السوري يفضل العيش في مخيم اللاجئين على العيش في الأردن

مأساة فقدان العمل وارتفاع أسعار الغذاء والوقود ترهق اللاجئين السوريين.
الأحد 2023/02/05
تحسين الخدمات داخل المخيمات عامل جاذب

عمان - يتخذ بعض اللاجئين السوريين في الأردن خيارًا مؤلمًا بعد أن واجهوا مأساة فقدان العمل وتضرّروا من ارتفاع أسعار الوقود والكهرباء، ويقررون الانتقال إلى مخيمات اللاجئين التي اعتقدوا أنهم تركوها وراءهم.

وتخلى عبدالله حسن الجسيم، وهو أب لطفل يبلغ من العمر عامين تقريبًا، عن فكرة العيش والعمل خارج مخيم الزعتري وتقدم الآن بطلب الانتقال إلى هناك بشكل دائم.
وقال الجسيم البالغ من العمر 22 عاما لرويترز “رأيت كيف تسير الحياة وتعلمت. لم نتمكن من العيش”.

وانتقلت 190 عائلة سورية إلى المخيم من المجتمعات المضيفة في الأشهر العشرة الأولى من 2022 وفقًا لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. وكانت هذه زيادة حادة بعد أن كانت 124 عائلة اتخذت هذا القرار خلال 2021 بأكمله.

الحكومة الأردنية كأنها تشجع الناس على العودة إلى المخيمات بجعلها جذابة للأشخاص الذين يعانون من مشاكل مالية

ويرجّح السبب في ذلك إلى ارتفاع أسعار الغذاء والوقود والإيجار والطاقة، حيث يمر الأردن، مثله مثل دول أخرى في جميع أنحاء العالم، بسلسلة من الصدمات الاقتصادية التي تسارعت بسبب أزمة غلاء المعيشة العالمية.

وبلغ معدل البطالة 23 في المئة في الربع الثالث من العام الماضي، حسب مكتب الإحصاء في البلاد. وبالنسبة إلى النساء والأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عامًا، كانت الأرقام أكثر مأساوية، مع 33 في المئة من النساء و47 في الماة من الشباب العاطلين عن العمل.

وبلغ معدل التضخم السنوي 4.36 في المئة في ديسمبر 2022، وكان للوقود والكهرباء المساهمة الأكبر في ذلك إلى حد بعيد، حيث بلغت أكثر من ثلث الارتفاع المسجّل.

واندلعت أعمال عنف أيضا وقتل ضابط شرطة كبير بالرصاص خلال مظاهرات احتجاجا على أسعار الوقود في مدينة معان الجنوبية الفقيرة الشهر الماضي.

وخلقت المشاكل المتصاعدة ظروفاً صعبة للعديد من اللاجئين الذين يكافحون بالفعل لبناء حياة جديدة مع دخول بلادهم العام الثاني عشر من الحرب، ويقولون إنهم لم يعودوا يستطيعون التأقلم بعد الآن.

وفرّ الجسيم من منزله في درعا في جنوب غرب سوريا إلى مخيم الزعتري، وهو الأكبر في البلاد وموطن ما يقرب من 80 ألف لاجئ، في عام 2013.

وأمضى هناك أسبوعًا قبل أن ينتقل إلى مدينة المفرق القريبة. وعمل في الغالب في مزرعة، ولم يعد إلى المخيم إلا من حين إلى آخر للبقاء مع والديه. وقال إن “أصعب الأمور كانت الإيجار والكهرباء”، مضيفًا أن السبب الرئيسي لعودته إلى المخيم هو الاستفادة من المساعدات التي تقدمها وكالات الأمم المتحدة.

وعلى الرغم من المساعدة، فهو الآن مدين بمبلغ 1200 دولار بعد تجديد ملجأ جاهز صدئ ومليء بالعفن ينوي الانتقال إليه مع زوجته وطفله.

ويضغط العائدون أيضًا على المفوضية لأن المفوضية، التي تدير بالفعل مخيمات مكتظة، تحتاج إلى توسيع خدماتها للتعامل مع الأمر، وفقًا للمتحدث باسم المفوضية رولاند شونباور.

