السوق السوداء للنفط الخام تزدهر مع زيادة العقوبات

واشنطن - أدت العقوبات المفروضة على صادرات النفط من فنزويلا وإيران، والآن روسيا، إلى ظهور تجارة نفط مربحة في الظل، أو ما يعرف بالسوق السوداء، حيث يواصل مالكو السفن وشركات الشحن والتجار بيع النفط الخاضع للعقوبات للراغبين في المخاطرة بشرائه.
ومن المقرر أن يؤدي الحظر الذي يفرضه الاتحاد الأوروبي على صادرات النفط الخام الروسي، وسقف أسعارها الذي تم اعتماده منذ 5 ديسمبر، إلى زيادة الشحنات غير المشروعة من النفط إلى دول خارج الاتحاد الأوروبي ومجموعة الدول السبع التي لم تنضم إلى ما يسمى بائتلاف سقف الأسعار.
وفي الشهر الماضي ارتفعت صادرات روسيا من النفط الخام والمشتقات إلى 8.1 مليون برميل يوميا، صعودا من 7.5 مليون برميل يوميا.
ويُعتقد بالفعل أن روسيا تعمل على تعزيز “أسطول الظل” من الناقلات لشحن نفطها خارج سقف الأسعار وبقواعد اللعبة التي تعتمدها إيران وفنزويلا لتصدير كميات كبيرة من الخام والمشتقات.
روسيا ستلجأ بشكل متزايد إلى التهرب من العقوبات مثل إخفاء بياناتها أو الخداع لتصدير كميات من الخام
وتقول المحللة تسفيتانا باراسكوفا في تقرير لموقع أويل برايس الأميركي إن روسيا يمكن أن تستخدم تكتيكات مجربة ومختبرة لتصنيف النفط على أنه مصدّر من مكان آخر، وتزوير مواقع الناقلات عبر بيانات نظام التعرف التلقائي لإخفاء النشاط الذي يحدث على بعد مئات الأميال من المكان الذي كان يجب أن تكون فيه
الناقلات.
وباستخدام أساليب انتحال مختلفة لا يزال بإمكان منتجي النفط الخاضع للعقوبات وبائعيه عرض منتجاتهم على المشترين الذين سيسعدهم الحصول على النفط الخام بخصم كبير.
ولكن إغراء جميع المشترين لا ينجح، لاسيما أولئك الذين لديهم ولايات قضائية ذات ضوابط صارمة مثل الولايات المتحدة، بتجاهل الدلالات والمخاوف من منشأ البضائع. ولا يشعر المشترون الآخرون، وخاصة شركات التكرير الصينية المستقلة، بالانزعاج لأن أولويتهم تكمن في شراء النفط الخام منخفض السعر وتحقيق أرباح جيدة من تكريره.
وتواصل الصين، أكبر مستورد للنفط في العالم، شراء الخام الإيراني والفنزويلي، الذي غالبا ما يكون مصنفا على أنه خام من ماليزيا أو عمان، وفقا لتقارير تحليلية وتحقيقات مختلفة صدرت خلال السنوات القليلة الماضية.
ويشعر المشترون خارج الصين بالقلق من التعرض للعقوبات ويتطلعون إلى تجنب الخام الغامض ذي المنشأ المشبوه.
وكانت إحدى هذه الحالات الأخيرة عرضا للمشترين في منطقة هيوستن، قلب صناعة تكرير ساحل الخليج الأميركي. وقد عرض التاجر جوناثان بليميل من سايدوولكز هولدينغز مؤخرا النفط الخام الثقيل على أساس أنه قادم من المكسيك مع عرضه بخصم هائل قدره 30 دولارا للبرميل مقارنة بالمؤشر الأميركي. وفوّت المشترون المحتملون العرض على الرغم من كونه رخيصا ومغريا كما بدا، لأنهم كانوا قلقين بشأن مصدره، وشككوا في كونه من المكسيك، حسب ما أفادت به بلومبيرغ هذا الأسبوع نقلا عن بليميل والتجار الآخرين في منطقة هيوستن الذين تلقوا عروضا جذابة بالمثل في العام الماضي.
وأخبر بليميل بلومبيرغ بأنه لا يمكنه التأكد من مصدر النفط الخام ولا يمكنه الإجابة عن العديد من الأسئلة من المشترين المحتملين. وقال “هل يمكن أن يكون النفط من الآبار المهجورة في المكسيك؟ من فنزويلا؟ بصراحة لا أستطيع أن أجزم”.
وأظهر تحقيق أجرته رويترز مؤخرا أن فنزويلا تستخدم وثائق مزورة وناقلات مرتبطة بطهران ومعروفة بنقل الخام الإيراني الخاضع للعقوبات في الماضي. وأظهر التحقيق أن فنزويلا تبيع النفط لمصافي التكرير الصينية، وتحوله إلى خام ماليزي في الوثائق.
وتشتهر المياه الماليزية بعمليات النقل من سفينة إلى أخرى وخلط النفط الخام لإخفاء المصدر الحقيقي للنفط الإيراني والفنزويلي. وأظهرت بيانات الجمارك الصينية هذا العام في بعض الأحيان الكثير من الواردات من ماليزيا إلى درجة أن المحللين والمراقبين يعتقدون أن الصين تواصل استيراد النفط الخاضع للعقوبات والذي تمرّره على أنه قادم من عمان أو ماليزيا.
واستوردت مصافي التكرير الصينية المستقلة في الشهر الماضي كميات قياسية من الخام الإيراني على أساس أنها قادمة من ماليزيا أو عمان أو أي مكان آخر، وفقا لبيانات تتبع ناقلة فورتيكسا التي نقلتها رويترز.
ويقول المحللون إن روسيا ستلجأ بشكل متزايد إلى التهرب من العقوبات مثل إخفاء بياناتها أو الخداع. وجمعت “أسطول ظل” من الناقلات لشحن نفطها الخام خارج سقف الأسعار، وتعتمد بعض التقنيات التي تتبعها إيران وفنزويلا، المدرجتان في قائمة الدول “الصديقة” لموسكو.
وحُددت ناقلات تحمل الخام الفنزويلي وتقوم بتزوير مواقعها خلال العام الماضي. وضُبطت في هذا الصيف ناقلة ترفع العلم الروسي في البحر المتوسط تزوّر نظام التعرف التلقائي، وفقا لبحث أجرته منظمة غلوبال فيشينغ ووتش الدولية وسكاي تروث هذا الأسبوع.
وأظهر التحقيق في تحركات الناقلة الروسية كابيتان شيميلكين أن السفينة غيرت إشاراتها لتُظهر خطأ أنها كانت قبالة اليونان، بينما كانت بالقرب من مالطا وقبرص.
وقالت منظمة سكاي تروث الأميركية “سيثبت هذا كونه أول اكتشاف لناقلة ترفع العلم الروسي تبث إحداثيات زائفة من بين العديد من الناقلات المشابهة”.