لأكبر مستورد على مستوى العالم

ووفقا لشركة كيبلر، كانت منطقة غرب أفريقيا من أشد المناطق تضررا، خاصة الإمدادات القادمة من أنغولا والغابون والكونغو الديمقراطية. وساهم الارتفاع الهائل في هيكل التسعير الأساسي في صعود تكلفة استيراد الخام الأفريقي، والذي يتعين شحنه لمسافة أكثر طولاً.

وأظهر مسح لرويترز أن منظمة أوبك لم تحقق هدفها من زيادة الإنتاج في يونيو الماضي. وتضرر إنتاج الإكوادور، العضو بأوبك، جراء اضطرابات وقد يؤدي إضراب في النرويج إلى خفض الإمدادات هذا الأسبوع.

وقال ستيفن بيرنوك من شركة (بي.في.إم) للسمسرة النفطية “هذه الخلفية من الانقطاعات المتزايدة للإمدادات تتعارض مع نقص محتمل في فائض الطاقة الإنتاجية بين الدول المنتجة للنفط في الشرق الأوسط”. وأضاف “إذا لم تشهد السوق إنتاجا نفطيا جديدا في وقت قريب سترتفع الأسعار حتما”.

11