يستضيف الأردن ثاني أكبر عدد من اللاجئين السوريين في العالم بعد لبنان، وهو الآن موطن لأكثر من 670 ألف شخص حسب الأرقام الرسمية.

وتقول المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن معظمهم يعيشون في مجتمعات حضرية خارج مخيمات اللاجئين.

طريق العودة صعب
طريق العودة صعب

وقال شونباور عبر البريد الإلكتروني إن “حجم المخيم محدود ولا يمكن وضع إضافات جديدة. لذلك، فإن الأشخاص الذين ينتقلون إلى المخيمات يعيشون في مساحات محدودة بالفعل من الحاويات التي تجاوزت عمرها الافتراضي”.

وقالت الباحثة في هيومن رايتس ووتش هبة زيادين إن الحكومة الأردنية بدت وكأنها تشجع الناس على العودة إلى المخيمات بجعلها أكثر جاذبية للأشخاص الذين يعانون من مشاكل مالية.

وأضافت “بينما لا نريد أن ننتقد تقديم الخدمات والمزايا في المخيمات، فإن جعل الحياة خارجها أفضل للاجئين سيكون نهجًا أكثر استدامة على المدى الطويل”.
ولم ترد منصة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية، وهي شراكة بين الحكومة الأردنية والمانحين ووكالات الأمم المتحدة، لطلب للتعليق.

وقالت زيادين إن اللاجئين الباقين في المجتمعات الخارجية سيعودون بالفائدة على أنفسهم وعلى السكان المحليين، حيث يعزز ذلك المرونة والتماسك الاجتماعي.

وغادر محمد رياض، البالغ من العمر 32 عامًا، سوريا في نهاية 2012. وأراد مثل الجسيم أن يجرب العيش خارج المخيم.

المفوضية تلقت 13.8 مليون دولار فقط مع نهاية 2022 من قيمة نداء المساعدة النقدية لفصل الشتاء البالغة 46 مليون دولار، والتي غطت ثلث الاحتياجات الشتوية للاجئين

ولكنه واجه ما شهده الآخرون الذين عادوا، حيث كان سعر الإيجار ونقص فرص العمل هو ما دفعه للعودة إلى مخيم الزعتري قبل انتشار جائحة كوفيد – 19 في 2020. ويقول الآن إن الحياة داخل المخيم “أفضل مئة مرة من خارجه”.

ووجد رياض مؤخرًا عملاً في متجر هواتف بالقرب من المخيم وقدم طلبًا إلى السلطات الأردنية للاستقرار بشكل دائم في الزعتري، معتقدًا أن ذلك يعني أيضًا حياة أفضل لأطفاله الأربعة الذين لم يعد قلقًا بشأن صحتهم. وكان الأطفال يعانون من الحساسية والربو وكنت أضطر إلى نقلهم إلى المستشفى بالسيارات. كنا نكافح”.

وحصلت عائلات سورية لاجئة في الأردن، تتلقى مساعدة منتظمة من الاحتياجات الأساسية وأخرى تعيش في المخيمات، على مساعدات مالية “مخفضة” من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بلغت 70 ديناراً أردنياً لكل أسرة (نحو 98 دولاراً). كما تلقت الأسر غير المستفيدة من المساعدات النقدية والمعرضة للخطر الشديد مساعدات بقيمة 95 ديناراً أردنياً (نحو 138 دولاراً)، وفق تقرير للمفوضية.

وكانت المفوضية تخطط لزيادة قيمة المساعدة النقدية للاستعداد لفصل الشتاء الحالي إلى ما يعادل 380 دولاراً لكل أسرة، في ضوء التضخم وارتفاع الأسعار، إلا أن نقص التمويل حال دون ذلك.

وقال ممثل المفوضية في الأردن دومينيك بارتش إنه “إذا لم يتم اتخاذ أيّ إجراء الآن، فستكون المعاناة الإنسانية والكلفة للمجتمع الدولي أكبر بكثير”.

وتلقت المفوضية 13.8 مليون دولار فقط مع نهاية 2022 من قيمة نداء المساعدة النقدية لفصل الشتاء البالغة 46 مليون دولار، والتي غطت ثلث الاحتياجات الشتوية للاجئين الذين يشكل السوريون معظمهم.

6